أقلام

يوميات متكرونة مُحصنة (٢)

زينب علي

فيما سبق كان يصيبني الملل من الأواني التي تبقى عندي لأعوام، وعلى حسب قول البعض الآن:
(مواعين أنتيك)

فكلما وددتُ أن أجددهم، يعزُ عليّ رميهم.. ولكن ماحصل معي في فترة الحجر الصحي أمرٌ مُلفت !!
كانت تتساقط الأواني من يدي مرةً تلو المرة، دون أن أشعر، ولا أعي ذلك إلا بصوت كسرها الذي يُربكني ..

مع إنشغالي في أمورٍ أخرى..، أدركت حينها أن ذلك بسبب آلام مفاصل عظامي، التي كانت تجتاحني بين الفترات، حتى إني بالكاد أُمسك هاتف الجوال للحديث مع الأقارب.

وفي صباح اليوم الثالث من إصابتي، جلست لاحتساء كوب القهوة ذات الرائحة الفواحة المُعتادة، وكانت المفاجأة التي كنت دائماً ماأسمع مصابي الكورونا يرددونها: (ماأشم.. فقدت حاسة الشم .. ماأشم)، يبدو إنه قد حصل فعلاً ..

فرائحة القهوة التي كانت تُشعرني بمزاجٍ لامثيل له، قد فقدتها !! .. ذهبت فشممتُ روائح عطرية أخرى .. أنا حقاً (لا أشم) !!..

في هذا اليوم تناولنا طعام الغداء مُحترقاً لأنني (لا أشم) ، وطفلي الرضيع قد تعرض لـ إلتهابات جلدية لأنني (لا أشم)، وتعرضت حينها إلى لسعاتٍ مؤذية في الجيوب الأنفية لأنني (لا أشم) ..

تذكرت قول نبي الله يعقوب الذي كان يردد أكثر من ثلاثين سنة: (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ۖ)
فنبي الله يعقوب فقد بصره.. لكنه بات يشم ريح يوسف على الدوام ..
هل حاسة (الشمْ) تكون دلالة على قرب المحبوب أكثر من حاسة (البصر) ؟؟

تساءلت حينها لو إني بقيتُ بلا (شمْ) كيف ستجري الأمور؟؟؟
هل سأعتاد على فقد هذه الحاسه؟؟
هل سوف تنقلب مجريات حياتي؟؟
وهل فقداني لهذه الحاسة ستفقدني دلائل خاصة؟؟؟

إلى أن جاءت طفلتي ذات الستة أعوام لتوقظني من عاصفة تساؤلاتي بقولها: (يممممه أنا أشم .. أنا مافيني كورونا)
لم تعلم بأنها (متكرونة)
وانتهى الأمر ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى