أقلام

السيد السيستاني والإعلام

فؤاد الحمود

استطعنا عبر قراءة للتاريخ من استخراج بعض الآثار والأدوار لأئمة أهل البيت عليهم السلام خصوصاً في بعض القضايا المفصلية للأمة الإسلامية، ولا سيما إذا ما تعرضت لغزوات فكرية يراد منها حرف الأمة عن مسارها القويم؛ كقضية سك الدنانير مع عبدالملك بن مروان أو حين دست بعض المفاهيم التشكيكية عبر استقطاب أهل الديانات الأخرى ونشر أفكارهم.

ورغم محاولة إبعاد أدوار أهل البيت عليهم السلام المتعمد من خلال الخلفاء المعاصرين لهم وبأساليب مختلفة كالإقامة الجبرية أو السجون أو إبعاد الجماهير الموالية لهم عبر تخويفهم وتجريمهم حين اللقاء بهم.

إلا أن الظروف الحالكة العصيبة والتي لا يتأتى لعلماء البلاط التصدي لها أو ردها فيكون اللجوء لأئمة أهل البيت عليهم السلام هو الحل الأنجع، ورغم أننا لم نعاصر تلك الشخصيات العظيمة التي لها ارتباط مباشر بالسماء حيث الاختيار والتعيين من الله تعالى، إلا أننا نعايش أفذاذاً وأقطاباً من العلماء الربانيين الذين نأوا بأنفسهم عن دوائر الإعلام.

فشخصية كالمرجع الأعلى للطائفة والذي لا يملك أي وسيلة إعلامية سوى الموقع الإلكتروني الخاص به تسهيلاً للمؤمنين من مقلديه لأخذ فتاواه وآرائه وبياناته، وهو في نفس الوقت يمنع أتباعه والمقربين منه أن يكتبوا الأدوار التي قام ويقوم بها إلا ما ظهر.

وقد سعى جمع لتصورهم القاصر بإعداد وتجهيز جملة من القنوات الفضائية المتنوعة والتي لا تعدوا كونها حسينيات فضائية متصورين أنهم سيأخذون الرأي العام لصالحهم وتوجيه المجتمعات عبر ما يطرحونه من أفكار ورؤى وتصورات ظانين أن الإعلام هو نوع من الشكليات والقنوات المتعددة.

بينما الإعلام الحقيقي والذي يجب أن نسعى له كطائفة عبر غزو الجامعات العريقة والعالمية بوجود كراسي علمية واستخدام اللغة والوسائل الإعلامية المؤثرة في العالم، وخير شاهد على ذلك هي بعض الكلمات التي أطلقها السيد السيستاني خلال لقائه بالبابا فرنسيس.

والتي جعلت محرك البحث قوقل يعج بالبحث عن عبارة السيستاني والنجف لتخرق الملايين خلال فترة وجيزة وهو الاستثمار الأمثل للإعلام.

وهذا لعمري درس عملي تقدمه المرجعية العليا كما الدروس السابقة والتي يجب على المقلدين اتباعها وهي جمة وكثيرة؛ فالزهد والبعد عن الدنيا بمغرياتها والابتعاد عن الظهور الإعلامي والأبوة العامة ليس للمسلمين والمؤمنين خاصة، فالعراق بأطيافه المختلفة ينعم بوجوده وبركاته فضلاً عن العالم بأسره، فما لاءاته التي أطلقها رغم قصرها إلا أنموذجاً شغلت المراقبين والمقعدين لتلك اللاءات في التطبيقات الخارجية.

أما الوعي الذي قل نظيره المتمثل في السيد السيستاني فيستحق الوقوف أمامه إجلالاً وإعظاماً والدعوة للسير خلف الحكمة المتعالية التي بين جنابته، فليس المهم أن تظهر وتتكالب على الإعلام؛ بل المهم هو الإخلاص، فإذا ما أخلصنا النوايا سيركع الإعلام أمام مداميك بيته المتواضع والذي أبهر العالم كله.

فحذارِ أن يخادعنا الإعلام وبريقه المزيف ويفرق بيننا وبين القيادات الربانية عبر وسائل وأساليب تعمد إلى إبعاد الجماهير عن المنبع الأصيل وهو المرجعية الحقيقية وعبر إيجاد مرجعيات كرتونية سرعان ما تنهار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى