نـاقـش بـهـدوء
زينب المطاوعة
تغيب كل معالم الألفة والمحبة في لحظة اختلاف الرأي بين طرفين، وكل منهما يريد أن يثبت أنه على صواب والآخر على خطأ. وتكبر فوهة النقاش شيئاً فشيئاً دون الوصول لحلٍ مجدٍ لهذا الموضوع الذي ربما لتفاهته لا يستحق الخوض فيه.
فقد يخسر الرجل زوجته بطلاق في لحظة كهذه ويتشتت الأبناء، وقد يفقد الصديق صديقه حينما يصل الأمر إلى الاعتداء عليه بالضرب لمجرد أنه لم يوافقه الرأي.
ويتقصد الأستاذ الفلاني هذا التلميذ ولا ينجحه في مادته المقررة لعدم التوصل لاتفاق على إجابة سؤال، وبإمكان طفلك أن يكسر جهازه الإلكتروني في لحظة عدم قبولك لطلبه.
ويمر في يومنا الكثير من امثال هؤلاء البشر ومن تلك المواقف التي لا تنتهي، وكلها بسبب حدة النقاش الذي يجعل كل طرف متمسكاً برأيه رغم كون رأيه ليس بالضرورة أن يكون صحيحاً.
وربما يتعرض الحوار والنقاش للعديد من المشكلات والمعوقات التي تسهم في تعطيله وإفشاله، ويرجع سبب بعضها إلى عدم جدية بعض المحاورين إما لأسباب شخصية ترتبط بالمحاور، أو موضوعية ترتبط بالجو المحيط بالحوار، ومنها مثلاً أن يتعمد أحدهم القيام بتصرفات مغايرة للحوار (كالثرثرة أو إخفاء جزء من الحقيقة وأحياناً الغضب والانفعال) حتى لا يستطيع الطرف الآخر الاستمرار في حواره ويختفي بذلك جزء من الفائدة المرجوه من الحوار، وأحياناً أخرى يفسد الحوار الجو المحيط به أو بالمصطلحات التي يستعملها المتحاورين وقد لا تكون مفهومة للحضور، أو تُفهم بطريقة أخرى، أو اختلاف العقليات والأفكار المتبادلة بين أطراف الحوار. ومن هذه المعوقات الضوضاء والتشويش التي تحدث بسبب مقاطعته الحضور للحوار دون هدف، أو الانشغال بالأحاديث الجانبية دون الانتباه للمحاورين.
لذلك من المهم جداً تعلم فن النقاش والحوار مع الآخرين فهذا الفرد بحواره يخرج ما بداخله من أفكار وقناعات في محاولة جادة لإقناع الطرف الآخر وعند اقتناعه بالرأي يزيد بذلك ثقة الشخص بنفسه ويُشعره بذاته لأن الإنسان بحاجة للأفصاح عما بذاته وبحاجة للتواصل مع الآخرين في نقاشه وحواره معهم.
فقط حاول حين النقاش أن تتمتع بأعصاب هادئة وتقبل الآخر واحتوه ولا تكن انفعالياً حتى لا تخسره، فالأمور لا تأتي بالعصبية أبداً لأن المناقشة والحوار ليست معركة ولا بد فيها من الانتصار، وكذلك تعلم فن الإنصات والإصغاء للمتحدث ولا تستخف بكلامه أبداً. وانعم بحديث هادئ فالهدوء راحة لك وللآخرين.