أهمية الملل للطفل، بمحاضرة عبر زووم
رباب حسين النمر: الأحساء
” الملل مهم للطفل، لأن المخ يبحث عن حلول بديلة وشطحات مع الملل، فيبحث عن مصدر للتسلية”
لفتت اختصاصية التخاطب فاطمة البغلي نظر الأمهات إلى إيجابيات مرحلة الجائحة في حياة الأطفال عموماً في محاضرة قدمتها عبر زوم يوم أمس الأول، عنونتها بـ (إيجابيات فايروس كورونا بالنسبة للأطفال ذوي التأخر اللغوي).
وبينت البغلي في مقدمة حديثها أن فايروس كورونا جاء بإذن الله ولا تزال آثاره مستمرة، وحتى نشهد نهايته بإذن الله لا بد أن نتأقلم ولا سيما ونحن نستمع كثيراً إلى سلبيات الفايروس.
ولابد أن نتكلم عن الجانب الإيجابي للجائحة الذي حدث في فترة حظر التجول والمكوث بالمنزل دون خروج ودون عمل، ودون مدارس.
وأشارت البغلي إلى الآثار الإيجابية الطيبة والفاعلة للجائحة ومن ضمنها انسحاب كثير من الأطفال من عيادة التخاطب حيث حلت مشاكل الكلام التي كانت لديهم.
وقد بينت البغلي سبب التحسن قائلة:
” استفاد الأطفال في فترة الحجر ببقائهم لوقت أطول مع والديهم، فقد تفرغت الأم لأطفالها ولا سيما الأم العاملة التي جربت شعور ربة المنزل في هذا الوقت، رغم شعور القلق الذي يساورها بشأن العدوى واحتمال انتقال المرض وكيف نستطيع توفير احتياجات المنزل دون تعريض أطفالنا للخطر، ولكن هناك جانب إيجابي وهو قضاء وقت ممتع مع الأطفال وهناك أمهات نفذوا فعاليات مفيدة للأطفال، وهناك برامج بثت لهم (أون لاين ) وقضى كل طفل مع إخوته وقتاً ممتعاً مليئاً باللعب، وإعادة تعرف العائلة على بعضها البعض، وتمدد الوقت المخصص للعائلة وقت الحجر”.
وأشارت البغلي إلى بعض
الأمور الإيجابية في هذه الفترة، منها: إنتاج برامج مفيدة لتنمية مهارات القراءة والكتابة والرياضيات للأطفال، فبدأت الأمهات تبحثن عن أي نوع من الفعاليات لملء وقت الطفل بما يفيد بعيداً عن التلفاز والألعاب الإلكترونية.
وعرضت البغلي تجربة
مبادرة برنامج تطوعي من جدة للأطفال الذين يمارسون ( القيمنغ)، وشرحت أبعاد هذا المشروع بأن هناك متطوعين يجلسون مع الطفل من فئة عمر ستة أعوام حتى خمسة عشر عاماً يقرؤون معاً كتاباً أون لاين، ويصححون للطفل أخطاءه ويطرحون عليه أسئلة، ثم يُمنح بطاقة هدايا أو نقود يتمكن من شراء الألعاب الإلكترونية بها لقاء الوقت الذي صرفه في القراءة حتى يستمر. فكانت المبادرة جداً رائعة فانجذب لها الأطفال حتى الذين لا يحبون القراءة.
ثم ذكرت البغلي مثالاً آخر لمثل هذه المشاريع التي تستقطب الأطفال وتهدف إلى تنمية مهاراتهم أثناء الجائحة وهو برنامج الحكواتي، وعلقت بأنه وهو يشبه البرنامج الأول لكنه لقاء مبلغ مادي رمزي ولكنه ليس تطوعياً، وهو موجه للأطفال من الفئة العمرية(٤-٦) أعوام أون لاين، فيقوم الحكواتي بقراءة القصة على مجموعات متعددة من الأطفال، ثم يطرح عليهم الحكواتي أسئلة وينفذون فعاليات وأنشطة يدوية معاً.
وهنا شغل الطفل وقته بما يفيد رغم كونه لم يخرج عن نطاق أون لاين.
وأضافت لافتة إلى دور الأم في تطوير مهارات طفلها أثناء هذه الجائحة:
” استطاعت الأمهات المهتمات إيجاد أنشطة بعيدة عن التلفاز والألعاب الإلكترونية خلال هذه الفترة.
أما أطفال سن المدرسة فإذا كانت الأم مهتمة بلغة طفلها ومعالجة بعض الحروف التي لا ينطقها حيث تزور عيادة التخاطب مرة بالأسبوع، أو مرتين بالشهر، الآن أصبح لدى الأم متسع من الوقت حتى تشتغل على طفلها بنفسها وتحدد مع الاختصاصية الأهداف والخطط العلاجية من ألعاب وتوصيات ومواقع إلكترونية، فاستغللن هذا الوقت لتحصيل تطور أطفالهم، ووصلن فعلاً إلى تحقيق تحسن الطفل بشكل ملحوظ”
ولفتت البغلي إلى نقطة إيجابية أخرى تمثلت في
خروج الطفل عن منطقة راحته وتدريبه على تغيير الروتين اليومي الرتيب، لأن الطفل يحتاج إلى تغيير روتينه بين فترة وأخرى وممارسة أنشطة جديدة تفيده لحياته المستقبلية، وعلى سبيل المثال من الجيد أن يتدرب الطفل على التعليم عن بُعد، وعدم التأثر بالمشتتات الخارجية والتركيز، وقد يضطر مستقبلاً أن يدرس بالجامعة عن بُعد، والآن هو يجرب تداخل عالم المدرسة بعالم البيت، والأم مسؤولة أكثر عنه وبعض الأطفال لا يتقبلون ذلك. وهذا مثال للخروج عن منطقة الراحة وعمل شيء لم يعتاده الطفل ليكون أكثر مرونة بالمستقبل وأكثر تقبلاً وتكيفاً مع كافة الظروف.
وفي ختام حديثها بينت البغلي أهمية الملل في تحريك خيال الطفل الراكد، وتحفيز الطفل على استخدام مخيلته في اللعب بالمنزل، حيث تفرغ الطفل للخيال أثناء عكوفه بالمنزل، والملل مهم للطفل لأن المخ يبحث عن حلول بديلة وشطحات مع الملل، ويبحث عن مصدر للتسلية. وهذا أمر إيجابي يطور خيال الطفل الذي يساعد بدوره على تطور لغة الطفل وتطور مهاراته القرائية والحياتية.
ختاماً شكرت البغلي الأمهات التي كانت الجائحة بمثابة امتحان صبر لهن بتضاعف المسؤوليات ومتابعة المنصة وحل الواجبات لمصلحة الطفل وتربيته وتعليمه.