أخبار الصحف

مساحته تفوق نصف بحيرة جنيف.. بحر النجف ينبعث من جديد وسط الصحراء العراقية

بشائر: الدمام

بحر النجف ينبسط على امتداد 336 كيلومترا مربعا، أي أكثر من نصف مساحة بحيرة جنيف الواقعة على الحدود السويسرية الفرنسية

تحولت بحيرة جفّت منذ أزيد من قرن من الزمان في مدينة النجف وسط العراق إلى “بحر” يتّسم بوفرة المياه وينبض بالحياة، إذ يلحظ زائر المنطقة وفرة في شتى أنواع الطيور والأسماك.

وذكرت صحيفة “ليبراسيون” (Libération) الفرنسية -في تقرير لها- أن ما وصفته بـ”بحر النجف” الواقع في قلب الصحراء يعدّ “معجزة بيئية” حديثة ونادرة الوقوع في عالم كثرت فيه الكوارث الطبيعية وانقراض الأصناف النباتية والحيوانية بسبب تداعيات ظاهرة الانحباس الحراري.

وينبسط “بحر النجف” عند سفح المدينة التي يبلغ تعداد سكانها مليون نسمة، في نهاية بستان ضخم من أشجار النخيل المثمرة، على امتداد 336 كيلومترا مربعا، أي أكثر من نصف مساحة بحيرة جنيف الواقعة على الحدود السويسرية الفرنسية.

ممر للزوار سابقا

يتراءى للناظر من بعيد أطفال يدنون من الماء ويسيرون بحذر وتوازن على حجارة كبيرة للاستمتاع بالنظر إلى الأسماك من تحتهم، في حين تحلّق أسراب من طيور النورس فوقهم.

وعلى الجانب الآخر قارب صيد ينتظر بهدوء حلول الظلام لاستئناف العمل في بحيرة لا يملأ جنباتها سوى غبار البناء وضجيج المحركات، في حين لم تُخصص أي مرافق للترفيه حول الموقع، أو على الأقل حتى اللحظة.

وتفيد روايات الوافدين إلى المنطقة أن الزوار في السابق كانوا يصلون عن طريق البحر إلى النجف، لكن هذا البحر جفّ عام 1887 بقرار من السلطان العثماني آنذاك الذي أمر بوقف قنوات إمداده، تمامًا كما فعل المرة الأولى الإسكندر الأكبر في عصره.

وقبل بضع سنوات فقط، كان “بحر النجف” مستنقعات شاسعة في منطقة تكتونية منخفضة، وبدأت منذ عام 2012 موجة جفاف تدريجية لمياه البحيرة لكنها عادت مجددا وبوفرة في العامين الماضيين لتكون مجددا بحيرة حقيقية.

وتُجرى أبحاث لشرح أسباب هذه الظاهرة باستكشاف فرضيات عدة ممكنة؛ منها الأمطار التي أدّت بعد سنوات من الجفاف في العراق إلى ارتفاع مياه نهري دجلة والفرات الذي يمر على بعد كيلومترات قليلة فقط من النجف. كما ارتفع منسوب المياه الجوفية الآتية من السعودية لتنضاف إلى مصادر مياه أخرى في واحات الشمال الغربي والأنهار الصغيرة التي تجددت عن طريق التساقطات المطرية.

بانتظار انكشاف الأسرار

وفي انتظار أن تتكشف كل الأسرار وراء هذه الحياة الجديدة “لبحر النجف”، تبقى تأثيرات هذا التغيير في الثروة الحيوانية والنباتية واضحة ومذهلة، فقد سُجّل ظهور 168 نوعا مختلفا من الطيور المحلية أو المهاجرة في المنطقة منذ عام 2017.

كما أُحصي نحو 30 نوعًا من النباتات المتكيفة مع المناخ الصحراوي ومع الوسط المائي، وسمحت وفرة الأسماك بعودة نشاط الصيد الذي اختفى من مدة في البحيرة، كما ازدهرت أنشطة استخراج الملح.

وترى الصحيفة الفرنسية أنه إذا استمر هذا الانتعاش في ظل الظروف الجوية الجيدة في السنوات المقبلة، فربما يتحول “بحر النجف” يوما ما إلى واحدة من الوجهات السياحية البارزة في عراق لا تنقصه المواقع القديمة والطبيعية ذات الغنى الكبير، شريطة أن يستمر منسوب المياه في الارتفاع، لكن -وبوجه خاص- شريطة أن تستمر أجواء السلم في عموم البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى