أقلام

جرأة وصلافة

موسى الناصر

يبدو أن الصدام المحتدم بين مايسمى بتيار الحداثة والمثقفين من جهة، ورجال الدين من جهة أخرى قد أخذ منحى خطير و مؤثر على الجانب الفكري والثقافي، فالمعركة مستعرة وتتحرك بأدوات خبيثة لاتعترف بالحقائق والحدود التي يجب التوقف عندها، وخصوصا عند أولئك الذين لايمتلكون أدنى مقومات الثقافة و الحداثة، الذين نصّبوا أنفسهم في هذه المعركة كأدوات لبعض الحداثيين الذين وظفوهم كأدوات للطعن في الدين ورجاله، وبأبشع الصور والأساليب، حتى أصبح رجل الدين الذي لاتتسق مساراته مع توجهاتهم يوصم بالرجعية والتخلف، وليس هذا فحسب بل ويتم التجني عليه، واستخدام أعلى درجات الضغظ عليه وبكل أشكال الوقاحة، فيُطعن في نزاهته الأخلاقية والمالية بكل جرأة، وفي هذا الجو المشحون نجد أن أغلب رجال الدين يترفعون عن الدخول في هذا المعترك الخطير، والابتعاد عن الترافع، والأخذ والرد تجاه ما يرمى نحوهم من تهم وافتراءات، حتى ظن الطرف الآخر وأدواته، بأن الترفع عنهم هو بمثابة الإذعان والاعتراف بصحة الادعاءات المنسوبة للمؤسسة الدينية ولرجالها، فكل المحاولات والأساليب التي استخدمت لاستجلاب رجال الدين في حلبة المناكفات والصراعات اللا أخلاقية باءت بالفشل، فأخذ الصراع يأخذ مسارات أكثر حدة وغلظة من خلال تأليب طبقة الفقراء والمساكين ضد المؤسسة الدينية، وإظهار السبب الرئيسي لحالة الفقر والعوز على رجال الدين، لكونهم يكنزون أموال الحقوق الشرعية لأنفسهم ولأبنائهم، ويحرمون منها مستحقيها من الفقراء( على حد وصفهم)، ووضع أرقام فلكية من أموال الحقوق الشرعية عند كل وكيل، توحي للفقراء بأن لامخرج لكم من فقركم إلا من خلال رجل الدين الذي يتنعم بأموالكم، وكأن الواقع يقول بأن أداء فريضة الخمس في مجتمعنا تغلب على فريضة الصلاة! وأن الكل يهّب ويُسارع لدفع الحقوق الشرعية من أمواله، ولكن ورغم كل تلك المحاولات الشريرة التي تسعى جاهدة للنيل من مكانة رجل الدين في مجتمعنا، و إخلال ثقة الناس به إلا أن تلك المحاولات تعود على أصحابها بالخيبة والخسران، فالحداثة التي تلبس بها البعض وظن أنها تحقق ذاته، وفهم المعنى الحقيقي لها هو الطعن في الدين ورجاله، فأخذ دور الثور الإسباني الذي ما إن يرى القطعة الحمراء تُرفع إلا وهاج ضدها، فإن ضجيجهم وعبثيتهم تجاه رجال الدين لن ينتج لهم إلا الغبار، الذي سيقبع على وجوههم كوصمة عار لايمكن إزالته و تنظيفه.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى