الشيخ المشاجرة.. الحسين ذاكرة الأمة
آمنة الهاجري: الدمام
تحدث الشيخ إسماعيل المشاجرة ليلة الأمس بمأتم النمر عن محاضرة بعنوان “الحسين ذاكرة أمة” طارحاً ثلاثة محاور: ماذا نعني بذاكرة الأمة؟، وأهمية ذاكرة الأمة والذاكرة الجمعية للمجتمع، إضافة إلى حضور الإمام الحسين في ذاكرة الأمة الإسلامية هل هو حضور نشط؟ أم غير نشط عند بعض الأطياف من الأمة الإسلامية؟
وأبان الشيخ المشاجرة ما يقصد بـ “ذاكرة الأمة”:
حيث أن كما للفرد ذاكرة فـ للمجتمع والأمة ذاكرة أيضاً. موضحاً الفرق الذي بيّنه علماء الاجتماع بين تاريخ الأمة وذاكرة الأمة، مُبيناً أن تاريخ الأمة هو: مجموعة الأحداث التي مرت عليها، أما ذاكرة الأمة: فتتمثل بكيفية استحضار هذه الأحداث، وتنوع طرائق استحضارها (كـ قضية الإمام الحسين (ع))،
وأضاف: “إن كيفية الاستحضار أمر مهم في الذاكرة الجمعية، لأنه يؤثر مباشرة على سلوك المجتمع”.
وقسم الدكتورة المشاجرة الذاكرة إلى أصناف ثلاثة: الأحداث التاريخية، والتراث من النصوص المقدسة، والقيم والمبادئ والعادات والتقاليد.
وذكر بأن الذاكرة عبارة عن مخزون معرفي، يتمثل في الأحداث التاريخية من جهة، وفي النصوص والتراث المقدس من جهة أخرى، وفي القيم والعادات والتقاليد التي تؤمن بها الأمة وتؤثر في سلوكها، مبيناً أن كيفية استحضار هذا المزيج فهو ما يُعبر عنه بـ “ذاكرة الأمة” أو “ذاكرة المجتمع”. أو حسب المصطلح الأكاديمي “الذاكرة الجمعية”.
واستأنف الدكتور إسماعيل بيان أهمية وخطورة ذاكرة المجتمع من جهة أنها تمثل المخزون المعرفي، وتُشكل أدوات التفكير عند المجتمع، وبها يستحضر الإنسان الأحداث التأريخية بشكل محفز ومؤثر في سلوكه.
وأكد الدكتور على أن النخب المؤثرة في المجتمعات بالاستحضار المثمر للأحداث التاريخية فإنها تستطيع أن تصنع الحدث. فهناك نماذج إسلامية واضحة من تاريخنا تُبيّن أن استحضار الأحداث التاريخية وتذكير الأمة بها (ما يعبر عنه بتفعيل الذاكرة الجمعية/ تفعيل ذاكرة الأمة) كان كفيلا بخلق أحداث تاريخية جديدة مؤثرة.
ومن الشواهد التي استدل بها نجاح الدولة الأموية الثانية في بلاد الأندلس، إذ كان السر خلف ذلك استحضارهم لأمجاد دولتهم السابقة.
وبرهن على أن مدرسة أهل البيت (ع) نجد (منهج تفعيل ذاكرة الأمة) واضحا ورائدا جداً. فـ هم يؤكدون في نصوصهم على استحضار الهدف “أحيوا أمرنا، رَحِم الله من أحيا أمرنا”، ومعنى الإحياء الوارد هنا تحفيز الذاكرة، وتحفيز حضور الأحداث في واقع الأمة.
وأشار إلى ما تتعرض له ذاكرة الأمة على مر التاريخ، على الدوام من حالة استهداف؛ والمبرر في ذلك يعود إلى أن ذاكرة الأمة تؤثر في سلوكها.
وذكر كذلك أن الأمةُ استُهدفت من قبل المجتمعات الأخرى في ذاكرتها، حيث يستحضر التراث الإسلامي بصورة سلبية -مع شديد الأسف-، مضيفاً إلى أن نخبنا تنساق معه بكل عفوية واسترسال، وذلك كفيل بأن يعبث بطريقة تفكير الأمة.
وبصدد الإمام الحسين (ع) وحضوره في ذاكرة الأمة قال:”حينما نتفحص حضور الإمام الحسين (ع) في ذاكرة الأمة نجدها منقسمة بين من يستحضره على واقعه الصحيح، ومن يستحضره بصورة مغلوطة”.
وتابع: “فـ إذا أردنا تعزيز هذه المدرسة (الصحيحة) يجب علينا الإصرار على إقامة المجالس، وإحياء موسم عاشوراء بكل صورة متاحة لنا. وفي ظل الجائحة لهذا العالم أصبح حضور عاشوراء مختلفا، إذ أنه يفقد حالة الحماس والانفعال لإحياء عاشوراء”.
وشدد ختاماً على المشاهدين بأنه لا ينبغي لهذا الظرف الاستثنائي أن يثنينا عن هذه الحال من الشعور. مؤكداً على أن بيوتنا لابد أن تحال إلى مجالس للحسين (ع)، وأن نخلق من هذه المحنة فرصة لجعل بيوتنا مجالس لعاشوراء الحسين (ع).