لينا بوجبارة .. تممت حجها وألقت حُجتها .. ورحلت
زينب علي
في أغلب الأحيان نذهب إلى أماكن متعددة، ونجتمع بشخصيات فذة ونادرة، ونُردد: دائماً تجمعنا الصُدف مع هذه الشخصيات في هذه الأماكن!
ولكن واقعاً هذه ليست بِـ (صُدف)، وإنما إذا أحببت أن تلتقي بهم فأتِ إليهم في موطنهم، فإن بيوت الله ومجالس المعصومين هي بمثابة الوطن لهم.
لينا البوجبارة إذا رغبت في لقائها تجدها في مواطن الطاعة والعبادة، في بيوت الله ومجالس المعصومين.
تراها مُرشدة ومُوجهة تارة، ومعلمة ومُساعدة تارة، ومُنزويةً عابدةً مُعتكفةً تارةً أخرى، وفي كلّ الأصعدة شُعلةٌ بوجه بسّام وقور، وروحٍ رقراقة.
الأستاذة لينا اهتدت بحسها إلى مكامن الإبداع في المجتمع الذي ربته، فعّلتْ طاقات الشابات، وصنعت منهم جيلاً سائراً على نهج الرسالة المحمدية، غرست في نفوسهم القيم والمبادىء العلوية، والتمسك بالآداب الفاطمية.
في رحلة الروح بمكة جذبت قلوب الكبيرات والصغيرات، واحتوت العشرينيات بالخصوص، جعلت منهم عصافير ملائكية، نسجت لهن أعشاشا من خيوط رقيقة، ليزقزقوا بأعذب الألحان.
أظهرت الأستاذة لينا ما لم يتمكن غيرها إظهاره، ابتداءً من ميلاد صادق الأمة والعترة (ع) كشفت عن وجوه جديدة، أبرزتها بأجمل حُلة، وصقلت أقلاماً، وأثارت عقولاً كلها شغف وحماسة، جعلت منهم طيورا مُحلقة بكل رشاقة ورزانة في سماء العاشقين لمحمد وآل محمد.
وصولاً إلى ميلاد الرضا وأخته المعصومة (ع)، لتكون تلك المحطة الموسوية محل ختامها ومظهر جمالها.
لكن روحها أبتْ أن تعرج قبل تمام حجها كعادتها في الأعوام السابقة، فـ لبت بتلبيات المحبين، وطافت بروحها حول كعبة العاشقين، وارتوت بعذب زمزم، ثم أحلتْ إحرامها.
وفي يوم الجمعة الثالث عشر من شهر ذي الحجة الحرام، عند خروجي من الروضة الشريفة، تحديداً مقابل القُبة الخضراء جاءني النبأ (توفت لينا)، جثيت على ركبتي وفاضت عيناي بالدموع وقلت: “يارسول الله لقد أتمت حجها وألقت حُجتها.. وهي في محضرك”.
فسلامٌ عليكِ يا أستاذتي، وعلى روحكِ الطاهرة ألف ألف سلام.