إيحاءات قرآنية (٤)
السيد أمير العلي
تكمن خطورة العادات والتقاليد في أنّها تشكّل -من خلال تراكمها- وعي الإنسان، ولا وعيه أيضاً، وبغفلة الإنسان عن مراقبتها وتقييمها تتحوّل إلى مرجعية، تأخذ دور المرجعيات المفترضة!
قد لا نتصوّر أن يرى الإنسان الخطأ صواباً، والقبيح حسناً، لكن هذا ما حدث في التاريخ، ويحدث اليوم وغداً، وذلك -ببساطة- لأنّ حكم الإنسان على شيء بصفة من الصفات راجع إلى معايير، فإذا غلبت لديه معايير خاطئة، أو احتلت بعض المعايير دور معايير أخرى فمن الطبيعي أن تنتكس نظرته!
السؤال هنا: هل المطلوب أن نلغي العمل بعاداتنا وتقاليدنا؟
والجواب: لا؛ فالمطلوب فقط أن لا نجعلها لوحدها مرجعية لتقييم الأفعال والظواهر؛ فالمؤمن يرى في الدين وقيمه وتعاليمه مصدراً أعلى لرؤيته في الحياة، فعليه أن يعرض أفكاره وظواهر مجتمعه على قيم الدين العليا، ليرى موافقتها ومعارضتها له.
لا يصحّ أن ننسب إلى الدين ما نراه في المجتمعات المتدينة. هذا يجري على أفراد المجتمع الديني نفسه، كما يجري على القارئين له من خارجه؛ فالطريق لمعرفة الدين هي مصادره المعتبرة، التي تعطي الإنسان العلم والاطمئنان، أو يقوم الدليل اليقيني على اعتبارها، وإذا غفلنا عن هذه النقطة فسنقع في اتّخاذ تقاليد وعادات مجتمعاتنا مصدراً من مصادر تشكيل رؤيتنا الدينية في الفكر والعقيدة والسلوك، وحينها سننسب إلى الله ما لا يرضاه!
*(وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا،*
*وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا،*
*قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ،*
*أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ!)*
سورة الأعراف؛ ٢٨.
.
.
س أمير العلي