بشائر المجتمع

الشيخ المشاجرة يتحدث عن الاتجاهات العلمية في مقاربة مبدأ الإمامة

آمنه الهاجري: الدمام

في الليلة الثانية من شهر محرم الحرام استعرض الشيخ الدكتور إسماعيل المشاجرة مناهج علماء الإمامية في تناولهم مفهوم الإمامة.
فبعض العلماء المتقدمين قاربوا هذا المفهوم من منطلق كلامي، استناداً على قاعدة اللطف، والتي تنقسم إلى (مُحصِّل ومُقرِّب). واللطف المقرب فعل إلهي يقرّب العبد إلى الطاعة ويبعّده عن المعصية دون سلب إرادته.

كما تحدث سماحته عن قاعدة للملا صدرا يستدل بها على ضرورة الإمامة تسمى (إمكان الأشرف). ملخصا لها بقوله: “إن العقل تأمل الموجودات ومراتب الوجود فلاحظ أن هناك موجودات ذات مرتبة أدنى، وحكم بضرورة أن الله أوجد الأشرف قبل الأدنى).

وفصّل الدكتور المشاجرة تلك القاعدة بالقول أن العقل أنه لو نظر إلى الموجود الحيواني (الحساس المتحرك بالإرادة) فإنه يرى أن هناك موجودا أشرف منه وهو الإنسان (الحيوان الناطق). والإمامة تنطبق فيها النظرية على الوجود الإنساني.

وبيّن أن هذه القاعدة صالحة للاستدلال على الإمامة، فالمتفحص للبشر يجد الإنسان العادي، فيحكم العقل بضرورة وجود إنسان كامل، حائز على كل صفات الكمال والجمال، وهو الإنسان المعصوم، الذي يمثل حجة الله في أرضه وخليفته. وكما حكم العقل بضرورة وجود النبي فهو يحكم بضرورة وجود الإمام، باعتباره الإنسان الأكمل في زمانه.

واستعرض الدكتور الاتجاه القرآني، الذي يرتكز على القرآن الكريم فقط في استدلاله، فيهندس لنا نظرية متكاملة حول الإمامة من خلال الآيات القرآنية.

وأورد الشيخ إسماعيل مجموعة من الشواهد القرآنية تفيد بأن وظيفة الهداية شأن إمامي، فبحسب الرؤية القرآنية وظيفة الأنبياء الإنذار، أما الهداية فوظيفة الإمام “إنما أنت منذر ولكل قوم هادٍ”.

وأكد سماحته بأن الإمامة اصطفاء وجعل إلهي، وليس للبشر دخل فيها. وطرح نظريتين معاصرتين لمسألة الإمامة، تتميزان بهدوء الطرح والنأي عن الجدل الساخن.

سمى النظرية الأولى (الإزاحة إلى المستقبل)، وتتلخص في نقل منطلق بحث الإمامة من الماضي إلى الإمامة المستقبلية للإمام المهدي. تجنبا لإثارة حساسية الطرف الآخر، وبناء على مقبولية أطروحة المخلص عند جميع الطوائف والأديان.

فمن يقر بحاجة الأمة إلى مصلح يعيدها إلى أصالة الإسلام عليه أن يقر بأن تلك الحاجة ممتدة بأثر رجعي إلى زمن وفاة رسول الله، فليس من المعقول أن النبي (ص) يترك الأمة دون إمام؟

وأشار سماحته إلى أن وظيفة كل واحد من الأئمة ارتبطت بالظرف التأريخي الذي عاشه، وبشخص الإمام المعصوم، مما يجعل لكل إمام مزايا قد لا نجدها في بقية الأئمة عليهم السلام.

وذكر سمتين اختصت بهما إمامة الحسين (ع): أنها إمامة (ثائرة)، فالإمامة الوحيدة التي وقفت في وجه حاكم في عصره هي إمامة الإمام الحسين (ع)، السمة الثانية أنها إمامة (حرة)، فبموت معاوية تحرر من البيعة التي لزمته بمبايعة الإمام الحسن له، وبرفضه مبايعة يزيد تحققت له إمامة حرّة أبت الضيم والانصياع. وهو وجه التشابه الذي يجمع بين إمامته وإمامة الإمام المهدي، وهذا ما يفسر الارتباط الوثيق بين حركتي المهدي والحسين (عليهما السلام).

ومن الجهة الأخرى تكلم عن شخص الإمام الحسين. على أن صفات الشخص صفات للمنصب.

ونوه بخصوصية أخرى في إمامة الحسين وهي الجنبة العاطفية التي اجتذبت عموم المسلمين، فهو آخر أصحاب الكساء، والبقية الباقية منهم.

وختم بميزة أخرى لإمامة الحسين وهي شهادته، فقد كانت شهادة صارخة، وهذه الإمامة الشهيدة أثرت أثراً بالغاً في الأمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى