أقلام

أم مبارك العيسى..من نساء الحي الكريمات

عبدالله البحراني

من النساء الفاضلات في الحي الكريمة, مريم بنت عبدالله بن عيسـى المهنا (أم مبارك). امرأة ودود, حيوية. عرفت (تغمدها الله بواسع رحمته) بقوة الشخصية، محبوبة من الجميع. قامت على تربية عدد من أطفال الحي ورعايتهم كالأبناء، وكانت تبادر بالإصلاح بين المختلفين والمتخاصمين من الرجال والنساء, وذلك من أهلها ومن الجيران. ويحكى أن في بيتها سجادة إيرانية كبيرة الحجم, وثقيلة الوزن, وقد يحتاج لأكثر من عشـرين فرد لحملها ونقلها. وكانت تحرص أن توضع في حسينية المهنا طوال شهر محرم من كل عام. وعلاقتها بأم زوجها المرحومة فاطمة بنت علي المهنا (أم عيسـى) حميمة وتتعامل معها كالأم، وتحرص على مرافقتها في أثناء الزيارة وتقوم على جميع شؤونها.

كريمة, مضيافة. يُنقل أن زوجها الحاج عيسـى بن مهنا العيـسى المهنا (ت 1425) أحضـر لأهل بيته غزالاً, فأبت نفسها الكريمة إلا أن تطعم الأهل والجيران من لحم ذلك الغزال, حتى قضت عليه بأكمله، وهذا تصـرف ينم على روحها التواقة للبذل والعطاء، وقد يعني شاكلتها الشاعر, بقوله :
إذَا امتَلأت كَفُ اللَّئيَمِ مِنَ الغِنَى //// تمَايلَ إعجَاباً وقَال أنَا أنَا
‏ولكن كَرِيمُ الأصلِ كَالغصن كُلَّمَا /// ازداد من خير تَواضَع َوانْحَنىَ.

يقول, الأخ مبارك عيسـى المهنا (أبنها، وقد التقيته في حسينية المهنا): أن الوالدة كانت (نهرٌ من العطاء). فقد كانت ترسل اللبن والزبدة لجيرانها. وتوزع عليهم الثلج. لأن بيتهم من أوائل من أقتنى ثلاجة في الحي. ولها الكثير من المواقف في البذل والعطاء. وكان بيتها أشبة ما يكون (بدار الرعاية). حيث تربى فيه عدد من الأطفال واليافعين من أهل الحي. انتهى.

ويحكى أنه في إحدى السنوات, كانت إحدى نساء الحي في العراق للزيارة. وهناك تعرضت لوعكة صحية ونقلت إلى بغداد للعلاج. وعندما سمعت (أم مبارك) بذلك, توجهة إلى العراق لكي ترعى تلك السيدة وتقف معها. ولكن قدرة الله شاءت أن تتوفي (أم مبارك) في تلك السفرة بمستشفى الكرامة في بغداد. وتدفن بجوار إمام المتقين بالنجف الأشرف عام 1398 هجري. أما السيدة المريضة, فتعود إلى البلاد معافاه. وهذا الموقف يدل على أعلى مراتب الإخاء الإنساني والتواصل الاجتماعي.

غادرت هذه المرأة الدنيا, ولكنها تركت بعدها أثراً جلياً في النفوس (تغمدها الله بواسع رحمته). ومن هذه السيرة, نستنتج, أنها على مستوى عالٍ من الإدارة وحسن التدبير. لا ترد طالب حاجة. نقية القلب لا تحمل ضغينة على أحد. وكانت تقوم على تربية ورعاية أولاد زوجها من المرأة الثانية.

ومن اللطائف
يحكى أنه دخل سارق في أحد بيوت الحي. وعندما أحست النساء بذلك خاف الجميع واختبأوا ومعهم بعض الرجال. أما (أم مبارك) فترصدت للسارق حتى وقع في يديها, وأوسعته ضرباً. ويظهر أنها عرفته. ويقال (أنها وضعت على وجهه عباءة حتى تَستر عليه). وهذا تصرف فيه بأس وحكمة, قلما توجد بين الرجال أو النساء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى