دبر رأسك
أمير الصالح
على ضوء الاحترازات الصحية المعمول بها حاليا، أصبح شعار ” دبر رأسك” حقيقة ملموسة ” و لكن بشكل مخفف هو “دبر قص شعرك”.
بعض الرجال والشباب قام بقص شعره بنفسه لأول مرة في حياته وهذه تجربة جديدة في حياة الكثير.، ونتج عن تلك التجربة مواقف طريفة عديدة، وأشكال قصات شعر الرأس أثارت الضحك لدى البعض، وأثارت التندر لدى البعض الآخر. ما قبل وباء الكورونا، كانت العناية بالشعر ومهمة قصه متروكة لصالونات الحلاقة المتناثرة بشكل كبير في أنحاء كل المدن. قص شعر الرأس ذاتياً أضحى واقعاً، وسينتج عن هذه النقلة أمور عدة.
دعني أشاركك أخي القارئ بعض الصور التاريخية التي استحضرتها عن مهنة الحلاقة في مسقط رأسي و مدينتي الحبيبة الأحساء.في عهد بداية نهضة النفط كان يفد سكان الصحراء وسكان المدينة إلى من يقوم بقص شعر الرأس، أو من يقوم بالحجامة، أو من يجري عملية الختان. وفي مدينة الهفوف بالاحساء كان الشخص ذاته هو من يقوم بكل تلك المهمات في ذات الدكان أو المحل، وهو من نفس أبناء المدينة. وكان الأشهر في حينه رجل يحظى لكبير الاحترام
والتوقير و يدعى بن سبت. وكان بعض الآباء يحترز من إيفاد أبنائه الصغار لذات المحل الذي تمارس فيه أنشطة الحلاقة والختان والحجامة خشية من احتمال انتقال حشرة القمل ولو بنسبة ضئيلة عبر أدوات الحلاقة أو عبر مجاورة مجلس المُبتلى بالقمل في شعره؛ ولذا يقوم بعض الآباء بحلاقة شعر أبنائهم في منازلهم.
وكان قص الشعر الأسهل والأكثر شعبية بين الأهالي هي نمرة (درجة) صفر أي: صلعة بشفرة الحلاقة المعروفة باسم “الموس” .
و مع مرور الوقت، وزيادة تدفق موارد النفط، ونمو الدخل للأفراد برزت عدة صالونات حلاقة لشعر الرأس، ولجأ الناس لختان أطفالهم في المستشفيات. والتبرع بالدم كبديل عن الحجامة. وكان سعر الحلاقة للشعر قد قفز إلى ثلاثة ريالات بناء على تسعيرة رسمية من البلدية حينذاك. وكان عدد من أبناء الوطن هم من يقومون بهذه المهنة حيث الأشهر من الحلاقين يومذاك ع.الصقر، و م.الشامي. ورويدا رويدا تجرأ عدد أكبر من الناس لارتياد صالونات الحلاقة،وبرزت قصة شعر تسمى نمرة ٢ باستخدام ماكينة حلاقة يابانية تدعى Thrive موديل ٨٠٨. ومع بروز الطفرة النفطية الأولى تم استقدام حلاقين من دولة الباكستان والهند ولاحقا من مصر.
ومع ازدياد نشاط بعض تجار فيز الاستقدام المواكب لنمو الطلب على الخدمات لز يادة معدل الدخل المالي للأفراد، برزت صوالين حلاقة ذات واجهات جميلة، وديكورات راقية ونظافة أفضل. و احدث دخول الحلاق التركي والحلاق الفلبيني في السوق المحلية قفزة في أسلوب تقديم خدمات الحلاقة
وأسعار الحلاقة وتنوع القصات وموضات تسريح الشعر.
مع ظهور مرض الأيدز، وماشابهه، أخذ الكثير من الناس بجلب أدوات الحلاقة الخاصة بهم إلى الصالونات ليضمنوا عدم تعرضهم لأدوات حلاقة متعددة مرات الاستخدام بين الناس. ومع مرور الوقت و تقادم السنين رجع اغلب الناس إلى ولوج صالونات الحلاقة دونما أي إجراءات احترازيه أو وقائية.
اليوم ، ومع بروز وباء كرونا المخيف، أضحى واجبا على الإنسان المعتني بصحته أن يعتني بشعره ويستعين بمن معه في المسكن لقص شعره، أو أن يستخدم ماكينة حلاقة مع ضبط درجة مستوى تقليم الشعر.
ونرجع لرفع شعار علَّمَهُ الآباء لنا ” ما حك جلدك مثل ظفرك “