أقلام

وياللأسف، تصلنا أخبار عن أُناس لا يصلّون!

الصلاة والأسرة.. عِماد الاستقامة وروح الحياة

الشيخ فتحي البوخشيم

إنها الصلاة، عمود الدين، أول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة. جاء في الحديث الشريف:
“إن قبلت نُظر في غيرها، وإن لم تُقبل لم يُنظر في شيء من عمله”.

كيف لركنٍ بهذه العظمة، أن يُتهاون في أدائه؟!
الصلاة هي معراج المؤمن، وهي التي قال الله عنها:
“إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر”،
فكيف نستخف بها أو نؤجلها عن وقتها الذي ندب الله إليه؟
“إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا”.

للأسف، نجد بعض الناس يؤخرون صلاتهم، بل يُلهيهم عنها الانشغال بأمور الدنيا. ومن أبرز أمثلة ذلك: الأجهزة الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي.
لقد باتت هذه الوسائل وكأنها أوامر إلهية لا يُمكن الاستغناء عنها!
ترى البعض يتصفح حتى ساعات متأخرة من الليل، يتنقل من مجموعة إلى أخرى، ومن نكتة إلى غيبة، ومن إشاعة إلى تهكّم، ثم يُخلد للنوم قبل الفجر، ليؤدي الصلاة قضاءً – إن صلاها أصلاً.

تأملوا معي يا أعزائي:
جعلنا ما هو واجب (الصلاة) أمرًا هامشيًا، وجعلنا ما هو هامشي (الهاتف والتطبيقات) واجبًا لا يُؤجَّل.

بينما الحقيقة أن لقاءنا مع الله في الصلاة هو الزاد الروحي والمعنوي الذي يُعيننا على مشاكل الحياة ومصاعبها.
هموم الزوج، مشكلات الزوجة، تربية الأبناء، ضغوط الأسرة والمجتمع، كلها يمكن أن تنحل بالقرب من الله في الصلاة، فهي الصلة التي لا تنقطع، وهي الملاذ حين تضيق السُبل.

جزاء التهاون في الصلاة
روى عن سيدة نساء العالمين، فاطمة الزهراء (عليها السلام)، أنها سألت أباها رسول الله (صلى الله عليه وآله):
“ما لمن تهاون بصلاته من الرجال والنساء؟”
فقال:
من تهاون بصلاته ابتلاه الله بخمس عشرة خصلة:

في الدنيا:

1. ترفع البركة من عمره
2. ترفع البركة من رزقه
3. تمحى سيماء الصالحين من وجهه
4. لا يُؤجر على عمله
5. لا يُرفع له دعاء
6. لا ينال حظه من دعاء الصالحين

عند موته:

1. يموت ذليلًا
2. يموت جائعًا
3. يموت عطشانًا، ولو سُقي من أنهار الدنيا

في قبره:

1. يُوكل به مَلك يُزعجه
2. يضيق عليه قبره
3. تكون الظلمة في قبره

يوم القيامة:
1. يُسحب على وجهه والخلائق ينظرون
2. يُحاسب حسابًا شديدًا
3. لا ينظر الله إليه، ولا يُزكيه، وله عذاب أليم

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
“لا تنال شفاعتي غدًا من أخّر الصلاة المفروضة بعد وقتها”.

علامة الإيمان.. الصلاة في وقتها

عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام):
“امتحنوا شيعتنا عند ثلاث:
عند مواقيت الصلاة، كيف محافظتهم عليها…”

وعن الإمام الباقر (عليه السلام):
“إن الصلاة إذا ارتفعت في وقتها رجعت لصاحبها بيضاء مشرقة، تقول: حفظتني حفظك الله،
وإن ارتفعت في غير وقتها بغير حدودها، رجعت سوداء مظلمة، تقول: ضيعتني ضيعك الله”.

وفي حديث نبوي شريف آخر:
“إذا زالت الشمس، فُتحت أبواب السماء، وأبواب الجنان، واستُجيب الدعاء، فطوبى لمن رُفع له عند ذلك عمل صالح”
(بحار الأنوار، ج83، ص23).

في الختام…

الصلاة ليست مجرد طقوس، بل هي الحياة.
هي القوة حين نضعف، وهي الهدوء وسط الضجيج، وهي الأمل حين تغلق الأبواب.
فلنُعيد للصلاة مكانتها، فهي مفتاح السعادة في الدنيا، ونجاة الآخرة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى