أقلام

قالت جدتي

رباب حسين النمر

ويعود شهر الله حاملًا مع أجوائه سلة من الذكريات، تنتثر ملامحها على شاشة القلب فيمتلئ بالحنين، ويشع بالنور. ولا سيما حين يندلق ذلك الزمن الجميل الذي يطلقون عليه (جيل الطيبين)، ومنهم جدتي (أم حسين) رحمها الله. لم تكن جدتي تعلق في شهر الله فانوسًا ولا تشعل شموعًا، ولا تفرش على الموائد أغطية ملونة ومزركشة، بل كانت تمتد سفرتها على الأرض وتملأها بأصناف من الطعام لم نكن نتناولها في موسم آخر غير شهر رمضان المبارك. كنا نتحلق حولها وهي تلف السمبوسة، وتصب اللقيمات، وتضرب الهريسة، وتحرك الساقو، وتجهز أكواب الجلي الأحمر اللذيذ. كان تفوح من مطبخها كل غروب روائح رمضانية مميزة تغرينا بالهروب من بيوتنا والمكوث عندها لدفء الاجتماع الأسري ولتميزها في فنون الطهي، كان طبق جدتي ألذ طبق. حينما كبرت وأصبحت أمًا جلست ذات يوم رمضاني معها نحتسي الشاي بعد تناول الإفطار، فبسطت معي ذكرياتها الفاتنة.

كان حديثها مبللًا برائحة الماضي، مفعمًا بعبق الذكريات حيث تنبعث من خبايا النفس، من صندوق الأفكار ذكريات بعيدة، آتية من بقايا الماضي، حيث (فرجان الأحساء) مادة أذرعتها الرملية، محتضنة بيوتها الطينية المتراصة، عبر أزقتها الضيقة وممراتها الملتوية. وفي نبش سجل الذكريات ونفض غبار النسيان عن الذاكرة المتعبة نكهة متميزة وطعم في تذوقه متعة يتيمة. هنا جدتي ( أم حسين المحمد الحسين) تعيدنا إلى رائحة التراث، إلى أريج البيوت الطينية، إلى أضواء الفوانيس التي تغازل هدوء المساء، إلى هدأة الليل النازح كل مغيب. فماذا قالت جدتي؟

للطفولة ذكريات محفورة في الذات لا تمحوها عوامل الزمن . فأين ولدتِ ؟ ومتى ؟ وما هي ذكريات الطفولة ؟

ولدت في مدينة الهفوف وبالتحديد في بيت أهل أمي (منزل سليمان السليمان) ولم تفتح عيناي إلا وقد وجدت نفسي يتيمة فقد توفي والدي (أحمد بن محمد المسلم رحمه الله تعالى وغفر له) حين كان لي ربيع واحد من العمر، وكان لي أخت واحدة هي (مريم أم جعفر السليمان) وكان عمرها حينذاك أربع أو خمس سنوات. وكانت أمي حاملًا بأختي (آمنة أم محمد حسن النمر) في شهرها الثاني. ولذا ترعرعت في بيت جدي لأبي (محمد المسلم) وجدتي لأبي (فاطمة بنت حسين المحمد صالح) وبقيت هناك حتى تزوجت.

الجيل الحالي تزدحم في بيته المتع من إنترنت وألعاب إلكترونية وأجهزة راديو وتلفاز ، وقصص وكتب مصورة، كيف كنتم أنتم الأطفال تقضون النهار وكيف كنتم تحصلون على المتع؟

كنا نخيط (الكردية) بأيدينا وهي عبارة عن عود نغطيه بالخرق ونخيطها عليه ثم نضيف الأيدي والأرجل. وكنا نلعب بهذه الكرادي، وكذلك نلعب اللقصة بالحصي. أما (الشكّة) فقد كانت لعبة مخصصة للأولاد. وكذلك (المقوّرة والزنبور: الدوامة. وكان الرجال في فصل الشتاء يخيّمون في البر ويصطادون الجراد ثم يحملونه إلى المنازل (فنفوّح) بعضه ونأكله و(ننشر) البعض في السطوح لبيعه أو استخدامه في وقت آخر، وكذلك كانوا يجمعون (الطراثيث) ولكن لم نكن نلهو كثيرًا لأننا مكلفون بأعمال أخرى تساهم في رفع اقتصاد المنزل ومدخولاته. فعلى سبيل المثال كنا نقوم بغزل الصوف حيث يُحمل إلينا (جزة الصوف) فننفشه ثم نغزله على المغزل ونلفه على أيدينا وأرجلنا على هيئة خيوط ويحمله آباؤنا إلى (الحيّاك) الذين يستخدمونه في النسيج والخياطة. كنا مكلفين أيصًا بأعمال منزلية: (نخم) الحوي بالعسو، ونزعب الماء بالدلو من البئر، ونعبي المصاخن، ونغسل المواعين، ونطهّر اللحم، ونغسل العيش، ونراقب جدتي (أم أبي) وهي تعجن وتخبز الأرغفة بالتنور، وندق حب الهريس حتى يطير القشر، ونطبخ اللحم والمرق.

بيت اليوم ملتحف بالترفيه: إضاءات كهربائية، غسالات، ثلاجات، مدافيء، فرش، أثاث، ستائر، حمامات مجهزة، جاكوزي، زينة وديكور. فأين بيت الأمس من بيت اليوم؟

عشنا في بيوت طينية قديمة، في الليل (نشب) السراج، ويصبون (القاز) في الزجاجة، ويشعلون الفانوس ثم يعلق في السقف. أما الطبخ فلا فرن ولا مطبخ. كانوا يستخدمون إحدى غرف المنزل المحيطة بالحوي التي يسمونها لواوين، وكانوا يحضرون لتلك الغرفة المناصب (ثلاث صخور كبيرة مثل أثافي امريء القيس) ثم يجمعون الحطب ويضعونه وسط المناصب ويشعلون النار ويطبخون. ويبنون التنور للخبز بنفس الغرفة أيضًا. كنا نذهب منذ الصباح الباكر إلى عين (الحارّة) أو عين (مرجان) أيام المبرز، وعين (أم حقل) و(أم خريسان) أيام الهفوف. نذهب إلى العين ونغسل الملابس ونستحم ثم نعود عصرًا، وليس هناك غسالات ولا نشافات ولا تلفزيونات ولا كهرباء.

وماذا عن المدارس والكتاتيب؟ هل درست ِ في المطوّع أو المدرسة ؟

مذ وعيت على وجه الدنيا كانت هناك مدارس للأولاد في الهفوف، أما البنات فكن يذهبن فقط إلى المطوّعة لقراءة القرآن الكريم، أما المبرز فقد تأخرت المدارس فيها عن الهفوف قليلًا. حيث كان ( عبدالله المحمد الحسين، وأحمد المحمد الحسين) من الملتحقين بأوائل المدارس التي فُتحت هناك. أما عني فلم أذهب لا للمدارس ولا للكتاتيب لأني طفلة يتيمة ليس لدي أب يدخلني أو يلحقني بالدراسة، ولقلة ذات اليد أيضًا.

ماذا تحمل ذاكرتك عن قصص أيام الخطوبة والزواج؟ كيف تزوجتِ؟ وماذا عن المهر؟ كيف كان استعدادكِ للزواج؟ وكيف احتفلوا بهذا الحدث السعيد؟

كنت (مسمّية) لابن عمتي لما كان عمري عام واحد. ولذا لما قرروا إتمام زواجنا فأحضروا مهري وقدرة ثلاثمائة ريال (أكثرهن بركة أقلهن مهرًا) أحضروه في صرار أخضر مع ملح وخردة وفلوس ومشموم. وأحضروا قطعًا من القماش، و(سوّوا مولد، ووزعوا مخلّط وملبّس وحب ونقل) أما عن التحضير لليلة الزفاف فقد بدأنا نجهز ثوب الزفاف وكانوا يسمونه (المجرّحة) وهو عبارة عن قماش أسود يجرّحونه بقماش أحمر وأصفر ويطرزونه ببريسم ملون: أحمر، وأصفر، وأخضر. كان الثوب جميلًا ورائعًا وفخمًا. ولم نأخذ الثوب للخياط بل خيطناه في البيت. في صبيحة ذلك اليوم ذهبنا للماء واغتسلت و(دعكوني) ثم عدنا وبدؤوا (يعجفوني) ويزيننوني وكانت الزينة عبارة عن (حلاق) حلاق وهو خرز أزرق مع ذهب في سبع حلقات يوضع على نصف الرأس الخلفي) و(شجايج وهي فصوص زرقاء وسلاسل ذهبية تزين بها أطراف الشعر) ومشموم في الشعر وزعفران. (ويقصون القذلة) وتلبس العروس الخصور ( وهي أساور مصنوعة من أحجار كريمة ملونة: أحجار سوداء مخططة باللون الأبيض، وأحجار شاخ أحمر (عقيق) ومرجان وذهب وملابن وفيروز ورعاف (عقيق أحمر). وكانت العروس آنذاك تلبس أيضًا معاضد ذهب ومرامي فضة وخواتم. بعد ذلك غطوني برداء جميل أحمر ومبكر بألوان جذابة. ثم حملتني أربع نسوة أو خمس على (زولية) وزفوني إلى زوجي في غرفة مزينة وجدرانها مغطاة بالسجاجيد. ثم جاء دور غسلة الرجل. في ذلك الوقت لم يكونوا يجلسون العروس ليلة العرس بل في (الصباحة) ويوم ثاني ويوم ثالث. ليلة العرس كانوا يطبخون ولائم وذبائح للنساء وللرجال. وفي الصباحة كانوا يطبخون غداء (عيش ولحم) ويوم ثاني يطبخون مفلق، وثالث يوم يطبخون هريس. والليلة الثالثة كانوا يطبخون عشاء للرجال ويقيمون مأدبة كبيرة يدعون إليها الأهل والمعارف. أما قبل الزواج بيومين كانوا يسوون ممروس. الجلسات سابقًا كانت كثيرة في الأعراس ولكنها لم تكن مكلفة مثل الزواج الآن، ولم تكن تحتاج إلى مصاريف كثيرة، وكانوا يكتفون بأشياء بسيطة.

الحمل حدث مميز في حياة المرأة ولا سيما الحمل الأول. ماذا عنه؟ وكيف كان الاستعداد لاستقبال المولود؟

كان حملي الأول بعد الزواج بخمسة أشهر. وسقط الجنين لشهرين ونصف، ثم حملت ببكري (حسين) وقد بدأت أستعد لاستقبال المولود أثناء الحمل حيث كانوا في تلك الأيام يخيطون للطفل ملابس ويهيئون له فراشًا من بقايا أثواب وغتر والده القديمة. وكانوا (يعجفون) صوف أبيض وأسود لعمل (مقاط)، وقد اشترينا (منز) وهيأت له أربع رفائد من كل جانب وتحت الرأس رفادة وأخرى تحت الرجلين. وكذلك هيأت له ديباج وحشوته بخرق وخيوط وصنعت له لحافًا. كان هذا السرير يكفي الطفل حتى عمر السنتين . لم ألد في المستشفى كما يحدث اليوم، بل جاءت (المولدة) أو القابلة إلى بيتنا لما حان وقت الولادة، ووضعت بكري (حسين) في المنزل، وقامت بتنفيسي عمتي (أم علي) -رحمها الله – فكانت تعد لي العصيدة وعيش الثوم والحلبة. وفي الأيام العشرة الأولى جاء الأقارب والقريبات (يتحمدون السلامة) ولم تكن فترة الزيارة تمتد مثل الآن حتى الشهر أو الأربعين يومًا.

وماذا عن ذكريات مسكنك الأول وأسرتك الأولى الصغيرة؟

لما تزوجت سكنت بيت (محمد الحسين) في غرفة مع أطفالي، وغرفة تسكنها عمتي (أم علي) وزوجها (عمي محمد الحسين)، وغرفة ثالثة لسلامة المبارك مع أعمامك (حسين وعبدالله وعماتك آمنة وبتلة). ولما تزوج حسن كانت له غرفة هو وزوجته آمنة أم محمد. ولما توفي جدك (محمد الحسين) رحمه الله- كان مجلس البيت من نصيبنا فقسمناه على شكل بيت صغير.

صفي لنا جدنا (محمد الحسين) رحمه الله وأسكنه فسيح جناته

كان شكله أقرب إلى ابنه الصغير (أحمد)، وكان رجلًا خيّرًا ليّن الطبع ذا أخلاق عالية وصفات حميدة. عرف بالجود والكرم، فقد كان مجلسه مفتوحًا للزائرين، فمنذ الصباح الباكر كان يجهز قهوة السيد ناصر (والد السيد علي السلمان) ويعد التمر والماء البارد. ولما توفي السيد ناصر استمرت القهوة للسيد حسين. وبعد وفاة السيد حسين كانت القهوة للسيد محمد (زوج أم السيد علي السلمان)، وعند الضحى كان يحمل اللبن لغير المقتدرين من أبناء العائلة، ولما يحين وقت (الصرام) كان يحمل لهم التمر والثمار. وكان أيضًا يساعد الشباب المقبلين على الزواج ممن يعاني ضيق ذات اليد، فقد كان يساعده ويزوجه. وكان أيضًا مشهورًا بالطب والعقاقير فيعالج الأطفال المصابين بالإسهال، ويعالج الدمامل. ولما ذهب في إحدى رحلاته إلى الهند أحضر معه (موميان) وكان يعطي منه من يُصاب بالكسور، وكانوا لهذا السبب يتعافون بسرعة من كسورهم وإصاباتهم. عشت مع جدك (محمد الحسين) سنتين أو ثلاث سنوات تقريبًا. كان يسافر كثيرًا، وقد سافر قبل وفاته إلى العراق لزيارة العتبات المقدسة مع جدتك (أم علي) لمدة سبعة أشهر. ولما عاد ولدت بـ (حسين)، وبعد ولادتي بشهرين توفي رحمه الله. تزوج (محمد الحسين) أولًا بخالتكم (أم سلامة) وأنجبت كثيرًا من الأطفال فماتوا، ولم يعش منهم إلا سلامة. ثم تزوج (بنت البن سعد) والدة عمتكم (شهربان) ثم مريم أخت حسين العبدالله ( أم عايش النمر) أنجبت ولدًا ومات صغيرًا،ثم طلقها وتزوج جدتك (أم علي) وهي التي أنجبت له أكثر أولاده.

ما هي رحلة انتقالك من (بيت محمد الحسين) إلى (بيتكم في حي بورشيد)؟

بقينا في بيت المحمد الحسين حتى بعد وفاته بفترة، ثم انتقلنا إلى مدينة الدمام وسكنا بجانب (بيت غانم) في الشارع الذي يسمى الآن (شارع الحب) مع حسن وحسين المحمد الحسين، وسكن في المنزل أيضًا شريكنا محمد العلي وزوجته أم علي. ولما توفيت أختي آمنة أم محمد حسن عدت إلى بيت المحمد الحسين في الأحساء. بعدها استأجرنا جميعا (بيت بن بسام) في الدمام (الديرة) علي وحسن وحسين وعمتي أم علي. كان بيت بن بسام عبارة عن قسمين : القسم الأول كان مخصصًا لإقامة العوائل، والقسم الثاني كان مجلسًا للرجال وسكن العزابية المخصص لسكن الصبيان الذين نزحوا من الأحساء للعمل في صياغة الذهب مثل عايش الميدان، وعلي المحمد علي، ومحمد المبارك (بو علي وعبدالله المبارك) وسلمان العبدالله وحسين ولد حسن. والمجلس كان مخصصًا لاستقبال الضيوف وللقراءة الحسينية والرمضانية. ثم استأجرنا نحن وعمك حسين بيت يطل على البحر. ثم بنينا بيت ملك في الشعيبة. وأخيرًا بنينا هذا البيت في حي بورشيد.

ماذا تتذكرين عن أول أحفادك وآخرهم؟

أول حفيدة لي كانت (رباب بنت حسين) وقد ولدت في مستشفى الدمام المركزي ووضعناها في (منز) كأبيها وأمها. وقد جهزتها أمها وهي حامل فخاطت لها ملابس جديدة، فرحتنا لم تسعنا بولادة رباب، فقد تلقفناها جميعا، وقد كانت عماتها وخالاتها يتسابقن على حملها وملاعبتها. أما آخر أحفادي فهي (فرح بنت بو حبيب) وقد ولدت في مستشفى الولادة والأطفال بالدمام ونامت في سرير حديث.

خرج من بين يديك جيل ناجح من رجال الأعمال والاقتصاديون . ما هو الدور الذي لعبته كأم في تخريج هذه الدفعة الناجحة ؟

كان الدافع ينبع من ذواتهم، وقد درسوا في المدارس وكانوا يمارسون حرف بأيديهم في بداية حياتهم. (كانوا متحركين)، (حسين) كان يمارس حرفة النجارة وهو صغير (ينجر كراسي وطاولات ودواليب. حتى الدولاب الذي كنت أرتب فيه ملابسهم كان من صنع حسين)، إضافة إلى إتقانه أعمال الكهرباء والسباكة، فقد كان يصلح أعطال الكهرباء ويسلك بيبات الماء ويصلح أعطال السباكة والولوف. أما أحمد فقد كان خطاطًا منذ نعومة أظفاره، وكذلك محمد مارس فن الخط على الرخام والبلاستيك، ولكني كنت (أفيخ) منهم و(أهاوشهم) لأنني كنت أتضايق من الفوضى التي تحدثها هذه الأعمال وتزاحمنا في منزلنا الصغير، فالأرض مفروشة بنشارة الخشب وكسارة الخشب وبالمسامير وبيبات الحديد، والمنشار على الأرض (فالأم تدفع ضريبة نجاح الأبناء)، وبيتنا كل مغربية مليان بنات يخط لهم أحمد لوحات مثل بنات اليوسف وبنات عمتك سلامة. والبيت كله لوحات (ملوّحة) ومنشّرة وأقلام خط. وكذلك كانوا يوسخون ملابس كثيرة بسبب ممارسة هذه الهوايات و كنت أتعب كثيرًا في غسلها وتجفيفها وكيها. وإن كانت تلك الحرف قد ساعدتهم اقتصاديًا. ولما طلع الصباح سكتت شهرزاد جدتي عن حكاياتها والكلام المباح،

شكرًا جدتي لجميل استضافتك، ورحابة صدرك على تحمل أسئلتنا وعناء الإجابة عنها. عطلناك عن سحوركِ. ولكن بالمقابل كانت وجبتنا نحن دسمة ولذيذة ومتخمة بالذكريات الحلوة سلمتِ لنا يا تاج رؤوسنا.

مقابلة أجرتها رباب النمر مع جدتها/ ام حسين المحمد حسين النمر عام 2008م.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى