الحاج عبد الله بن علي المسيلم
سلمان الحجي
الحاج عبد الله بن علي بن محمد المسيلم من مواليد بلدة الدالوة عام 1340 هـ، درس القرآن الكريم عند السيد محمد بن السيد حسين العلي، وتعلم الكتابة عند الملا حسين العياش، وواصل حياته المعيشية في مهنة الزراعة، توفي يوم الثلاثاء الموافق 12/3/1435هـ، وصلى عليه صلاة الموتى ليلة الأربعاء بمقبرة بلدة الدالوة الشيخ حبيب بن إبراهيم المطاوعة، لنتابع أهم ما سطره من معلومات تاريخية عن بلدته، وغيرها من معارف، في لقائنا معه.
– حدثنا عن أبرز ما تميزت به مرحلة دراستك للقرآن الكريم.
– كان المعلم يهتم بتعليمنا القراءة الصحيحة لكتاب الله العظيم، وأتذكر أن عدد الطلاب يقرب من (25)متعلماً وفيهم فتيات يتعلمن معنا، وبرنامجنا التعليمي كان مقسماً إلى فترتين أولهما من الصبح إلى الظهر ،وبعدها نرجع فترة ثانية بعد العصر، ونستمر في التعلم إلى وقت صلاة المغرب، وإذا غاب الطالب كانت عقوبته الضرب من المعلم، وكانت أجرة المعلم أن يقدم له الآباء: التمر، والأرز، واللبن، والدهن، والبيض، والبعض يعطيه النقود.
– حدثنا عن برنامجك التعليمي مع القرآن الكريم.
– كنا نفتح مجلسنا في شهر رمضان لاستقبال الأرحام والجيران والأصدقاء، بهدف التواصل والاستماع لقراءة القرآن الكريم، فقد كنتُ في كل يوم أنهي قراءة ثلاثة أجزاء من القرآن الكريم، ولأجل الاستفادة من هذا التجمع الشبابي، أسسنا برنامجاً تعليمياً للقراءة الصحيحة لكتاب الله وفق منهجية تزيد عن خمسين سنة، وكانت طريقتي في التعليم أني أكلف أحد الطلبة بالقراءة في إحدى السور القرآنية، وبقية الطلبة تتابع معه، ثم نقف مع أخطاء القارئ، ونصلح له ما ألحن فيه، وينتقل الدور إلى الطالب الثاني وهكذا، وإذا انتهى الزمن المخصص لدراسة القرآن الكريم نكمل ذلك في الليلة التالية، وأهم شيء أركز عليه متابعة الطلبة للقارئ، والسؤال عن أسباب الغياب، وقد ساهمت تلك المنهجية في تخريج أجيال، عرف عنها جودة القراءة الصحيحة للقرآن الكريم.
– ماذا تعرف عن أبرز شخصيات البلدة.
– كان أهالي بلدة الدالوة في القدم يسكنون في منطقة بين بلدة القارة وبلدة الدالوة تسمى الكوارج ،ثم انتقلوا إلى هذا الموقع، وسميت الدالوة بهذا الاسم لاستخدام أهالي البلدة الدلو لسحب المياه من البئر لكثرة الزرع، يقال في حرب كنزان التي وقعت بين الملك عبد العزيز والعجمان، شارك فيها من رجال البلدة عشرة أشخاص، لم يقتل إلا واحد منهم فقط. ومن المعلومات التاريخية التي أتذكرها كانت الدولة تجمع ضريبة الجهاد من الأهالي، وكان التوقيت السنوي لدفع تلك الضريبة في شهر شعبان، حيث يتم تحديد مبلغ مالي على كل فرد بالبلدة بحسب وضعه المعيشي، وكان عمدة البلدة هو المسؤول عن جمع تلك الأموال من المواطنين. ومن الأحداث التاريخية التي أتذكرها كلف أمير الأحساء آنذاك أحمد الجغيمان بمسؤولية تشغيل الأيدي العاملة المتطوعة لشؤون الدولة، فكان الجغيمان يرسل إلى عمدة كل بلدة يطلب منه تحديد الأشخاص الذين سيتطوعون بجهدهم لخدمة الدولة، وكل يوم يرسل العمدة مجموعة غير التي أرسلت بالأمس وهكذا.
– من الخطباء الحسينيين بالبلدة: الملا حسين العياش، والملا محمد بن إبراهيم المطاوعة، والملا محمد المطاوعة، والملا أحمد المطاوعة. من يتولى قراءة مقتل الإمام الحسين(ع) ووفيات الأئمة (ع): الملا إبراهيم بن أحمد المطاوعة، والحاج حسن المطاوعة، والملا علي بن محمد المطاوعة (مقتل ومواليد).
– أما العمد الذين تولوا مسؤولية إدارة شؤون المجتمع بالبلدة فهم: إبراهيم التريكي، والسيد هاشم بن السيد حسين السلمان، وعبد الله اليوسف، وحسين اليوسف، وطاهر بن أحمد اليوسف، وأحمد بن طاهر اليوسف.
– أما عن قوافل الحج في السابق قبل تأسيس مؤسسة الدالوة، فقد كان الراغبون في أداء فريضة الحج ينسقون مع الحملدار محمد الوصيبعي من مدينة الهفوف لتسهيل أداء ذلك الواجب الشرعي.
– حملدار الحج بالبلدة: مؤسسة الدالوة.
– من وجهاء البلدة: حسين بن إبراهيم التريكي، والعمد هم من أبرز الوجهاء بالبلدة.
– طلبة العلوم الدينية بالبلدة: كانت تفتقر البلدة إلى طلبة العلوم الدينية فكان أبرز من يتردد إليها: الشيخ أحمد الرمضان، والشيخ عمران السليم، والشيخ معتوق السليم، والشيخ ناصر بو خضر، والشيخ حسن الجزيري، والشيخ صالح السلطان، والشيخ علي الدندن، والشيخ إبراهيم البطاط، والشيخ حسين الأحمد(الزيد)، وهناك شيخ من أسرة المطر وأكثرهم مداومة لإقامة صلاة الجماعة: الشيخ أحمد الرمضان، والشيخ عمران السليم، والشيخ معتوق السليم، والشيخ حسين الأحمد(الزيد).
-حدثنا عما تعرفه عن:
1- الملا علي بن فايز الحجي: سمعتُ من ابن أخي الشيخ جعفر المسيلم أن خطيباً حسينياً في البحرين قرأ قراءة حسينية في مأتم حسيني، ولم يتفاعل معه الحضور ،فكان الملا علي بن فايز حاضراً وأخفى عنهم رؤوس النرجيلة التي اعتادوا على إدمان شربها، فطلبوها ولم يجدوها فأنشد لهم في قصيدة تلك الرؤوس وضعوها على رؤوس الرماح، فأبكاهم جميعاً.
2- الملا أحمد المسيليم: هو جد الشيخ جعفر المسيليم لأمه، كان يتميز بقراءة القرآن وترتيله، وقد استفدتُ منه وأصبحتُ أقلده في قراءة القرآن الكريم بترتيل حسن، وكان أيضاً متميزاً بقراءة مقتل الإمام الحسين(ع)، ووفيات الأئمة(ع)، سكن في البحرين فترة زمنية ،كان أهالي تلك البلاد يرجعون له بالسؤال عن الليالي الجيدة في الزواج والزرع، يقال: إن شخصاً من أهالي البحرين أراد الدخول بزوجته في ليلة معينة، ولما علم الملا أحمد بأن تلك الليلة غير جيدة للدخول بزوجته، قال للزوج: إذا أمكن لا تدخل بزوجتك في هذه الليلة، فهناك خبر مشؤوم سيصيب أحدكما إذا دخلت بها، والظاهر أنه أشار إلى موت أحدهما، وقد ذكر ممن تابع خبر الزواج، أن الزوج لم يأخذ بوصية الملا فدخل بزوجته تلك الليلة وتوفي والله العالم.
من مواقفه أيضاً: كان يأمر أهالي البلدة بوضع الرمل على أطراف البلدة بعد القراءة عليه بآيات من القرآن الكريم، وكان ذلك مانعاً من هجوم العجمان على أهالي البلدة، الذي كان هدفهم سرقة الممتلكات والأموال، وكان ذلك التصرف كقرار بديل عن حراسة البلدة من هجوم العدو، ومن مواقفه أيضا: كنتُ أشكو من هجوم الفئران على زراعة الأرز الحساوي، فأمرني بوضع الرمل على أطراف الزرع المعني بعد قراءة خطبة النبي(ص) في حجة الوداع، عليه فاختفت الفئران بعد ذلك. يقال: إن الشيخ عمران السليم أمره بإقامة صلاة الجماعة، فرفض ذلك، وقد طلب الشيخ عمران من رجال البلدة تقديم الملا أحمد المسيليم ليؤم المؤمنين لصلاة الجماعة. وفي ليلة وفاة الملا أحمد قال لي: سوف أموتُ هذه الليلة، وتحقق ذلك في نفس الليلة رحمه الله.
– كلمة أخيرة.
– الناس في السابق أفضل في تكاتفهم وتعاونهم من زماننا الحالي.
في زماننا الحالي نمت الثقافة الدينية أكثر من السابق، نظراً إلى تواجد طلبة العلوم الدينية من البلدة ومنهم: الشيخ جعفر المسيلم، والشيخ حبيب المطاوعة، والشيخ ياسين التريكي، وهو ما حرمنا منه في السابق، مع العلم أن الفضلاء الذين كانوا يترددون على البلدة لإقامة صلاة الجماعة لم يقصروا في أداء دورهم الديني في ساعات تواجدهم بالبلدة.
14/5/1429هـ