الحاج عبدالرسول بن محمد اليوسف
سلمان الحجي
الحاج عبد الرسول بن محمد بن حسين بن عبد اللَّه اليوسف، من مواليد فريج الرفعة الشمالية بمدينة الهفوف عام 1353هـ، وبعد ست سنوات من ولادته عام: (1359هـ/ 1934م) توفي أبوه محمد (والد الحاج حسين، والحاج عبد الرسول، وعلي (توفي في طفولته). فسكن بعد وفاة والده مع عمه الحاج عبد اللَّه (والد الحاج عيسى) بن حسين اليوسف لمدة سنة كاملة، ثم رجع مع والدته إلى موقع سكن أهلها (المكراني) بمنطقة العيوني بمدينة المبرز، وتم شراء مسكن لهما هناك بمقدار نصيبهما من التركة. فيما بعد تزوجت أمه بالحاج عبد اللَّه المكراني (والد أحمد وجد الشيخ عبد الجليل)، وخلف منها: عائشاً، وبنتاً واحدة.
عمل عبد الرسول بطفولته بمهنة الزراعة مع عمه الحاج عبد اللَّه المكراني، ثم في المهنة نفسها مع أسرة الصالح وبأجرة قليلة، وبما يسد به جوعه، ويتناسب مع عمله، والظروف الاقتصادية آنذاك. ولما أكمل الثامنة عشرة من عمره التحق بشركة أرامكو عام: 1952م، حيث كان التسجيل في مكتب الشركة للتوظيف بالدمام، وتم أخذ الفحوصات الطبية المطلوبة بمستشفى الظهران. وكان التركيز بالقبول آنذاك على فحص النظر، وقامة الجسم. وتم قبوله عام: 1952م على وظيفة ساعٍ بمكاتب الشركة مع إتاحة الفرصة له للدراسة في مناهج الشركة.
وتعد تلك الفرصة الأولى لانطلاقه في الدراسة بالشركة باللغة الإنجليزية، واستمرت دراسته بتلك المدرسة ثلاثة أعوام. وفي الأثناء فُتحت مدرسة حكومية بالظهران لمكافحة الأمية، ودرس فيها ثلاثة أعوام.
ثم انتقل عمله إلى بقيق، والتحق بمدرسة التمريض، وكان من أهداف تلك المدرسة تأهيل طلابها ليعملوا ممرضين، كما كانت من سياسات الشركة آنذاك منح بعض خريجي تلك المدرسة بعثة إلى لبنان، ودراسة سنتين تمكنهم من أداء دور الطب بالأمراض البدائية لموظفي الشركة. ومن ضمن من أدى ذلك الدور من موظفي الشركة: طاهر المجحد، وعبد اللَّه الربيعة. وبعد التحاقه بتلك المدرسة درس فيها سنة كاملة، ثم أقفلت تلك المدرسة، فطلب نقله إلى بقيق في إدارة التعليم، وتم له ذلك. وكان وقتذاك يجمع بين عمله في تلك الدائرة، وإكمال دراسة متطلبات الشركة. ثم أكمل دراسته المسائية، وحصل على شهادة المرحلة الابتدائية، ثم تنقل للعمل في دوائر مختلفة بالشركة من أهمها: دائرة التعليم، ودائرة المستشفيات، ودائرة المخازن، ثم دائرة المقاولين التي كانت أصغر دائرة بالشركة، وتعتمد على موظفين أحدهما أمريكي الجنسية والآخر فلسطيني الجنسية. وكانت تلك الدائرة تهتم بإرساء المناقصات على مقاولي الشركة لإنجاز مشاريعها، وبعد سنة من عمله في تلك الدائرة بحسب نظام السعودة تم الاستغناء عن خدمات الفلسطيني، وأصبح هو المسؤول عن المهام التي كان ينجزها ذلك العامل الفلسطيني. وفي بداية تلك المسؤولية واجهته تحديات متعددة، حيث كان يطلب الشرح الفني الوافي للمشاريع، ومتابعة إرساء المناقصات مع المقاولين والمهندسين، ولهذا أصبح يأخذ ملفات المناقصات للسكن ويدرسها دراسة وافية حتى ينجز المطلوب منه بإتقان. ثم قررت إدارة الشركة تحويل ذلك القسم إلى الظهران لأهميته بعدما عُيّن موظف لمساعدته من أسرة الغامدي، الذي توفي فيما بعد في طريق انتقاله من بقيق إلى الظهران. ومن المواقف الطريفة التي يتذكرها يحدثنا الحاج عبد الرسول، فيقول: لما علم أحد الموظفين بالشركة فرع الظهران بقسم المقاولات (سوداني الجنسية) بأن دائرتنا ستنقل إلى موقع الظهران، اتصل عليّ يحاول قدر الإمكان أن يقنعني بأن أرفض الانتقال إلى الظهران خوفاً من إلغاء عقده. ثم يكمل الحاج عبد الرسول: بالنسبة لي لم تكن لي رغبة الانتقال إلى الظهران، فتم نقلي إلى دائرة قسم صيانة الأعمال البترولية في بقيق. وفي تلك الفترة أتاحت شركة أرامكو دراسة القراءة والنحو باللغة العربية بمناهج لبنانية، كما أتاحت لي الشركة التفرغ لإكمال مناهج شركة أرامكو السعودية لمدة ثلاث سنوات مما يؤهلني للابتعاث، واستثمار تلك الفترة لدراسة الأدب الإنجليزي، والأدب الأمريكي، والجغرافيا العالمية، والتاريخ العالمي، وغيره. وكنتُ في تلك الفترة أطمح لإكمال دراستي العلمية، ولكن ترشيحي في حينها للعمل في دائرة الخدمات للإداريين بمنطقة بقيق حال دون ذلك، وفي عام عام: 1974م رشحتُ على وظيفة مسؤول عن إدارة الصيانة والإنتاج في الأحساء كأول مكتب يفتح للشركة، وكنتُ مسؤولاً على أربعة إداريين، إضافة إلى فرق من النجارين، والمعدات، وقسم السباكة، وقسم الميكانيكا. وكان المشرف علينا مسؤول أمريكي يأتي من بقيق يوميّاً للإشراف على الأقسام الفنية. وفي هذه الإدارة وفرت لي الشركة سيارة وهاتفاً قبل أن تتوافر خدمة الهواتف بتوسع في المجتمع، لتتواصل معي إدارة الشركة 24 ساعة. وكنا نتلقى الاتصالات الطارئة من إدارة الشركة بهدف تبليغ العمال عبر التوجه إلى منازلهم بالمدن والقرى، وطلب إنجاز الخدمة المطلوبة في مناطق أرامكو كالعثمانية والعضيلية و…، وننهي ذلك برفع تقرير بمستوى الإنجاز. كما كنا نتابع حوادث الموظفين عبر الخروج لموقع الحادث بعدما تخبر إدارة المرور بذلك. إضافة إلى إعداد تقرير بذلك، وفي الوقت نفسه نخبر الجهة المسؤولة بمنطقة بقيق. استمر عملي في تلك الوظيفة ثلاث سنوات. وكنا نطمح للعمل في دائرة العلاقات بـ(بقيق) التي من مهامها ربط الشركة بالدوائر الحكومية، إلا أنه لم يُتح لي ذلك حينها، إلا أنني رشحتُ على وظيفة رئيس الكتبة بـ: بقيق. وكنتُ في بداية الأمر رافضاً العمل بتلك الدائرة مفضلاً العمل بالأحساء لقرب ذلك من أهلي، إلا أنني التزمتُ بقرار المسؤولين بالشركة، وتوليتُ الإشراف على دائرة الكتبة، وكان تحت مسؤوليتي (20) موظفاً من سعودي وفلبيني وهندي و…وكنتُ حينها على الدرجة التاسعة ومرشحاً للدرجة العاشرة. وهناك وقع تصادم مع المسؤول الأمريكي بخصوص فصل موظف من بلدة البطالية بسبب مرضه ورفضتُ ذلك، فأصر الأمريكي على رجوعي للعمل في دوائر الشركة بالأحساء فرفضتُ ذلك وطلبتُ منه منحي درجة الترقية، أو يوجهني إلى وظيفة أخرى في دائرة أخرى بمنطقة بقيق، فتواصل مع دائرة العلاقات الحكومية وطلبوه للعمل معهم. وفي تلك الفترة حصلتُ على أعلى تقييم (1)، ولكن المسؤول الأمريكي وضع له (4)، فصار في حيرة كيف يتوجه لدائرة وتقيمه منخفض، فتواصل مع محمد المغامس المسؤول عن دائرة العلاقات الحكومية وأعلمه عن سبب تقييمه المنخفض، فقال له المسؤول: لا يهمنا ذلك نحن أعرف بمستواك، ثم طلب منه المسؤول الأمريكي أن يرجع إلى وظيفته بالأحساء لمدة قصيرة، وأن يرشح موظفاً بديلاً عنه يؤدي المسؤوليات التي كان ينجزها في بقيق، وبعد ذلك توجهتُ إلى دائرة العلاقات الحكومية، واستفدتُ كثيراً من تلك الدائرة حيث كانت من طموحاتي، وتحقق لي ذلك وكان عمري: 33 سنة، فحصلتُ هناك على الثقة الكاملة، كما حصلتُ على ترقيات متعددة، وكانت من أهم أمنياتي الدراسة بأمريكا، وتم ذلك عام: 1982 م. وبعد دراسة سنتين في أمريكا تخصص علاقات لإكمال شهادة البكالوريوس، طلبتني دائرتي ورجعتُ في تلك الدائرة، واستمر عملي إلى وصولي لسنة التقاعد، ورفضتُ التقاعد لكن الشركة أصرت عليّ التقاعد، وكان ذلك عام: 1994م.
ملخص عمله في الشركة:
العمل المريح، وحقق الكثير من الطموحات، وغياب المشجع أثر على بعض الطموحات، حيث إن إنجازاته بجهد شخصي وحب العمل على الرغم من تكوين صداقة مع رجلٍ وافٍ هو أحمد السباب (ثم غير لقبه إلى الصباغ)، واصل دراسته العلمية بعدما رفض إكمال دراسته العليا ضمن شركة أرامكو، انتقل إلى جامعة الملك عبد العزيز للحصول على شهادة الدكتوراه) فكانت نصيحته له: التركيز على إكمال الدراسة، إلا أنه رغب في الجمع بين طموحه وبين اهتمامه بالأسرة.
زوجتاه:
زوجتي الأولى من أسرة العمران، تزوجتُها عام 1957م ورُزقتُ منها: سامياً، وجميلاً، وصلاحاً، وثلاث بنات، وتزوجتُ الثانية من أسرة اليوسف (الحداديد، من أهالي الشعبة بمدينة المبرز) وأنجبت لي: محمداً، وغازياً، ويوسف، وأنوراً، وأحمد، وخمس بنات.
نصيحته للشباب:
التركيز على الدراسة بجد واجتهاد، والالتزام بالأخلاق العالية، والتواصل مع الأرحام، ومصاحبة الأصدقاء الصالحين والواعين، وخدمة الناس.
تأثير شركة أرامكو:
أثرت شركة أرامكو على المنطقة، وأثرت عليه بأن أوصلته لهذا المستوى من المركز الوظيفي والدراسة العلمية، وكان أول راتب يحصل عليه: 150 ريالاً (بالفضة ليست ورقية)، وقد تعلم من الشركة التقيد بالأنظمة مع أهمية الأخذ بمبدأ الحوافز والعقوبات، علماً بأن آخر مسؤولية وصل لها أخصائي علاقات حكومية ممثلاً أول.
التجربة بالغرب:
من احتكاكه بالموظفين في الغرب وزيارته لبلاد الغرب لاحظ الصدق في التعامل، والوفاء بالمواعيد، واهتمامهم بأنفسهم.
المجتمع ما قبل ستين سنة:
كان التواصل والاهتمام بالأرحام والجيران والأصدقاء أفضل.
هوايته:
يعشق الشعر، ولا سيما شعر الشاعر جاسم الصحيح، والشاعر ناجي الحرز، ويعشق المشي.
سفره:
سافر إلى العديد من الدول من أهمها: دول الخليج العربي، وأمريكا، وكندا، وبريطانيا، وفرنسا، وعدة دول في شرق آسيا حتى تكوّن لديه انطباع ودراية بمختلف الثقافات والعادات بتلك الدول.
وأخيراً استقر في المغرب يسافر إليها سنوياً، حيث اشترى له داراً هناك.
تقييم أولاده له:
حسن التعامل مع أولاده، وتعامله معهم كأصدقاء، يتمتع بالمرونة والانفتاح وطيبة القلب، يهتم بصلة أرحامه ورعاية بعض أيتامهم، له مبادرات تنموية في الخفاء، يبحث عن الحل البسيط بالأخص لما يرتبط العمل بالآخرين حتى لا يوجد لهم مشاكل، أوجد علاقة قوية بين أولاده، اهتمامه بالآخر شجع الآخرين على إكمال دراستهم، وشجع أولياء الأمور على إلحاق بناتهم بالمدارس مع أوائل افتتاح مدارس البنات بالمنطقة.