أقلام

عمرة رجبية وإشارات عودة الحياة لطبيعتها

أمير الصالح

معظم أن لم يكن كل الاستثمارات في قطاع صناعة السياحية في كل مدن العالم تعرضت لزلزال من صنف التسونامي المميت كارتداد لاجتياح وتفشي وباء كورونا لجميع أرجاء المعمورة.

لا تزال صور خلو شوارع مدن عواصم كبرى عالمية من سكانها و زوارها وخلوها من السياح عالقة في أذهان الملايين من سكان المعمورة الحاليين، وكان الأمل يوم ذاك يحدو أبناء البشرية جميعاً أن يكون الوباء سحابة صيف،  إلا أن امتداد المدة الزمنية وطول مكوث الوباء في الارض أضعف بصيص الأمل في نفوس الكثير يوم بعد يوم وتعرض الأغلب من الناس لانتكاسات مالية ونفسية وعاطفية وأجتماعية و فُجع معظم سكان المعمورة وما يزالون باختطاف فيروس الوباء لأحبتهم وتهديده المستمر للمزيد من الخسائر، ومع لواح أفق الأمصال الطبية المتعددة بعد مرور عام و نصف من الشهور منذ أن تفشي الوباء عاد توهج بصيص الأمل بعودة الحياة إلى ما قبل عهد الجائحة.

ولا زال الأغلب الأعم من الناس حول العالم يترقون و بحذر شديد للأخبار الواردة من المدن الصناعية الكبرى في أمريكا والصين وفرنسا وايطاليا وكندا وأسبانيا والبرازيل.

الإحصائيات الرقمية التي تتناقلها وكالات الأنباء العالمية تبث نوع من الإحباط وتقتل الأمل وتشيب الرأس وتعكر الأمزجة و تطمس البسمة، ولعل آخر تلكم الأخبار هو خبر إحصائية حصاد الضحايا من الفيروس المسجل في البرازيل ليوم أمس، أخذت أفتش في زوايا العالم عن صور تبعث روح الأمل لشيء جميل؛ و بعيداً عن أخبار الوباء وإحصائيات الضحايا وجدالات واختيار نوع الأمصال وهواجس البعض من تبعات الأضرار الجانبية المجهولة من المصل.

وأخذت نفسي بعيداً عن الانغماس من متابعة أسعار العملات الرقمية ومؤشر أسعار الأسهم صعوداً و هبوطاً . وأغمضت عيني عن مستوى القلق على مستقبل فلان وعلان و توجهات العقار وتغيير مناخ سوق العمل و معدل التوظيف و تذبذب العملات و..و.. الخ . فكانت صور تعلق المؤمنين من كل المشارب الاسلامية ببيت الله الحرام أبرز لقطة تجلت في ذهني لزرع ألامل لحياة أفضل.

وكنت أتساءل مع نفسي، كيف لهؤلاء المؤمنين وفي أحلك الظروف الصحية وحيث انتشار وباء مميت يصرون على الذهاب لمكة المكرمة وأداء العبادات و منها العبادات المستحبة كالعمرة.

هنا عزمت أن أنسلخ بعض الوقت من المتابعات لأخبار الدنيا وأهلها وأعلق نفسي بأستار الكعبة المشرفة لبعض الوقت وتم لي ذاك بحمد الله و توفيقه، من نعم الله العلي القدير وفقت بانجاز عمرة مفردة في معية زوجتي في شهر رجب الحالي، و قد كنت ممتن لله الواحد الأحد على كبير هذا التوفيق، وأكتنف دعائي عند بيت الله الحرام أن يكشف الله اللطيف الحنان هذه الغمة عن البشرية جمعاء.

عند أداء العمرة الرجبية، تلمست أهمية الاتصال بالموروث والتوجيه الديني الوارد عن النبي الأكرم وآل بيته الكرام في تجديد العهد ببيت الله لكونه يعيد الأمل.

فعليا أرى أن هكذا شعائر إيمانية أعادت الأمل للأفضل، وأستردت الشعور بالحياة و بثت روح التجديد في المسير، نعلم كما يعلم أهل الوفاء أن الموروث الإسلامي فيه الكثير من الروايات المنسوبة لآل النبي محمد (ص) والتي تحث على أداء العمرة في شهر رجب الأصب.

وشخصيا أرى أنه مع الاجراءات الاحترازية التي أعتمدتها وزارة الصحة لمكافحة انتشار الوباء و التطبيقات الذكية التي اطلقتها الجهات المسؤولة مثل تطبيق “توكلنا” و تطبيق “اعتمرنا ” ، الى جانب التعلق الكبير من المؤمنين ببيت الله الحرام، أدى إلى نجاح موسم العمرة بشكل رائع وجميل و نفتخر به. و هذه التجمعات الإيمانية التي تسمو بالانضباطات العالية غرست الأمل من جديد لما هو أفضل.

ما لفت نظري هو أنه في مواسم الإغلاق التام للحدود الجوية و البرية لكل دولة احترازا من انتقال الوباء ، تبرز الأهمية الكبرى لتنشيط السياحة الداخلية لكل بلد لضمان استمرار الحياة المالية الناجعة،  ولما يتمتع به وطننا الغالي من وجهات سياحية داخلية عديدة، تاتي في مقدمتها السياحة الدينية أن صح التعبير بالسياحة و إلا فهي العبادة الايمانية، و عودة السياحة الدينية المنضبطة وفق الإجراءات الرسمية ترفع مستوى الاحساس بعودة الحياة في أشكال التجمعات الناجحة و هذه الرسالة ترفع معنويات سكان الارض ، شخصيا ممتن لكل من فعل اجراءات الاحترازات و طبق التباعد الاجتماعي من المعتمرين لانجاح اي تجمع عبادي اينما كان و بالخصوص في مكة المكرمة و المدينة المنورة ثانيا، أشكر  كل المخلصين الأوفياء الساهرين على صحة الناس، و ثالثا أشكر أهل الوفاء لدينهم و الحريصين على أرسال الطمأنينة و بث روح الأمل لعودة الحياة من معتمرين و حجاج و زائرين فنحن وإياهم إن شاء الله نحب الحياة و نعمل للآخرة لعمري هذا تطبيق حي لحديث حبيبنا محمد (ص) : اعقلها و توكل . توكلنا على الله .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى