الشيخ الجمعة: لقد اعطى الحسين الكرامة الاسلامية بأبهى و أجمل و أروع صورة
جعفر العمراني: الأحساء
تحت عنوان الكرامة الإنسانية و قيمتها الإسلامية تحدث الخطيب الحسيني سماحة الشيخ مرتضى الجمعة في الحسينية العلوية ببلدة الجبيل في الأحساء عن الكرامة في محاور عدة:
ففي المحور الأول بين المراد من الكرامة الانسانية فعرف الكرامة بأنها إعطاء بعض الخصوصيات للمكرم و التي توجب له إحتراما و شرفا، فقال: و حمل الباري لبني آدم في البر و البحر و رزقه من الطيبات و تفضيله على كثير من الخلق، وهي مما توجب شرفا و احتراما للإنسان و لذلك عد واحدا من المكرمين عنده تعالى.
وفي المحور الثاني تحدث سماحته عن أقسام الكرامة الانسانية، فذكر القسم الأول منها وهي الكرامة التكوينية وأنها تتكون من ثلاثة عناصر:
العنصر الأول: النفخة الربانية، والتي تكلم عنها القرآن (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) و التي تمنح الانسان الاستعداد الوجودي و التكامل لله تعالى و التحلي بصفات الله و أخلاقه و الرقي و الوصول إلى الله تعالى حتى يكون بقرب الجليل.
العنصر الثاني: العقل، و هو القوة الناطقة التي ميزنا ببركتها عن سائر المخلوقات، بل جعل العقل ميزانا للثواب و العقاب، فعن الصادق عليه السلام قال: لمَّا خَلَقَ اللهُ العقلَ استنطقه، ثُمَّ قال له: أقْبِلْ فأقبَلَ، ثُمَّ قال له: أدبِرْ فأدبَرَ، ثُمَّ قال: وعِزَّتي وجَلَالي، ما خَلقْتُ خَلْقًا هو أحبُّ إليَّ مِنكَ، ولا أكمَلتُكَ إلَّا فيمَن أُحِبُّ، أمَا إنِّي إيَّاكَ آمُرُ، وإيَّاكَ أنْهَى وإيَّاكَ أُعَاقِبُ، وإيَّاكَ أُثِيبُ.
فبالعقل يصنع الانسان التغيير و به يخترق الانسان حجب النور فيصل إلى معدن العظمة في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
العنصر الثالث: حرية الإختيار، فالانسان هو المخلوق الوحيد الذي يمتلك إستعدادا الى الصعود لله ليصنع لنفسه حقيقة رحمانية بحيث يكون أفضل من الملائكة و بالعكس تماما هو الذي يملك استعدادا إلى الهبوط ليصنع من نفسه حقيقة شيطانية حتى يكون أقل من البهائم.
ثم ذكر سماحته القسم الثاني من أقسام الكرامة الإنسانية وهي الكرامة التشريعية، وذكر أن الفقهاء قسموها على أقسام ثلاثة :
1. كرامة الانسان بما هو انسان، فيحرم ظلم الانسان بما هو إنسان كافرا كان أم مسلما، ملحدا كان أم موحدا، تقيا كان أم فاسقا، و هذا ما نص عليه أمير المؤمنين في عهده لمالك الأشتر عندما قال له: وَ أَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ وَ الْمَحَبَّةَ لَهُمْ وَ اللُّطْفَ بِهِمْ، وَ لَا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ، فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ: إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ وَ إِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ، و عن الصادق عليه السلام أنه قال: ما بعث الله نبيا من الأنبياء إلا بثلاث: حسن الخلق، وصدق الحديث، وآداء الأمانة للبر و الفاجر.
2. كرامة المسلم بما هو مسلم، فورد عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: الإسلام شهادة ألا اله إلا الله و أن محمدا رسول الله، به جرت المناكح و المواريث، ويذهب العلماء إلى أن الزواج من المسلم في الجملة جائز و هو يرث و يورث فالمسلم بما هو مسلم له كرامة.
3. كرامة المؤمن بما هو مؤمن: فالمؤمن يمتاز بنوع خاص من الكرامة عن المسلم و هذا ما نص عليه القرآن: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ)، فذكرت الآية بعض الحقوق بين المؤمن و بين أخيه منها اجتناب الظن وحمل الؤمن على الخير، ولا يتجسس عليه، ولا يغتابه.
وفي المحور الثالث تناول الشيخ الجمعة مجموعة من مظاهر الكرامة الانسانية، أبرزها، تسخير المخلوقات من الله للناس، وصيانة النفس البشرية من القتل، والاستخلاف في الأرض لعمارتها.
وختم سماحة الشيخ الجمعة حديثه بقوله: لقد أعطى الحسين الكرامة الاسلامية بأبهى و أجمل و أروع صورة فقال عليه السلام: ألا و إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة و الذلة و هيهات منا الذلة.