“غبقة رمضان” في الشرقية.. تفاخر وتباهٍ بين المجالس أفقد الشهر روحانيته
بعضها أشبه بحفلات الزواج.. وآخرون ينافسون على تقديم ما هو مميز

بشائر: الدمام
تشتهر المنطقة الشرقية بعادة تسمى “الغبقة” الرمضانية، وهي عبارة عن تجمع سواء عائلي أو اجتماعي، يتم خلاله تناول وجبة بين وجبتي الإفطار والسحور، وتضم أنواعاً متعددة من المأكولات الشعبية والعربية الشهية.
وتمتد لقاءات “الغبقة” إلى ساعات متأخرة بعد منتصف الليل، وفي بعض الأحيان تستمر حتى موعد الإمساك، وفيها يتسامر الحاضرون ويتحدثون فيما بينهم، إلى جانب ممارستهم لبعض الأنشطة الأخرى، مثل سرد القصص والحكايات الطريفة وطرح الألغاز والمسابقات الشعبية.
وفي كل عام تتحول “غبقة رمضان” من مناسبة اجتماعية تجمع الأهل والأصدقاء في أجواء روحانية، إلى سباق استعراضي بين البعض وتفاخر وتباه بمظاهر البذخ والإسراف بدءًا من قاعات الحفلات الفاخرة إلى الموائد العامرة بأشهى الأطعمة وأحيانًا حتى الهدايا الفاخرة للحضور.
الغبقة بين الماضي والحاضر
“غبقة رمضان” هي تقليد قديم في المجتمعات الخليجية، وتحديدًا في المنطقة الشرقية، حيث يجتمع الناس بعد صلاة التراويح لتناول وجبة خفيفة تضم الأكلات الشعبية في جو يسوده الودّ والتآلف، ولكن في السنوات الأخيرة أصبح هذا التقليد لدى البعض مناسبة للتباهي بمستوى الضيافة والمكان الفاخر والأطباق النادرة، وحتى دعوة الشخصيات المؤثرة والمشاهير، وتتحول بعض المجالس إلى حدث أشبه بحفل زفاف، حيث يتم استئجار قاعات فخمة وتقديم أصناف طعام عالمية، إضافة إلى تزيين الموائد بطريقة لافتة للنظر، مع وجود فرق موسيقية أو فقرات ترفيهية، وهذا المشهد يثير تساؤلات حول الهدف الحقيقي من هذه العادة! وهل أصبحت المنافسة الاجتماعية تطغى على روحانية الشهر الفضيل؟
وقال بعض حاضري الغبقات الرمضانية: إن الغبقة في الماضي كانت اجتماعًا على سفرة بسيطة نأكل التمر والقهوة وبعض المأكولات الرمضانية، وكان الجو مليئًا بالمودة، واليوم أصبحت الغبقات عرضًا للبذخ حتى أن البعض يشعر بالحرج إذا لم يقم بمثل هذه الولائم في منزله.
ورأى آخرون أن تطور الغبقات طبيعي وليس هناك مشكلة في الاحتفال بطريقة جميلة، ولكن حين يصبح الأمر منافسة في الصرف والمظاهر، فهذا يبعدنا عن الجوهر الحقيقي لروحانية شهر رمضان.
ويرى علماء الدين أن البذخ في الولائم يتنافى مع مقاصد شهر رمضان الذي يقوم على التواضع والإحساس بالفقراء، كما أن المبالغة في إقامة الموائد الفاخرة تتعارض مع القيم الإسلامية التي تحث على الاعتدال، مشيرين إلى أن الأفضل هو تخصيص جزء من هذه المصاريف لمساعدة المحتاجين.
واجتماعيًا، يرى مختصون أن التفاخر عادة اجتماعية قديمة لكنها زادت مع تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح الناس يسعون لعرض حياتهم المثالية أمام الآخرين، مما يخلق ضغوطًا على الفئات الأقل قدرة مادية.
مثل القمر في عتمة الليل ظاهر وغيرك يغيب في طلّت الصبح مابان.
في موروث أهل الأحساء الحبيبة، نلاحظ العتمة التي تسود في الجلسات التي يتجمع فيها الناس لشرب الشاي وتبادل الحديث والقصص والحكايات. كما يتم التطرق إلى قضايا المجتمع، وحضور المجالس التي تشمل الدعاء وقراءة القرآن الكريم والأذكار. إضافة إلى ذلك، تحظى المآتم والزيارات العائلية باهتمام كبير، حيث يقوم الوجهاء بتقديم السلام والتهاني بالشهر الكريم.