الحاج ياسين السمين.. تقى ونزاهة
عبدالله البحراني
الحاج ياسين بن أحمد السمين (بو أحمد)، من صاغة الأحساء المرموقين. عُرفَ بالإتقان والجودة في عمله، وخصوصاً في مجال المرتعشات. ويُقال: إن بعض النساء يشترطن في مصاغ زواجهن مرتعشة (ياسينية).1
واتفق الجميع على تقيده بالموازين الشرعية في عمله.
*تعريف بشخصيته:
من مواليد واحة الأحساء. عاصر المقدس السيد حسين بن السيد محمد العلي (القاضي) وابنه السيد محمد (أبوعدنان)، والورع السيد هاشم السيد محمد العلي (الكبير)، وسماحة السيد ناصر السيد هاشم السلمان، وسماحة السيد محسن السيد هاشم السلمان (رحمة الله عليهم جميعاً).2
والدته:فاطمة بنت محمد علي المهنا. تزوج (بو أحمد) من المرحومة فاطمة بنت ملا علي بن حسن السمين، وهي من النساء الصالحات التي عُرفت في مجتمع الأحساء والدمام بسخائها وحبها للخير. انتقلت إلى رحمة الله في الثلث الأخير من الليل في 29/3/ 1429 هـ، وكانت ساجدة في مصلاها. وهذه من المبشرات (إن شاء الله) بحسن الخاتمة. لها دورٌ مشهود في خدمة مجالس سيد الشهداء (عليه السلام)، فقد كانت تقوم على مجلس حسيني أسبوعي عصر يوم الثلاثاء في بيتها. لها من الذرية أربعة أولاد (أحمد، ومحمد، وحسين، وعبدالجليل)، وأربع بنات صالحات.
من شمائله:
عرف بالسماحة واللين وحسن الخلق والتفقه في الدين. حريصاً على صلاة الجماعة. وقد التزم برفع الأذان في المسجد الجامع بالمبرز لسنوات عندما كان يسكن في الشعبة.3 ويعتبر الحاج ياسين السمين، من الأصدقاء المقربين للخطيب الحسيني الشيخ عبدالله بن حسين السمين (الوائلي الصغير). بالإضافة لعلاقة الرحم والجيرة، كان (أبا أحمد) من الملازمين للشيخ في مجالس منبر سيد الشهداء. وبينهم تآلف روحي وإيماني فريد. امتدت هذه العلاقة لعقود من الزمن حتى وفاة سماحة الشيخ السمين (رحمه الله).
وعمل (بو أحمد) على استنقاذ وقف لأسرتهم. وسعى في استخراج صك شرعي لهذا لوقف والمعروف بــ (العجلانية).4 وكان لي لقاء معه في بمنزل أبنه أحمد (وفقه الله) في مدينة الدمام. فوجدته, قمة في التواضع ودماثة الخلق. وفي عام 1412 هجري توقف عن العمل وتفرع للعبادة وصلة الأرحام وحضور مجالس سيد الشهداء. ومنذ سنوات, استقر بمدينة الدمام حيث أبنائه.
نهاية المطاف:
انتقل إلى رحمة الله في اليوم الخامس من ربيع الأول عام 1436 هجري عن عمر يناهز السادسة والثمانون. ودفن بمقبرة الشعبة بالمبرز. وكان منزله بالقرب من براحة اليوسفي بالشعبة.
كلمة السيد علي الناصر
وبعد وفاة الحاج ياسين السمين (بو أحمد)، أبنه سماحة العلامة السيد علي السيد ناصر السلمان بكلمة جميلة ومؤثرة في مسجد العنود. وأثنى على هذا المؤمن وعدد مناقبه الكريمة. وهذه مقتطفات من تلك الكلمة:
رحمك الله (يا أبا أحمد)، أتذكر أنني كنت أأتي لمحلكم الذي تصنعون فيه الذهب (وكان عمري لا يتجاوز الثامنة). وهناك, كنت أشاهد والدك, ذلك الشيخ الجليل بهي الطلعة. وكيف كنت تبره وتتعطف عليه. وكيف أنك تتعامل بأريحية مع الصغير والكبير. فقد تحليت بالتقوى. وهنيئا لك على رحلتك المباركة. وحياتك المشـرقة. والملونة بحب محمد وآله. وهنيئا لك هذه المنزلة وتلك التقوى والتي حفظتك عن هذه الدنيا ومفاتنها. وكنت – في الحقيقة – من الذين يقودون الدنيا.
وأبرز مظهر لهذه التقوى, أنك كنت محتاطاً في صنعتك. وكما أنَبَتَكَ الصالحون, فأنت أنبتَ صالحين (أحمد وإخوانه وأخواته). ولن ينسونك, لأن البر بالوالدين مطلوب ومؤكد في حياتهما. وهو كذلك مطلوب ومؤكد أكثر بعد وفاتهما. أبشـر (يا أبا أحمد) فان نصيبك في هذه الدنيا لن ينقطع. وأنت (يا أبا أحمد) من الذين يفرحون بلقاء ربهم. فهنيئا لك هذه المسيرة المشـرقة.
وكم يؤلمنا فراقك (يا أبا أحمد). فأنت جوهرة وطينة طيبة, وبركة قد رفعها الله إليه. فأنا لله وأنا إليه راجعون. (رحمك الله يا أبا أحمد), (رحمك الله يا أبا أحمد), (رحمك الله يا أبا أحمد). انتهى. وعلق السيد علي الناصر على وفاة الحاج ياسين السمين, بقوله: (موت هذا المؤمن ربحاً له وخسارة للمؤمنين).5
ورثاه سماحة السيد عبد الأمير السلمان, بهذه الأبيات:
حملتَ في يدكَ التقوى ليوم غدٍ **** وسرت للخلدِ محمولاً بخير يدِ
خلّفت بعدكَ ذي الذكرى نجددها *** في الحالتين ولن تخفى إلى الأبدِ
كأنما لم تغب عنا وما حَملت *** لنعشك الكفُّ في عصرٍ على كمدِ
غادرت للقبر مقروناً بكنز تقى**** وعدتُ بعدكَ مفجوعاً وفي نكدِ
وبتُ بعدكَ كالثكلى وقد فقدت *** على يد الموتِ بعضَ الأهل والولدِ
لا صبرَ لي في السرى يوماً لأحمله ***** وليس من جَلَدٍ يوماً لمُتفقد
هوامش
1. نسبة إلى الحاج ياسين السمين.
وتقول الكاتبة والأديبة شمس علي الحمد: بإن علاقة الصائغ بالقطعة التي يقوم على صياغتها، خاصة في الزمن الماضي حيث الاعتماد بالدرجة الأولى على التصنيع اليدوي، لا تكاد تخلو من حميمية بسبب طول بقاء القطعة بين يديه، والتأني في أثناء الاشتغال عليها، وحرصه على أن يبث بين ثناياها جل شحنات الإبداع في داخله. كما يحرص الصائغ على أن يضع لمساته الفنية بدقة ومهارة وابتكار لتكتسب جماليتها وفرادتها ورونقها الخاص. ولا يرضى إلا أن تبهره أولاً قبل أن تبهر مقتنيها في نهاية المطاف. المصدر, موضوع عن الصياغة. بقلم: شمس علي, سبق ونشر بمجلة القافلة – من أصدار شركة ارامكو.
2.أفادة من الحاج حسين بن حسن بو كنان (وفقه الله).
3.المصدر السابق, الحاج حسين بو كنان. ويقول: بأن بو أحمد (رحمه الله) ملتزم برفع أقامة الصلاة بالمسجد الجامع بالمبرز. وكذلك بمجلس الناصر بحي العنود بعد أن سكن بمدينة الدمام لسنوات.
4: والتقيت بالحاج ياسين السمين في 18/5/1431 هجري بمدينة الدمام في حوالي الساعة العاشرة والنصف صباحاً. بهدف التأكد من بعض المعلومات الشخصية عنه. ولم يكن يشغله سوى مراقبة الساعة حتى لا يتأخر على المسجد حيث يرفع الأذان.
5. كلمة وافية, يمكن متابعتها على شبكة المعلومات ((Youtube. وهي, من تصوير الشاب المبدع / مصطفى بن الحاج محمد السمين.