القانون الدولي في أوقات فيروس كورونا
ترجمة: عدنان أحمد الحاجي
خبيران قانونيان في معهد ماكس بلانك للقانون العام المقارن والقانون الدولي قاما بدراسة استجابة منظمة الصحة العالمية لكبح جائحة فيروس كورونا، منظمة الصحة العالمية WHO، ومقرها في جينيڤ، لاعب دولي رئيسي في أزمة كورونا.
في الورقة الأخيرة عن دور القانون الدولي في التعامل مع جائحة فيروس سارز – CoV – 2، ألقي الباحثان في معهد ماكس بلانك للقانون العام المقارن والقانون الدولي في هايدلبرغ نظرة فاحصة، على منظمة الصحة التابعة للأمم المتحدة التي تتعرض لانتقادات متزايدة: ما مدى فعالية اللوائح الصحية الدولية( IHR)، وهي الأداة الرئيسية لمنظمة الصحة العالمية للحد من الانتشار الكوني للمرض؟ الباحثان من هايدلبرغ اتخذا أيضا موقفا بشأن الخلافات السياسية الحالية.
في كفاحها ضد انتشار فيروس سارس- CoV – 2، المسبب للمرض المعروف باسم كوفيد-19، وكذلك الأثار الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المترتبة عليه، يبدو أن الدول القومية هي الجهات الفاعلة الرئيسية.
لقد اعتمدوا تدابير بعيدة المدى تتراوح من حظر الفعاليات واللوائح في قانون العمل، والقانون التجاري إلى حظر التجول ووضع قيود على الاتصال[ الجسدي ببن الناس]، وبالنظر إلى الطبيعة المعقدة والعالمية للجائحة، فإنه من المفيد أيضا إلقاء نظرة على المؤسسات واللوائح على المستوى الدولي التي لها صلة مباشرة بالأزمة الحالية.
نشر أرمين فون بوغاندي، المدير، وبيدرو فياريال، كبير الباحثين في معهد ماكس بلانك للقانون العام المقارن والقانون الدولي في هايدلبرغ، ألمانيا، أول نظرة عامة.
تركز على دور القانون الدولي في التعامل مع جائحة فيروس سارز- كوف -2، مجالات القانون ذات الصلة متعددة الوجوه كالجائحة وعواقبها: من خلال إدراج قانون الصحة الدولي، وقانون حقوق الإنسان والقانون التجاري الدولي والسلام والأمن الدوليين وتمويل التنمية، تناول المؤلفان أنظمة القانون الدولي المتعددة في دراستهما.
ورقتهما، التي تم نشرها مسبقا كمنشور مفتوح الوصول اليه على النت في مجلة Research Paper Series التي يصدرها ال MPIL.
ركزت على الفاعل المؤسساتي المركزي في سياسة الصحة العالمية: منظمة الصحة العالمية، وهي هيئة متخصصة تابعة للأمم المتحدة، إن الأداة الرئيسية لمقارنة انتشار المرض العابر للحدود وهي اللوائح الصحية الدولية، ملزمة قانونا ل 194 دولة عضو في منظمة الصحة العالمية كذلك لدولة ليختنشتاين الواقعة في جبال الألب والكرسي الرسولي.
تم اعتماد نسختها الأولى باعتبارها لوائح صحية دولية في عام 1951، ودخلت حيز التنفيذ بشكلها الحالي منذ عام 2007.
بالنظر الى علاقتها بأزمة فيروس كورونا، قام الباحثان، من بين أمور أخرى، بفحص العديد من المجالات التي تغطيها اللوائح الصحية الدولية، وبهذه الطريقة قدما الباحثان لمحة عامة عن الوضع القانوني وأظهرا إلى أي مدى تنطبق اللوائح في ظل الظروف الحالية.
وبقيامهما بذلك، فإنهما يضعان أيضا الخلافات السياسية الأخيرة في سياقها، كالنزاع بين الولايات المتحدة والصين الذي أشعله الرئيس دونالد ترامب.
الذي اتهم الأخيرة بعدم الامتثال للالتزام المنصوص عليه في اللوائح الصحية الدولية بإبلاغ منظمة الصحة العالمية مباشرة بالمرض الجديد، وفيما يتعلق بهذه الحالة بالذات، يشير ڤون بوغاندي وڤياريال Villarreal إلى أن اللوائح الصحية الدولية تزود منظمة الصحة العالمية بالوسائل اللازمة للتقييم القانوني لدقة هذه الادعاءات.
في مثل هذه الحالة، قد لا تشير فقط إلى الاتصالات الحكومية الرسمية، ولكنها قد تأخذ أيضا في الاعتبار معلومات أخرى، كالتقارير الصحفية.
في هذه الحالة المحددة، يناقش المؤلفان بأن منظمة الصحة العالمية، على سبيل المثال، يمكن أن تظهر البيانات التي قدمتها الحكومة[ الصينية] مع مثل هذه التقارير الأخرى، وفي حالة وجود أي تضارب، يطلب من الحكومة الصينية توضيحات.
هذا المثال وأمثلة أخرى يوضح أن معايير منظمة الصحة العالمية بشأن الإبلاغ عن الأمراض تلعب أيضا دورا في النزاعات الجيوسياسية المتعلقة بالصحة.
منظمة الصحة العالمية ولوائحها الصحية الدولية تم انتقادها على نطاق واسع لعدم فعاليتها الظاهرة وسط جائحة فيروس كورونا الجارية، باحثا القانون من هايدلبرغ عالجا بعض مشاكل المؤسسات: على سبيل المثال، من دون معلومات مقدمة من الدول الأعضاء، تصبح منظمة الصحة العالمية عمليا” عمياء”، و تفتقر إلى آليات التنفيذ عندما تكون اللوائح الصحية الدولية مخترقة.
على الرغم من كل هذه الإنتقادات، أكد الباحثان على أن منظمة الصحة العالمية تقدم دعما تقنيا إلى الدول الأعضاء بوصفها المنسق العالمي في الأزمة وذلك بتوفير التوجيه من خلال التوصيات.
كما نبه الباحثان على ميزة من مزايا اللوائح الصحية الدولية: ووفقا لهما، اللوائح الصحية الدولية هي مجموعة شاملة من القواعد التي نمت من خلال أمثلة على أفضل الممارسات والعديد من عقود من الخبرة مع متفشيات أمراض أخرى.
على الرغم من السلوكيات المتباينة للدول الأعضاء في بعض الأحيان، اللوائح الصحية الدولية مستمرة لوضع معايير لكيف ينبغي للدول التعامل مع انتشار المرض العابر للحدود.
وتعكس التوافق الدولي في الآراء على السيطرة على الجائحة، وبحسب المؤلفين، هذا يعتبر مساهمة قليلة جدا من جانبها في الوضع الحالي.