حوارية51
كلام منشور في وسائل التواصل الاجتماعي حول
(فيروس كورونا) مفاده (أن الكوليرا حينما انتشرت المسلمون آنذاك لم يفعلوا سوى أن قالوا (قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا)
نقول وبالله نستعين
عندما انتشر وباء الكوليرا في العراق في حكم العثمانيين حجز اليهود أنفسهم في بيوتهم بأمر الحاخامات فسلموا من الموت بالكوليرا، وعندما سأل المسلمون مرجعياتهم جاء الرد (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) فمات كثير من الناس وأُبيدت قرى بكاملها!
فما رأيكم أستاذي
الجواب :
إن صح مانُقل في المنشور فإنه يتصادم مع العقل والشرع معاً.. كيف ذلك ؟
العقل يوجب دفع الضرر المحتمل، ولذا سينظر ما هي التدابير الصحية التي سيقوم بها لحفظ نفسه من هذا الوباء، والشرع يؤيده بقوله تعالى ﴿….. وَلا تُلقوا بِأَيديكُم إِلَى التَّهلُكَةِ وَأَحسِنوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحسِنينَ﴾
[البقرة: ١٩٥]
فالعقل يوجب دفع الضرر المحتمل، والشرع يوجب عدم الإضرار بالنفس فهل كانت هذه الحقيقية غائبة عن مرجعيات المسلمين آن ذاك!؟ نعم لو فعل المسلمون كل التدابير اللازمة لدفع هذا الوباء بحيث لم توجد طريقة عقلية صحية ولا طريقة شرعية تحفظ النفس، عندها يوجه العلماء الناس إلى صاحب القدرة ومن بيده دفع الضر والشفاء فيتعلقون في أستار الليل بالدعاء ويذوقون حلاوة المناجاة في ظلامه صافين أقدامهم راجين ربهم لدفع الضر عنهم فلو جاء التهديد حينها سيكون المسلمون راضين بقضاء الله وقدره فيقولون ﴿قُل لَن يُصيبَنا إِلّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَولانا وَعَلَى اللَّهِ فَليَتَوَكَّلِ المُؤمِنونَ﴾
[التوبة: ٥١]
وإذا أردت أن تكشف لك حقيقة ماجرى بالأمس، فانظر مايحدث اليوم. فمرجعيات اليوم هم أبناء تلك المرجعيات السابقة، ولا يخفى على كل ذي بصيرة مايقوم به مراجع الطائفة من توجيهات أخلاقية وعقلية وصحية وشرعية في حفظ أرواح الناس من خطر هذا الوباء. ودونك فتاوى المراجع تجدها في مواقعهم الرسمية ومن أهمها إغلاق المساجد والأضرحة والحسينيات وغيرها وتعقيمها، وفعل كل ما من شأنه القضاء على الوباء، بل أفتى المراجع بأكثر من ذلك بحيث لو تسبب أحدهم متعمداً وقصد نشر المرض وجبت عليه الدّية، ومن يعمل في القطاع الصحي لمتابعة حال المرضى ويموت يُعد شهيداً.
فهل ياترى نقول للدكتور إن صح ما نُشر عنه هل قال السابقين للناس مباشرةً (قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا)! أم فعلوا ما ذكرناه سابقاً.
هذا جوابي المتواضع.
ونأخذ جواباً من أستاذنا الشيخ عبد الجليل البن سعد، هو :
لو كان ما قاله صحيحاً فالمصيبة بأسلوب التعميم أكبر.
ولو كان لدى الوردي إرث كبير بالتاريخ لعلِم أن تاريخ المسلمين قائم على هجر المناطق، وترك البيوت والأموال عند حلول الوباء. وهذا مسطور بالتاريخ، فكيف لعالم اجتماع لا يقرأ التاريخ أو يقرؤه ويأخذ ما يناسب روحه التشاؤمية، وإن كتب الفقه على المستويين الشيعي والسني صريحة في وجوب الاجتناب من الوباء ألم يقرأه؟
وعموماً ليس يبعد والله أعلم أن يكون الهدف المبطن من ترويج مثل هذه النظرات الغثائية،
وفي هذا الوقت بالذات هو حجب العقول عن أن تلتفت إلى الخطوات الواعية والجبارة للمرجعية الدينية وأئمة المساجد في مرحلة الوباء الجديد، ولذا فإننا نذكر الشباب بأن الاشتغال بالتضحيات التي يقدمها رجال الدين أسوة ببقية أفراد المجتمع هي أولى لبث التفاؤل وتعزيز القوة المعنوية في هذا الوقت. ولكن لسنا نملك إلا أن نقول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.