أقلام

معنى الجمال الحقيقي

علي آل ثاني

نقول إن الله جميل يحب الجمال. فما هو الجمال؟

الجمال صفة تدل على حُسنِ في الشكل والهيئة في كل إنسان، مما يبعث في نفس الناظر شعورًا بالإعجاب والميل إليه، لما رأى فيه من جمال جذاب وملفت وآسر للقلوب والعقول والنفوس.

ولكن الجمال الحقيقي يتعدى الحدود الظاهرة والمظهر الخارجي فهو يتمحور حول جمال الروح ونقائها المتمثلة في القيم والسلوكيات التي تجسد أسمى المْثل الإنسانية.

ولنا في رسول الله (ص) أسوة حسنة وهو القائل (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). وقد وردت آية قرآنية (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) تقصد النبي وهو سيد الكونين وقدوة لكل مسلم ومسلمة.

هذا الجمال يتجلى في العطاء والمودة والمحبة واللطف. أي يمكن لأي إنسان أن ينظر إليه ويعرف جماله من عدمه، أما في المعاني السامية للجمال الحقيقي فهو يرتبط بالخْلق الحسن والمنطق السليم والتواضع في التحية والسلام والشخصية الرزينة. والسلامة الفكرية والثقافية والتكوين الروحي والخلقي لكل نفسٍ إنسانيةٍ.

فمن يستمع إلى كلامك وينظر إلى جوهرك وما تبطنه في داخلك من فكر ومعتقد وذوق وتعامل راقي هنا ينكشف جمالك الحقيقي، أما من يكتفي بظاهرة لون البشرة فسيخدع من حيث لا يشعر ولا يرى غير كتلة متلونه زائلة لا دوام لها. ومع الأسف الشديد فإن معيار الجمال الحقيقي في المجتمع قد مسح نتيجة الفهم الخاطئ والتشويه الفكري والتقليد الأعمى للثقافة الغربية التي مسحت روح الجمال الحقيقي لدى البعض من أفراد المجتمع، أصبح معيار الجمال مع الأسف يقاس بلون البشرة، بينما في الحقيقة لو عدنا وتدبرنا في معنى الجمال الظاهر لوجدنا أن الجمال حقً الجمال ليس بلون بشرة فقط، بل في الجوهر وهذا واضح فالجوهر من منطق سليم، ومعتقد وفكر وثقافة ومعرفة ونظافة قلبية.

كل هذه الصفات هي جمال باطني مخفي عن الأنظار لا يعرفه إلا من اتصل بك و عاشرك وقد أشارت إليه روايات أهل البيت عليهم السلام.

عن الإمام أمير المؤمنين قال (حَسَنْ اَلْعَقْلِ جَمَالَ اَلْبَوَاطِنِ وَالظَّوَاهِرِ) لأن الجمال الحقيقي هو جمال العقل واللسان والتعامل والتقدير والاحترام فهو يطغى على جمال الشكل.

ليس ذا أهمية منصبك او درجتك العلمية أو الواجهة الاجتماعية أو الصيت العائلي وأنت في منفى عن الأخلاق والقيم والذوق.

الجمال الحقيقي في احترام الآخرين وإفشاء السلام عند دخولك إلى المجالس وإلقاء التحية وعدم حصرها في فئة معينة أنت تعرفها ولك علاقة بها، رد السلام وإفشاؤه يعكس جمال الروح والنية الطيبة. السلام هو البداية لكل شيء جميل في العلاقات الإنسانية، فهو يجلب المحبة، ويبني جسور التواصل بين القلوب. عندما نبادر بالسلام، نحن لا ننقل كلمات فقط، بل ننشر أجواء من الود والتقدير.

ولكن ما نراه في بعض المجالس هو العكس حينما تجد فئة تدخل الى المجلس أو المسجد فتبادر بالسلام وتلقي التحية على فئة معينة وتتجاهل اخرى، إن المبادرة بالسلام عند دخول المجلس تعكس الأدب والأخلاق، والاحترام والتقدير للحاضرين أيضًا. إنها إشارة واضحة إلى النية الطيبة والرغبة في بناء أجواء إيجابية مفعمة بالمودة.

مثل هذه الممارسات تعزز الترابط بين الناس وتجعل من المجالس مكانًا للتآلف والارتقاء الأخلاقي. كما أن الابتسامة مع السلام تضيف لمسة جمال تعكس الروح الطيبة.

فمن خلال هذه السردية في المقال نلخص بالتدبر وبمعنى لطيف خاص بالجمال الحقيقي، وهو أن الجمال والكامن وراء اللسان، والقابع في خلجات الإنسان، والمطبوع في القلب والمخزون في العقل، والظاهر في الأفعال والأعمال التي يقوم بها، و المتجسد في التواضع واحترام الأخرين والتودد لهم وقضاء حاجتهم وعدم تجاهل الآخرين واحتقارهم بأسلوب غير حضاري وهذا يندرج تحت شعار عدم الذوق والأخلاق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى