هل هي هشاشة نفسية أم حماية

أمير الصالح
سؤال صباحي طرحه أحد الأصدقاء في عالم الفضاء الرقمي بهدف إثراء النقاش وكان السؤال: هل تجنب الجواب على الأسئلة الشخصية هو لباقة اجتماعية، أو هروب من الهشاشة النفسية؟
وكان تعليقي كالتالي: سؤال ناهض وملامس للواقع، التفاعل في الإجابة مع أي سائل في الحي أو المجتمع أو بالخارج أو في اتصال هاتفي أو عند السفر والسياحة في كل الأحوال يجب ان يكون لبقًا ومحترمًا وذكيًّا ونبيهًا، وفي سياق واحد وسردية واحدة، وفي نطاق حماية المعلومات الشخصية.
تشخيص شخصية السائل وقربة وطبيعة العلاقة معه وهدفه من السؤال قد تحدد مدى التجاوب معه أو تفاديه والإعراض عنه وتجاوزه بلباقة وحنكة.
ظاهرة التنمر وهتك الخصوصية أمر ملموس وواقع في عالم اليوم. كما ظاهرة التحرش والابتزاز أمر ملحوظ أيضًا وفي تزايد. وظاهرة الاهتمام والرعاية والمودة هي الأصل في العلاقات البشرية النظيفة والسوية والمحترمة والأكثر امتدادًا عبر التاريخ. وهي ما تربى عليه معظم سكان المعمورة في البيت وأحضان الأسرة والمجتمع الصغير.
في هذا الزمان أضحى تشخيص نوع وصنف وسلوك الإنسان السائل أمرًا مهمًّا لتمحيص الهدف من السؤال وحماية معلومات الشخص الذي يتعرض للسؤال أمر مهم وحيوي وأمني.
فبعض أهل السؤال فضوليين وحُشريين، فيكون السؤال بهدف تجميع معلومات وأخذ سبق صحافي وقد يكون توظيف لإسقاط شخصية الطرف الآخر أو قراءة توجهاته وإحباط نموه واختراقه أو التحقق من معلومات أثيرت ضده أو …. أو …..
وهناك نوع من أهل السؤال طيبيون وعلى نياتهم، وسؤالهم عفوي ويفندون أن السؤال بهدف كسر الجليد معك ليس أكثر. ويمكن للشخص أن يقرأ عقلية السائل من طريقة وتمادي وتدرج طرح الأسئلة أن اتجاهه أعمق أو سطحيته عابرة.
وهناك من يسأل بهدف توظيف المعلومة لمآرب شريرة للاختراق أو خيرة كالتوظيف. كأن يسأل أحدهم فتاة جميلة تعمل استقبال/ مهندسة/ طبيبة بشركة أو فندق/ مستشفى بهدف جمع معلومات للتحرش أو لكونه انفتن بها جمالًا وقرر الاستفسار، وقد يتطور الأمر إلى التقدم لخطبتها. وهناك من يسأل متابعة واهتمام ورعاية وهم الجد والجدة والوالدان والعمات والأعمام والأخوال والخالات. وهذا أمر ينم عن الصلة والحب والرعاية والاهتمام. وهو اسمى ترجمة لصادق العناية والرعاية.
طبعًا هناك أسئلة لا تعد شخصية ولكن لها أبعاد أمن شخصي، مثلًا في بعض الدول العربية والأمريكية الجنوبية يتعرض السائل السائح لسيل أو بعض الأسئلة البسيطة ولكنها خطيرة. كان يسأل أحدهم: هل أنت لوحدك أم معك آخرين؟ هل هذه أول زيارة لك لدولتنا أم زرتها من قبل؟ هل تعرف أحدًا هنا أم لا؟
وهنا يجب على السائح المتعرض لمثل تلكم الأسئلة: المداراة والذكاء لتفادي أي جواب يجعله فريسة سهلة للمبتز أو السارق المتقنع بقناع سائق سيارة إجرة أو عتال بالفندق أو نادل بمطعم. ونحن على وشك الولوج بموسم الصيف السياحي، أتمنى للجميع إجازات صيفية سعيدة وأتمنى أن تؤخذ التنبيهات السابقة محمل الجد عند السفر وتفادي إعطاء أية معلومة للأجنبي قد توظف لاستهدافك كفريسة سهلة للنهب والابتزاز والخداع والإغواء والاستفراد.
ولعل تحسس بعض الأشخاص الذين وجهت لهم الأسئلة مثل: لماذا سمنت؟ أو هل طلقت؟ أو متى تبني بيتك؟ متى ستتزوجين؟ قد يكون ارتداد لصدمة نفسية سابقة أو استفزاز من السائل أو تهكم على وضعه أو يثير جرح غائر لديه أو أمور أخرى.
على كل حال إن كان الشخص المتعرض للسؤال شخصية قوية وفطن يمكنه أن يفرز شخصية السائل وهدفه من السؤال (رعاية وحفاوة أو هشاشة وتهكم واستفزاز) ويمكنه حينذاك التفاعل بالطريقة المناسبة، وقد يضطر أن يحور السؤال ويعكس مجرى الحديث ويفرض نوع الحوار والموضوع ويتجاوز أي مطب أو حفرة أو مراوغة أو استفزاز أو استدراج وبكل أدب جم دون التصادم مع السائل.