البيض ..النفط.. Egg..Oil..
لم تتح لي الفرصة دراسيا إن أكون ضليعا في العلوم الاقتصادية ولم يمنح الوقت لي أن أختص في العلوم الزراعية أو العلوم البيئية أو الجيولوجية، إلا أن الواضح للعيان أن الأزمات تتقاطر على كوكبنا الجميل.
تجعل تلك الأزمات الكل منا يبحث عن تعليلات و إجابات شافية عن أسباب صعود قيمة البيض محليا، وانهيار سعر النفط عالميا كمثال.
ففي الوقت الذي يدعي البعض أن سعر البيض تصاعد بسبب قلة المعروض، نسمع يوماً بعد يوم أن هناك من يمارس الاحتكار بالتخزين السري.
وصرح أكثر من واحد بأن هذا الفعل هو سبب رئيس لارتفاع أسعار البيض يومذاك.
في المقابل، نسمع تحليلات البعض أن سبب انهيار أسعار النفط يوم الاثنين الموافق ٢٠ إبريل ٢٠٢٠، هو زيادة المعروض و استنفاذ الطاقة التخزينية في الدول الصناعية. ويوما بعد يوم نقرأ عن أزمة هنا، أو أزمة هناك، تارة اقتصادية
وتارة صحية وتارة بيئية و تارة تقنية وتارة….. إلخ… ونقرأ في عدة مصادر لعلنا نكتشف العلل ونجد الحلول والمخارج الشافية لتك الازمات المتقاطرة. إلا أن الانشغال في تحليل الأزمات والتوقف عن العمل المنجز أصبح شغل أهل الثرثرة أو محبي البروز الإعلامي ومحبي الوجاهة والشهرة.
هناك صنف من البشر لا يغرق نفسه بالحديث
والتنظير عن مؤامرة فيروس الكورونا
ونظريات سبب انتشارها وإنما ينشغل في معالجة الآثار وتخفيف الآلام عن كاهل المحتاجين
والمعدمين والمصابين
والتصدي لتصدعات
وتداعيات الأمور على عدة جبهات بكل تفانٍ
وإخلاص.
لقد فشل الكثير من الناس في تغيير الأنماط الفكرية والسلوكية، وانزلقوا في التنظيرات والنقاشات البيزنطية، وامتدت المناقشات بامتداد مدة بقاء الفيروس، وقد لا يفيقوا. ولا نعلم متى يصوب أولئك البشر طاقاتهم الفكرية والمالية والجسدية لمساعدة أبناء جلدتهم أو وطنهم أو حيهم أو مدينتهم لإيجاد حلول عملية تقليل آثار الوباء نفسيا أو ماليا
ومعنويا.
مند اندلاع الأزمة الحالية لجائحة كورونا، انطلقت مبادرات وأفكار جميلة تم تفعيلها في بعض الأحياء منذ فجر اندلاع فترة الحجر المنزلي الصحي، منها:
– إعداد قائمة بأسماء أبناء الحي ممن يحملون تراخيص التوصيل المنزلي، والتعامل معهم من قبل سكان الحي دعما لهم اقتصاديا من جهة،
وزيادة في لحمة البناء الاجتماعي بين أبناء الحي.
– إعداد قائمة دليل خدمات محلي يشمل كل الخدمات الرئيسة من توريد أغذية وصيانة حواسيب والصيانة المنزلية داخل الحي.
وهذا مثال جميل لخلق اكتفاء ذاتي في قطاع الخدمات داخل كل حي.
– إطلاق تعاملات معلوماتية بينية لسد الاحتياجات، وتنشيط الاقتصاد المحلي داخل الحي ذاته.
– التنسيق لإعداد طلبات شراء موحد في حالة وجود رسوم للتوصيل من قبل مزود المادة (الأسماك على سبيل المثال)
تلبك و تردد أو انطواء أو اختفاء أو تواري أو انعدام الحس الاجتماعي لدى البعض، وفشل البعض في إدارة ملفات جادة في وقت حرج، لا يؤهله(هم) أن يتبوأ أي مكانة أو وجاهة اجتماعية في فترة ما بعد الجائحة.
العالم فقط وفقط يحب من يحسن إليه، ويحترم من يعرف طريقه نحو بناء المجد له و للأحياء من أبناء مجتمعاتهم. الفيلسوف رالف والدو إميرسون يقول: ” العالم بأسره يفسح الطريق للشخص الذي يعرف وجهته.” من الجيد أن يقوم أبناء كل حي في إيجاد مشتركات فعلية
وتوحيد أفق المعالجات عند وقوع الأزمات كما هو الحال في زمن جائحة كورونا الحالي.
قد يكون من غير الصحي أن تسجل تشتت المواقف في أوقات الأزمات العصيبة وتنطع البعض في المبادرات
وبرود المعالجات.
فحتما ينتج عن ذلك الخذلان والغرق في مستنقعات الهوان، وتضخم ” الأنا” تغيير مسار العلاقات الشخصية البينية، وإعادة تشكيل خارطة العلاقات التي تبنى بعد مرحلة الجائحة. بقي أن أقول إن ما حدث من تقلبات في أسعار البيض والنفط يستدعي منا جميعا أن نزيد من جرعات تطوير أنفسنا في مجال التعليم المالي
والاقتصادي finance education.
و أن أقول إن ما حدث من انتشار سريع لوباء فيروس كورونا، يستدعي منا جميعا أن نزيد من جرعات تثقيف أنفسنا في مجال التعليم الصحي health education.
وأن أقول إن ما حدث من حجر منزلي لعدة أسابيع يستدعي منا جميعا أن نزيد من فن الاستمتاع بالوقت وإطلاق مبادرات داخل الأسرة في مجال التعليم، والعاطفة والتربية.
عزيزي القارئ لا تنس أننا في الشهر الرابع للعام الميلادي الحالي، وهناك ثمانية أشهر أخرى متبقية.