النزعة المادية في حياتنا

زاهر العبد الله
طغت النزعة المادية في حياتنا فبتنا نعيش الأنانية وفقدنا قيمة الإنسان.
رأيت مقطعًا هزني من الداخل وهو يتحدث عن واقع الناس اليوم ونظرتهم المادية التي صارت تقتصر على مقدار التقدم التقني والتكنولوجي، والأبراج، والساحات، والرفاهية، والقصور، والألعاب، ومتع الحياة التي لا تشبع منها النفس ولو انغمست فيها ألف مرة، وفقدنا بذلك قيمتنا الإنسانية وعلاقاتنا الاجتماعية فقد تعيش سنوات وأتت لا تعرف جارك، ولا تستمتع بعلاقات حانية مع أرحامك، ولا تشارك مجتمعك أفراحهم وأحزانهم، فأصبحنا كبعض الدول التي غرقت في المادية فأصبح الإنسان فيها أشبه بالآلة عديم المشاعر والأحاسيس الإنسانية، فمتى ما يرون عملًا بسيطًا إنسانيًا كحمل شيء من الأرض ورميه في القمامة يبدأ التصفيق والإعجاب وكأنه صنع الذرة، أو أمسك مسنًا يعبر به الشارع حتى بدأ مشروعًا يسن للتطوع وكأن التطوع والمساعدة واحترام الكبير لا توجد بالفطرة في الإنسان، لقد بتنا في نفق مظلم يعصف بمجتمعنا.
إن التقدم والتطور في مختلف الميادين في حد ذاته حسن، وتسعى الدول والشعوب أن تكون سباقة في التطور في مختلف جوانب الحياة ولكن لا يجب أن يكون هذا التطور على حساب بناء الإنسان وأخلاقه وقيمه ومبادئه وعلاقاته وروحه التي من أجلها خلقها الله سبحانه وتعالى وعليه يكون علاج ذلك
بإصلاح النفس وتوثقها بعلاقة صافية مع الله سبحانه وتعالى، فقد ورد في نهج البلاغة: قال (عليه السلام): (من أصلح ما بينه وبين الله سبحانه أصلح الله ما بينه وبين الناس، ومن أصلح أمر آخرته أصلح الله له أمر دنياه، ومن كان له من نفسه واعظ كان عليه من الله حافظ)، وورد عنه عليه السلام أنه قال: (لكل امرئ عاقبة حلوة أو مرة)، وقال (عليه السلام): (من أصلح سريرته أصلح الله [له] علانيته، ومن عمل لدينه كفاه الله أمر دنياه، ومن أحسن فيما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس). (١)، ويقول عليه السلام:
(أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم أمركم، وصلاح ذات بينكم، فإني سمعت جدكما صلى الله عليه وآله يقول: ” صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام ”
والله الله في الأيتام فلا تغبوا أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم.
والله الله في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم ما زال يوصي بهم حتى ظننا أنه سيورثهم. والله الله في القرآن لا يسبقكم بالعمل به غيركم. والله الله في الصلاة فإنها عمود دينكم. والله الله في بيت ربكم لا تخلوه ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا. والله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم في سبيل الله. وعليكم بالتواصل والتباذل. وإياكم والتدابر والتقاطع. لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولى عليكم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم). (٢)
فلو التزمنا بهاتين النقطتين، وروضنا أنفسنا عليهما ومن تحيطه عنايتنا من ولدنا وأهلنا فلن تطغى المادية على أنفسنا.
المصادر:
(1) بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٦٨ – الصفحة ٣٦٧.
(2) نهج البلاغة – خطب الإمام علي (ع) – ج ٣ – الصفحة ٧٦.