بشائر المجتمع

البقشي يسرد الذاكرة الشعبية لليالي الرمضانية الأحسائية

بشائر- الأحساء

أكد أدباء ومثقفون أحسائيون على أهمية تدوين التراث الشفاهي الذي تزخر به الأحساء، وتساءلوا عن أسباب عدم توثيق التراث الرمضاني عبر الكتب رغم ما تزخر به الأحساء من أدباء وكتاب ومثقفين.

جاء ذلك بالأمسية التي أقامها صالون بوح الثقافي في مقهى الصحن الأزرق يوم أمس الأول بعنوان (رمضان في الثقافة الشعبية الأحسائية)، والتي استضاف فيها الأديب عصام البقشي وأدارها القاص والإعلامي هاني الحجي بحضور نخبة من الأدباء والمثقفين، تحدث فيها البقشي عن أهم الذكريات الرمضانية من خلال استقبال الشهر عند الأهالي وعن (بو طبيلة) والقرقيعان وجبل الطوب ووداع شهر رمضان، وأشار إلى أنه قبل دخول الشهر يتم شراء المؤنة الرمضانية بما يكفي مثل( البر والطحين، ولعدم وجود حافظات يؤجل شراء اللحم والخضار، وما أن يعلن دخول ليلة رمضان حتى يبدأ الأهالي بتبادل التبريكات، وتفتح المجالس للاستقبال ويقدم فيها التمر أو الرطب والقهوة و«الشربت» عصير الليمون البارد، وجميد الليمون الحساوي، ويفتح الأعيان والوجهاء مجالسهم لاستقبال المهنئين بقدوم الشهر الكريم، وتتبادل الزيارات بينهم في مدن الأحساء وقراها.

تستهل ليالي رمضان في المجالس بترتيل القرآن الكريم، ثم تُقرأ أدعية، وفي نهاية الشهر الكريم يقام حفل لختم القرآن الكريم.

ومن المظاهر الرمضانية اليومية مدفع الإفطار الذي يؤذن بحلول موعد الإفطار حيث تنطلق قذيفته باتجاه (جبل الطوب) في الهفوف فتتجه إليه الأنظار.

يقول البقشي “عرفت الأحساء بعيون الماء التي تصبح في نهار رمضان مكانًا للصائمين للتبريد من حرارة الصيف، في عيون الماء مثل (الأخدود، وأم سبعة، والحارة، وباهلة، وسليسل، والرقيع، والثبارة) يرتادها الناس من مختلف الأعمار، ولأن الأحساء تشتهر بالزراعة كانوا في الماضي يتهادون منتجاتهم من الحقول كالرطب والتمر والفجل وبعض الخضراوات”. وتحدث البقشي عن (النقصة)، وهي تبادل الأسر ما تعده النساء من صواني الطعام ومن ضمنها رعاية الأسر المحتاجة على وجبات الفطور (كالهريسة، واللقيمات، والقيمة، وخبز المسح مع اللبن والتمر، وهي جميعًا من المواد الرئيسة في سفرة الفطور، بينما يتناولون كبسة العيش (الرز) الحساوي مع اللحم أو الدجاج للسحور، كما يحرص رب الأسرة على توفير (حاجات رمضان) وهي المواد التي تعد منها الأكلات الرمضانية كالحبّ الحساوي (القمح)، والعيش الحساوي والساقو والبقوليات وغيرها،ويكون سوق (القيصرية) عامرًا خصوصًا قبيل منتصف شهر رمضان بمناسبة احتفال الأهالي بيوم (القرقيعان)، كما ينشط فيها سوق رديف للقيصرية يمتد على طول القيصرية، ثم انتقل في الستينات إلى الوطأة ثم إلى «دروازة الخباز» ويرتاد الأهالي هذا السوق للتبضع من المكسرات والحلويات.

ويتابع “من مظاهر رمضان التي ما تزال باقية حتى اليوم هو يوم النصف من الشهر ويسمى (القرقيعان)، وهو احتفال يشارك فيه الأولاد والبنات حيث يمرون على المنازل وكانوا يقدمون لهم في الماضي حبّ (نخج) وحلويات و(زردة) وينشدون أهزوجتهم (قرقع قرقع قرقيعان يام قصير ورميضان….عطونا الله يعطيكم بيت مكة يوديكم)

يُعطى الأطفال هذه المكسرات من صحنٍ كبيرٍ تغرف منه المرأة بقبضة يدها وتضعها في جيب الصبي أو كيسه أو طاقيته أو تنثره في بخنق الصبية، ويعد (بو طبيلة) من أهم مظاهر رمضان في الأحساء، وهو الشخص الذي يطوف الأحياء بليالي رمضان ويردد بعض الأهازيج التي تشجع النائمين على الاستيقاظ للسحور (أصحى يا نايم وحد االدايم……)، ويتبعه الصبيان من سكةٍ إلى سكةٍ ،وهم يرددون أهازيجه، أما بالنسبة للبنات فيكتفين بالتفرج عليه من بُعد بالوقوف أمام منازلهن أو الإطلالة عليه من النوافذ أو السطوح. وتزداد أهمية (بوطبيلة) في منتصف الشهر يوم (القرقيعان) فهو يتنقل بين الفرجان نهارًا وخلفه الأطفال، ويجمع ما يعطيه الناس من (القرقيعان) في كيسٍ محمولٍ على حمار ويتجول في العشر الأواخر لجمع التبرعات والصدقات التي يحصل عليها، فمنهم من يعطيه فلوس، ومنهم من يعطيه مأكولات أو ملابس أو حتى زكاة الفطر التي ينوون إخراجها عنهم، وكان يردد (عادت عليكم) ويردد الأطفال المرافقون له (والشر ما يجيكم)، ويستمر في الطواف بالبيوت حتى منتصف النهار”. وأضاف البقشي: “ومن المظاهر السنوية التي تشهدها الأحساء في شهر رمضان المبارك قيام عددٍ كبيرٍ من الشبان والأطفال بنصب طاولاتٍ أو بسطة أوعرباتٍ لبيع البليلة والكبيدة والبطاطس. ويحقق الباعة لتلك المواد عائدًا ماليًا في نهاية الشهر الكريم”. وتحدث البقشي عن (البراحة) كمكان يجتمع فيه الأهالي من مختلف الفرجان والسهر في الرمضان الذي كان يسمح به للأطفال من الآباء.

في نهاية الأمسية تحدث المعلم العريق محمد الباذر عن أشهر أسماء (بوطبيلة ) في الأحساء، وعن توديع الرمضان الذي ينشد به بصوت حزين وتدمع عيون الأهالي لوداع الشهر، وتحدث عبد الكريم الممتن عن تحول رمضان إلى أشبه ما يكون بالمهرجان الاجتماعي خصوصًا في ليلة( القرقيعان)، وغرد المنشد خليل المويل بأهازيج رمضانية، وتحدث الأديب كاظم الخليفة عن (النقصة) و(البراحة)، وتطرق الشاعر علي النحوي لجانب من رمضان في قرى الأحساء، وفي مداخلة للدكتور إبراهيم منصور(مقيم مصري) أشار لتشابه العادات في رمضان بين الأحساء والحارات القديمة في مصر.
وختمت الأمسية بتقديم شهادة شكر وتقدير للضيف الأديب عصام البقشي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى