أقلام

صيانة الفكر من الانحراف

زاهر العبدالله

في ظل الانفجار المعرفي وتعدد المشارب الفكرية والعقدية والمتغيرات المختلفة أصبح شباب اليوم في حيرة من زحمة كل هذه التوجهات، وهناك الطرق مناسبة لصيانة الفكر من الانحراف، والمحافظة على متابعة كل الأفكار ومراجعتها وفق الأصول والفروع المبنية على المسلمات والثوابت التي أسسها لنا الإسلام الحنيف من القرآن الكريم والعترة الطاهرة التي أوصى بها النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم حينما قال (إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض.) (١)

هذه الركيزة الأساس التي تكون هي حاكمة على الحفاظ على صيانة العقل والفكر والوجدان عن الانحراف، ولكن للحفاظ على هذه الجوهرة الثمينة نحتاج محاسبة يومية كل يوم كما ورد

عن علي بن موسى الكاظم (صلوات الله عليه) قال: ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم، فإن عمل خيرًا استزاد الله منه وحمد الله عليه، وإن عمل شيئًا شرًا استغفر الله وتاب إليه. (٢)

وفي ظل التحديات وزحمة المعارف في مختلف الوسائل يمكننا الحفاظ على الفكر كن خلال التالي:

1. الاهتمام بالعبادات:

الالتزام بالعبادات التي فرضها الله علينا مثل الصلاة، والدعاء، وقراءة القرآن، فهي تحافظ على صفاء القلب والفكر وتعزز الارتباط بالله.

2. التعليم المستمر:

القراءة والاطلاع على مصادر موثوقة من الكتب والدراسات الدينية والثقافية والفكرية لتعزيز المعرفة وتنمية الوعي. ضمن وصية النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم المتمثلة في القرآن الكريم والعترة الطاهرة.

3. سؤال العلماء والمختصين:

عدم التردد في استشارة العلماء الموثوقين من المراجع المؤتمنين على دين الناس أو المختصين في الأمور الدينية والفكرية أصحاب الخط السليم وفق وصية النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم عند وجود شكوك أو تساؤلات.

4. التواضع الفكري:

التحلي بالتواضع والاعتراف العلمي وعدم الغرور وتضخيم الأنا الأنانية ونعترف بأننا قد نخطئ، والسعي لاستيعاب آراء الآخرين والنقد البناء، الذي يصحح المسار ويرفع الشك ويعزز اليقين داخل نفسك.

5. التفكر والتأمل:

ممارسة التفكر في الذات وكيف خلقت ومشاهدة عظمة خلقه فينا وعظمته في خلق الكون الفسيح حولنا لنتيقن به سبحانه ونعبده وحده لا شريك له، واستعراض الفكر النقدي للأفكار والمعتقدات لتحليلها وفهمها بعمق. ثم ردها وفق المرجع الأساس من القرآن الكريم والعترة المطهرة.

6. مراجعة المفاهيم:

قد تبنى مفاهيم لا أساس لها من الصحة والتأكد من عدم التمسك بمعتقدات خاطئة أو غير مؤسسة على أسس قوية، وإعادة النظر في الأفكار بشكل دوري. من خلال مناقشة أهل العلم والمختصين الموثوقين وليس كل من تحدث عن الدين نأخذ منه أو غير متخصص في العلوم الطبيعية.

7. التواصل مع الأشخاص ذوي الفكر الصحيح :

الحوار مع الأشخاص الذين يمتلكون أفكارًا مستقيمة وصحيحة، والاستفادة من خبراتهم ووجهات نظرهم. في معترك التوجهات الفكرية المعاصرة لمعرفتهم بالمغالطات والخدع والانحرافات الناعمة التي تمر بخفية غادرة في نفوس الشباب.

8. تجنب المصادر المضللة:

الحذر من المعلومات والأفكار التي تأتي من مصادر غير موثوقة أو ذات أجندة معينة تهدف إلى الانحراف الفكري. وتكون موجهة لتغيير الأفكار عن طريق برامج تلفزيونية أو قنوات في وسائل التواصل أو ألعاب وغيرها.

٩- تجنب المحرمات

من شرب الخمر والزنا والفواحش كبيرها وصغيرها وكذلك المحرمات الفكرية مثل

الشبهات الإلحادية: وتجنب الأماكن والأشخاص الذين يروجون لأفكار منحرفة. وعلينا التفحص والبحث والتحقق من المعلومات قبل الاعتقاد بها.

١٠- الاعتدال في الانفتاح على الثقافات الأخرى:

قبول الأفكار الجديدة مع الحرص على الحفاظ على الهوية الثقافية والدينية، وممارسة النقد البناء.

١١- ممارسة ضبط النفس:

تدريب النفس على عدم الانجرار وراء الأفكار السلبية أو المعقدة، وممارسة التركيز على الإيجابيات والأفكار البنّاءة.

١٢- الدعاء والتضرع لله سبحانه وتعالى

في الحفاظ على سلامة فكرك وعقلك وعقيدتك وما انعقد عليه قلبك

فقد ورد في الدعاء ينقل الشيخ الكليني في كتابه الكافي ذكره عقيب زيارة الجواد عليه السلام وهو قوله: اللهم أنت الرب وأنا المربوب اللهم صل على محمد وآل محمد، وأرني الحق حقا فأتبعه، والباطل باطلا فأجتنبه، ولا تجعله على متشابها، فأتبع هواي بغير هدى منك، واجعل هواي متبعا لرضاك وطاعتك، وخذ رضا نفسك من نفسي، واهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم. (٣)

ابن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يرى ولا إمام هدى لا ينجو منها إلا من دعا بدعاء الغريق قلت: وكيف دعاء الغريق؟ قال: تقول: يا الله يا رحمان يا رحيم، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، فقلت: يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك، فقال: إن الله عز وجل مقلب القلوب والأبصار ولكن قل كما أقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. (٤)

إن اتباع هذه الطرق يمكن أن يسهم في بناء فكر سليم وقادر على مواجهة التحديات والانحرافات.

المصادر:

(١) وسائل الشيعة (آل البيت) – الحر العاملي – ج ٢٧ – الصفحة ٣٤.

(٢) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ١ – الصفحة ٦١٩.

(٣) بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٩٩ – الصفحة ٧٧.

(٤) بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٥٢ – الصفحة ١٤٩.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى