الهفوفي: الإلحاد سم قاتل يصيب التفكير بالإعاقة وهو حالة طارئة
مالك هادي – الأحساء
“الإلحاد سم قاتل يصيب التفكير البشري بالإعاقة لأنه يحده في إطار المادة ، ويعتبر الإنسان طاقة غير فاعله ، ولا توجد عنده معايير لضبط قيم الإنسان فلا قيمة للإنسان والحياة عنده” هكذا وصف إمام جامع الإمام الحسين عليه السلام بحي الخرس في الأحساء سماحة الشيخ إسماعيل الهفوفي الفكر الإلحادي في خطبة الجمعة .
وذكر الشيخ الهفوفي أن نفي الربوبية من الجهل بالخالق ، لأن الخالق الحكيم هو الذي يدبر خلقه تكوينا وتشريعا ، وعالم الامكان لايمكن أن ينفك عن تدبير علته ، فهو قائهم بعلته ، و لايمكن بحال من الأحوال أن يستقل بشيء من أموره عن الله ، ووحدة الناظم في هذا الكون يدل على وحدة المدبر ووعيه وحكمته .
وعبر الهفوفي عمن لا يؤمنون بالله ولا ينفون وجوده بالا أدريه وأنهم لا يجزمون بشيء فهم في حيرة من أمرهم ، وأنهم قد اطبقت عليهم الحيرة والاضطراب ، وهم في تردد دائم مما أرداهم ذلك في ظلمات الجهل فلم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق ، وأن هناك وفئة آخرى تنكر وجود الإله ، وهذه الفئة تعتقد بالمادة وتنكر كل شيء خارجه وهم الملحدين .
ثم تعرض سماحته لأنواع الإلحاد وهم نوعان :
أولها إلحاد يتشبث بصورة العلم ، فقال : وهو إلحاد يقزم العلم في دائرة المنهج الحسي المادي ، ويتنكر للقواعد المنطقية والبيديهيات العقلية ، مع أن العلوم المادية دورها دور الوصف ولا دور لها في الإثبات أو النفي بمعزل عن قواعد المنهج العقلي .
وذكر الهفوفي بأن ما ساهم في هذا النحو من الإلحاد هو القصور المعرفي بالإله والصورة المشوهة التي قدمت لله بأنه مجسم ومشبه ، كما وساهم القصور على محدودية الإنسان الفكرية وعدم قدرته على حل معضلات المسائل الكلامية كمشكلة الشرور والعدل مما تسبب في عدم الموضوعية في النظر إلى الدين والأحكام التشريعية ، وصوّر وجود تضاد بين معطيات العلوم الحديثة والدين في نصوصه وظواهره ، وتسبب في الفهم الجامد في علوم الطبيعة مما أدى إلى سلك البعض مسلك الإلحاد .
وذكر ثاني أنواع الإلحاد وهو الإلحاد النفسي فقال : وهو الذي لا يعتمد على العلم والمعرفة ولا يبحث عن العقلانية ، إنما يتركز على أبعاد نفسية واجتماعية وسياسية ، وهو ما يمثل القابلية للإلحاد ، وهذا النوع هو الأكثر شيوعا بين الناس .
واشار إلى عددا من مسببات هذه النوع فقال : نمط التشدد في التربية الاسرية تلك التي تعتمد السوط من أسباب الإلحاد النفسي ، وكذلك الصدمات النفسية المبكرة التي تنتج من فقد عزيز مثلا كأحد الأبوين ، وكذلك الأمراض الحادة المستعصية التي يبتلى بها الإنسان فتجعل منه يفكر بهذا البعد ، والظلم الاجتماعي الذي يقع بين أفراد المجتمع خصوصا المجتمع المتدين حينما ينسب هذا الظلم إلى الدين وإلى الله .
ومن مسببات الإلحاد النفسي الثراء والترف الذي قد يحصل من الطبقة المترفة ، والاستبداد السياسي الذي يغلف بغلاف الدين ، وكذلك حينما ينظر الإنسان إلى المنجزات والصناعية في الحضارات الآخرى فيتصور بنظرة آحادية التقاطية أن التحضر لا يتم إلى من خلال خلع عباءة الدين ، وأن التخلف الواقع في المجتمعات المتدينة سببه هو التقيد بالدين , ومن أسبابه التغطية على النزوات والشهوات النفسانية ، فلا يمكن له أن يبرر التمرد على القيم الفطرية الثابتة إلا من خلال نفي حقيقة مطلقة .
وشدد الشيخ الهفوفي على أن الإلحاد قائم على محورية الإنسان كفرد قائم أو جماعة ، ويكون في قبال محورية الله سبحانه وتعالى ، وأنه يحصر الحياة على الدنيا فلا يؤمن ببعث ولا حشر ، فحينما يقيم الدين يكون وفق معطيات الدينا ، ويقيم العمل كعمل صالح فينظر إليه ضمن آثار دنيوية ، لذلك المصائب التي يبتلى بها الإنسان الملحد يتعاطى معها على انها مثقله ، فيشعر أن هذه الحياة لاقيمة لها ولا جدوى
وفي الختام قال الهفوفي : كان الإلحاد سابقا حالة فردية محصور في دائرة الاروقة الفلسفية والبحوث الكلامية ، ولكن في الوقت الحاضر بدأ يتشدق بنظريات علمية مادية ويسخر كل الامكانيات المتاحة له في تروج الوهم ضد أصل الدين عبر إعلام موجه ومن خلال الانحلال الأخلاقي المبالغ فيه بتصوير كبر عدد الملحدين حتى يكونوا كتيار يتحول إلى تيار مستساغ ومقبول عند المجتمع البشري ، والإلحاد غير قادر على أن يقدم للبشرية مشروعا حضاريا ، فهو حالة طارئة.