أقلام

و حرت في سوئي

السيد فاضل آل درويش

وماذا عسانا أن نفعل ونصنع مع ضعف إرادتنا وانخرام قوتنا الروحية أمام ترائي الخطايا وزخرف الآثام، وقد تكرر منا لعدة مرات التعاهد مع رب العالمين بالتوقف عن مسلسل الذنوب والانغماس في الشهوات، مع ظهور بوادر التوبة والتطهير الروحي مدفوعًا بالرغبة في نفض ثيابنا من رجس المعاصي واتساخها بدنس التورط في المحرمات والبوء في محطة الخسران والثبور؟!

وها هو الشيطان الرجيم يداعب نفوسنا بروح اليأس والقنوط، والانخراط في زمرة العاصين والانسجام مع فكرة الخطيئة والتململ من الخروج عن دائرتها، أفليس هناك من مخرج وعلاج لما أُصبنا به من داء خطير يسيري في أبداننا وينخر قواها؟!

اليأس والاستمرار قي طريق المعصية وارتكاب المحرمات ليس بالقرار الصائب، بل التعامل بطريقة عقلائية مع كل اتساخ يصيب أجسامنا أو ملابسنا التي نرتديها، أي التمسك بمبدأ النظافة واستقذار رائحة الذنوب التي تزكم الأنوف الأبية عن السقوط في وحل الشهوات المتفلتة، وكذلك هو التعامل مع تكرار صدور الذنب واقترافه وتغلغل الوساوس الشيطانية، فلا تعارض في البين إن عاودنا ارتكاب المعصية مجددًا مع مبدأ التوبة والطهارة الروحية، فليس هناك من رادع للشيطان يخنس تسويلاته وخداعه كالعزم المتجدد على البقاء في بؤرة النزاهة النفسية وإن تلطّخت بسواد الآثام كتجديد نية التوبة والاستغفار الحقيقي مما مضى والعزم على التغيير الإيجابي مستقبلًا، فالدافع المتجدد يشجع النفس على تجنب الاقتراب من دائرة الشبهات والخطايا، مع وجود نية أكيدة على النهوض مجددًا من سقطة ارتكاب المعصية ونفض الثياب من غبار وأوساخ الذنوب العالقة به، إذ أن التوبة ليست كما يتوهم البعض بأنها ذات المرة الواحدة ويتحول بعدها صاحب الذنب إلى ملاك معصوم متنزه عن المعاصي، بل هي عملية مراقبة النفس محاسبتها والجوارح الذاتية بشكل مستمر، ومتى ما وقع المرء في خطيئة فضميره يتألم ويلومه على ما وقع منه، فيهرع بعد أن اتسخت ثيابه بقاذورات المعاصي إلى غسلها بالتوبة وتطهيرها بالاستغفار والعزم الأكيد على تجنبها مستقبلًا، وإذا ما وقع مرة أخرى في وحل الأهواء والشهوات تكررت منه التوبة النصوح والعمل الجاد على التطهير النفسي من آثار الذنوب ونتائجها.

التوبة – في حقيقتها – عملية تنظيف وتغسيل للنفس من أدران الخطايا وأوجه التقصير والغفلة، فالذنوب المتراكمة تبعد الإنسان عن طريق الهداية والطاعة وتضربه بأمراض القسوة وضعف الإرادة، وقد فتح الله تعالى باب العودة والطهارة النفسية لعباده ودعاهم لدخول باب التوبة، وهذا ما ينقذهم من خطر محدق وأكبر وهو الاستسلام لوسوسة الشيطان الرجيم والسقوط في أحضانه باليأس من رحمة الله تعالى، فالأمل بالله تعالى طريق لا ينقطع أبدًا ولا يُغلق في وجه العاصين، وهذا ما يحفّز نحو تحسين السلوكيات والأفعال وتجنب الجانب المظلم منها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى