أقلام

الحاج ناصر بو صالح: القيادي.. عميد الأسرة

عبد الله البحراني

الحاج ناصر بن عبدالله بن حسن بوصالح، حقق لنفسه ولأسرته مكانة وسمعة عطرة في مجتمع الأحساء والدمام. عصامي، وصبور، وعملي. وكان عميد أسرة البوصالح لعقود من الزمن. وصاحب اليد الندية في دروب الخير. من مواليد عام ١٣٢٣هـ (تقريباً). والدته, من العلي (قرية المركز)، وله اخت من والدته، زوجها من الحمادة (الحداد). وبهذا أصبح خال شريحة كبيرة من عائلة الحداد بالهفوف.1
درس القرآن الكريم لدى السيد عليِّ السيد حسين العلي. عمل في بداية حياته في الأحساء بقيصرية المبرز في بيع الأقمشة. وعمل لفترة قصيرة في عُمان، ثم عاد إلى الأحساء ومنها إلى الدمام.2 وسألت عنه العلامة السيد علي الناصر السلمان. فأثنى عليه وعلى وقفه الكبير في إحياء مناسبات المعصومين.

عرفته من بعيد وكنت شاباً يافعاً، ومرافقاً لوالدي لمدينة الدمام، الذي كان يحرص على الجلوس مع صديقه الحاج ناصر بوصالح. ومنذ ذلك الوقت تكونت لدي فكرة عنه: بأنه رجل قوي الشخصية، معتد برأيه، يحضى بتقدير واحترام أهله والمجتمع، وعرفتُ لاحقاً بأنه فَقَدَ والده مبكرا، وتَعلم من اليتم: الصبر والاعتماد على النفس والتطلع لمعالي الأمور.

في مدينة الدمام:
هاجر إلى مدينة الدمام للعمل عام 1377 هـ (1958م) واستقر بها مع أبنائه. وكانت بدايته متواضعة بمحل صغير في شارع الحب لبيع الأقمشة في كراج سيارة أجرته 60 ريال في الشهر، اتخذ جزء منه للعمل والجزء الأخر سكن فيه مع عائلته.3 وذلك في بدايات بناء مدينة الدمام الحديثة. ومنها استطاع أن يبنى مع أولاده تلك الشركة التجارية الناجحة. وأتذكر محلهم في شارع الملك فهد (شارع الحب)، في ذلك السوق الذي يعد المنطقة المركزية وبها العشرات من محلات بيع الأقمشة والمجوهرات والكماليات والهدايا.

ومن سماته:
أنه (رحمه الله) مصلح داخل العائلة وخارجها. يعمل بصمت في مجال العطاء، وقد يتنازل عن الديون المتراكمة على بعض المتعثرين مراعاة لظروفهم. ومجلسه مفتوح في الصباح الباكر، يستقبل فيه الجيران والمحبين. استمر هذا المجلس أكثر من ستين عاماً. ويعد هذا المجلس استمرار لمجلسه في الأحساء، والذي كان يفحته ليلاً.
تربطه بوالدي (الحاج محمد إبراهيم البحراني) علاقة خاصة تتعدى حواجز المعاملات التجارية. فقد كان الوالد يذهب لمدينة الدمام أسبوعياً. وهناك, لابد من جلسة مع الحاج ناصر بوصالح. ويصف لنا الحاج محمد بن ناصر بوصالح تلك العلاقة بقوله: كانت العلاقة بين والدي والحاج محمد إبراهيم البحراني، علاقة أخ لأخيه. وكان صديقاً خاصاً لوالدك. وكان والدكم العزيز يأتي أسبوعياً للوالد لشراء الاقمشة. وبينهما علاقة محبة ومودة.4
وسألت أخي الحاج حسين بن محمد إبراهيم البحراني عنه، فقال: إن الحاج ناصر بو صالح مسموع الكلمة في أسرته، واضح في معاملاته، والرجل حقاني (منصف)، ولا يبخل بالنصيحة والمشورة على أحد.5
وكذلك تربطه علاقة خاصة وتواصل مع العلامة السيد محمد السيد حسين العلي (أبو عدنان)، وقد شرّف منزل ناصر بو صالح عدة مرات في مدينة الدمام. ومن أصدقائه: الحاج حسين بن احمد البحراني (العراقي)، والحاج عايش الماجد.

مواطن التميز:
وسألت الأستاذ جابر بن عيسـى بوصالح (وفقه الله) عن جوانب التميز في شخصية الوجية الحاج ناصر بو صالح، فأفادني بهذه المحاور. والحقيقة أنها محاور كبيرة، ويمكن أن يُولد منها كتاب جيد. ففي شخصيته الكثير من التجارب عنه وعن مجتمع حاضرة الدمام.6 يقول: الأستاذ جابر بوصالح:
*من سماته الشخصية: أنه قيادي، وذو شخصية قوية. معروف بعزة النفس والأنفة، والترفع عن صغائر الأمور.

نهجه في العمل:

يعمل بصمت، كريم في عطائه ودعمه للمشاريع الخيرية في المنطقة.

الدعم العيني:

وطريقته في دعم للمشاريع والمراكز الخيرية، بأن يكون الدعم (عينياً) حيث تقدم له الفواتير ويدفع تكلفتها، حتى يضمن وصول ذلك الدعم لجهته.

الوقف المبارك:

وفق (رحمه الله) في تأسس ذلك الوقف الكبير الذي من ريعه تقام مناسبات المعصومين في مجلس السيد علي الكبير، ويعد المجلس الرئيس في الدمام لأحياء المناسبات الدينية.
ونحن في الأسرة نفتقد: ذلك الانسان المحترم، المقدر، مسموع الكلمة، وصاحب القرار الحازم والحكيم.

تربية الأبناء:

ومن الجوانب الواضحة في شخصيته: نجاحه في تربية أبنائه وتهيئتهم مبكراً لتحمل المسؤولية. وأخذ الأبناء منه الكثير. ومنها، البذل في أعمال الخير في وسط العائلة والمجتمع.

مجالس سيد الشهداء:

من أوائل من أقام في منزله مجالس القرأءة الحسينية بمدينة الدمام.

الجانب الروحي:

من المنتظمين في أداء صلاة الجماعة وحضور المناسبات الدينية. وخصوصاً أداء صلاة الفجر بجامع الإمام الحسين (عليه السلام). وبعد الأنتهاء يشرع في قراءة دعاء الصباح، وقد كان يحفظه بكامله.

مراقد المعصومين:

كثير الزيارة إلى مشاهد المعصومين الشريفة ويقضي الشهور في جوارهم.

تواصله الأجتماعي:

يولي التواصل الأجتماعي وأداء الواجب كالعزاء وزيارة المرضى عناية فائقة. ومما ينقل عنه قوله لأبنائه: لا تحملوا هم الواجبات الأجتماعية، فسوف أقوم بذلك نيابة عنك

علاقته مع العلماء:

تربطه بعلماء المنطقة والأعلام علاقة قوية. ومن هؤلاء: العلامة السيد علي الناصر السلمان، والعلامة السيد محمدعلي العلي، والعلامة الشيخ حسين بن الشيخ محمد الخليفة، والعلامة السيد طاهر السيد هاشم السلمان، وغيرهم. فقد كان يتردد على مجالسهم، ويدعم مشاريعهم، ويحضى بثقتهم واحترامهم.

طريقته في تقسيم التركة:
وهذا ملف غاية في الأهمية. فقد كان الحاج ناصر بن عبدالله بو صالح (رحمه الله) إنسان عملي، ومؤمن بقضاء الله وقدره، وأنه غير مخلد في هذه الدنيا، ولذلك بادر على تنظيم ملفاته لما بعد الحياة. وذلك عبر تأسيس شركة البوصالح. شاركه فيها أبناؤه العاملون معه في تنمية تلك الثروة. وقد أبقى ما أوقفه من عقارات وبعض الممتلكات التي يستفيد منها الصغار من أبنائه، وبهذا يكون قَدَرَ للأبناء الكبار جهودهم ولم ينسَ الصغار من أبنائه. وعندما حان الأجل رحل بالذكر الطيب والرضى من قبل الجميع. وهذه تجربة رائدة تُسجل له. ويمكن للغير الأستفادة منها والبناء عليها، والدرس هنا: أن يبادر الفرد على تنظيم ملفاته وتوثيقها قبل أن يغادر هذه الحياة، وأن لا يترك كل شي للصدفة وطول الأمل.7

وفاته:

وكان رحمه الله يحث على العمل والمثابرة ولم يتوقف عن العمل حتى وفاته في عام 1416هـ، ودفن بمقبرة سيهات. رحمه الله عليه وعلى جميع من ذكرت أسمائهم في هذه المقالة.7
………
الهوامش:
1. إفادة من الحاج محمد ناصر بو صالح (بو سامي) عبر الوتساب. في ذو الحجة، عام 1442هـ.
2. الحاج محمد ناصر بو صالح (بو سامي)
3. المصدر السابق.
4. المصدر السابق.
5. لقاء مع الأخ الحاج حسين بن محمد إبراهيم البحراني، 25/12/1442 هـ.
6. مراسلات مع الأستاذ جابر عيسى بو صالح عبر الوتساب. في ذو الحجة- عام 1442هـ.
7. الأستاذ جابر عيسى بو صالح، المصدر السابق.
8. الحاج محمد ناصر بو صالح (بو سامي)، مصدر سابق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى