أقلام

قاعدة كيس الشاي

علي بن حجي السلطان

هل رأيت يوماً شخصاً ما يجلس في آخر المقهى يحدق طويلاً في كوب أمامه وهو يحرك كيس الشاي باتجاه عقارب الساعة حتى يلتوي خيطه، يرفعه من الكوب، يتركه يعود عكس الاتجاه ثم يغمسه في القاع مكرراً الأسلوب نفسه عدة مرات لينتهي به بين السبابة والإبهام ليعصره عصرة ولو كان ذا روح لزهقت، ثم يرميه نحو الجدار البعيد القريب ليعلق به كالمصلوب أو يتحول إلى أشلاء معلناً انتهاء المهمة بأبشع صورة!
هل شاهدت مثل هذا المنظر؟! أو تصورته الآن؟! هكذا يُصنع ببعض بسطاء المجتمع للأسف حتى أنك تحتار في الحكم عليهم، هل يستحقون ذلك (المرار)؟! هل ظلمهم هؤلاء؟! أم هم من ظلموا أنفسهم؟!!.
البعض يعيش في المجتمع وشغله الشاغل اللهث خلف من يراه أفضل منه أو حتى يظنه أشرف منه وهكذا هي التصنيفات لدى بعض البسطاء حيث يُفني عمره يبحث عن قصعة كرامة من جاه رجل آخر لا يربطه به في معظم الأحيان حسب أو نسب، وهذا يحدث ما بين فئة الذكور أكثر منه في الإناث وربما بسبب طبيعة مجتمعنا، إلا أن المستقبل القريب ينبي بتساوي الجميع.
هل رأيت يوماً ما متغطرساً يملأ مساحته، يلوح بمسبحته، وهو ينظر إلى من حوله بعين الكبرياء والخيلاء، هكذا يتم التلويح بالبسطاء، لا لشيء سوى أنه معجب بنفسه والآخر المسكين متصاغر فيها، يظن أن قيمته سترتفع كلما اقترب من تلك القامة، بيد أنه لا يدرك أن أسهمه ترتفع في الفترة الأولى من الإصدار فقط ثم سرعان ما تتلاشى يوماً بعد الآخر، حتى يرى نفسه خارج الدائرة.
مثل هذا النوع من البسطاء يظن أنه لا يملك أدوات تجعله مقدراً في عيون المجتمع لذا يحاول الالتحاق بشخص لديه مكانة معينة ليحمل بشته أو يقود سيارته أو يسافر معه لحمل شنطته أو يروج لشخصيته حتى أصبح بعض المتكلمين أو السوشيلين أو الواتسابيين يقدس مجلس أو مكتب ذلك الشخص ليل نهار ينتظر أقل إشارة من رأس سبابة عمه.
نعم هذا البسيط أصبح يحضر دعوات كبار الشخصيات يجلس مجالسهم، يفترش سفرتهم، يصور السلفي معهم، وهذه تعد أجرته وهو لا يتمنى أكثر منها ليحافظ على فصيلته من الانقراض، هذا الفصيل فيما بعد سيعرف المجتمع أسماءهم ويحفظ صورهم لكن لن يكونوا ممن يقدرهم وسرعان ما يختفون حال ارتكب أحدهم أدنى خطيئة أو أفلس مستغله من ماله أو جاهه أو وافاه القدر المحتوم ليرى الآخر نفسه كالمشرد بلا مأوى المنبوذ بلا دعوى، ونصيحتي لمثل هؤلاء: لا تكن ككيس الشاي، بل كن كَيّسٌ فطن.
وأخيراً أسميت هذه الحالة ب “قاعدة كيس الشاي” لأجسد لهذه الفئة حالتها وهي أشبه بالسيمينار أو كمشهد لتمثيلية صامتة تعكس أحوالهم، فلربما انتبهوا لذلك واتخذوا قرارهم بالابتعاد أو التقليل، ومن الواضح أن هذه المقالة لا تعني كل من يمارسون هذه المهمة، لأن منهم من لديه علاقة مع ذلك الشخص أو أنه يعدها من خدماته للمجتمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى