أقلام

حوارية (٧٥) بعض خلافات طلبة العلم أرهقت تديني

زاهر العبدالله

السائل:
بعض خلافات طلبة العلم أرهقت تديني والتزامي وحيرتني فمن يملك الحق منهم فماذا تنصحني لتستقر نفسي؟

الجواب:
أخي العزيز نحن موعودون في آخر الزمان في لسان الآيات والروايات بكثرة الفتن.
قال تعالى :﴿ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرِّ وَالبَحرِ بِما كَسَبَت أَيدِي النّاسِ لِيُذيقَهُم بَعضَ الَّذي عَمِلوا لَعَلَّهُم يَرجِعونَ﴾ [الروم: ٤١]
وكما أشار أمير المؤمنين عليه السلام (إن الفتن إذا أقبلت شبهت، وإذا أدبرت نبهت ينكرن مقبلات ويعرفن مدبرات). (١)

ومن هنا ستكون النصيحة نصيحة أمير المؤمنين عليه السلام: اعرف الحق تعرف أهله. (٢)

السائل: وكيف أعرف الحق كي أعرف أهله؟

الجواب: الحق أخي الكريم بيّن كالشمس بخلاف الباطل يشوبه الغموض بين أخذ ورد ويتضح الحق من خلال الموضوع الذي تبتلى به.

السائل: طيب، في موضوع طلبة العلم كلهم في نظري درسوا العلم واغتربوا وجاهدوا وعملوا، ورغم ذلك نراهم يتخاصمون فكيف أميز الأفضل منهم والأتقى والأعلم منهم؟

الجواب: إن للعالم الجاد والمجاهد علامات من أهمها مايلي:

١- أنه لا ينتصر لنفسه ولا يدافع عنها فوق منبر سواء منبر جمعة أو منبر حسينية مهما بلغ الظلم في حقه.

٢- ثناء أهل العلم عليه من أساتذته وأقرانه، وتلاميذه من خلال تدريسه ودرسه الذي يمتاز بالعمق والدقة العلمية.

٣- له مشروع واضح ورسالة واضحة في رفع الوعي في الأمة ورد الشبهات وحل المشكلات فوجوده نعمة وليس نقمة على من حوله.

٤- رؤيته تذكرك بالله سبحانه وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام فمجلسه عامر بكلام الله سبحانه وكلام أهل البيت عليهم السلام والعلم النافع وربما حضر مجلسه طلبة العلم والمثقف والدكتور والمعلم لأن مجلسه مجلس علم ومعرفة وتذكير بالآخرة.

٥- إذا رأيته يمدح جهود من سبقه من العلماء ويثني على إرثهم العلمي وعلى زهدهم وورعهم وكأنه يريد أن يكون منهم تلمس ذلك بنكرانه لنفسه واحترامه الشديد لمراجع الطائفة فيقود الناس إلى ما يُصلح حالهم ويرغبهم في طاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام.

هذه أبرز العلامات كي تميّز بين العالم الحقيقي وبين غيره فيصدق عليه.
رواية معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل راوية لحديثكم يبث ذلك في الناس، ويشدده في قلوبهم وقلوب شيعتكم ولعل عابداً من شيعتكم ليست له هذه الرواية أيهما أفضل؟ قال: الرواية لحديثنا يشد به قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد.(٣)

أما الذي يستفيد من مركزه كطالب علم ويعظّم الأنا بداخله، ويطلب به عرض الدنيا للوصول به لمصلحته الشخصية فقد ذمه أهل البيت عليهم السلام
فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله
صلى الله عليه وآله أنه قال: من طلب العلم ليماري به السفهاء، أو يكاثر به العلماء، أو يصرف به وجوه الناس إليه، فليتبوأ مقعده من النار.
وروي عنه (صلى الله عليه وآله): من طلب العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء في المجالس، لم يرح رائحة الجنة. (٤)

الخلاصة:
أخي العزيز:
كلما زاد طالب العلم تقوى وورعاً تراه عالماً منشغلاً بعلمه ساعياً لرضا ربه كلامه حكمة، ونصيحته تفكر، وتوجيهه رحمة. فهو كالخيمة التي تظلل من يأوي إليها، وتحميهم من حرارة الشمس وبرد الشتاء.

السائل: رحم الله والديك وجزاك الله خير الجزاء أفدت واستفدت، وعرفت كيف أميز بين طالب علم للدنيا وطالب علم للآخرة.

الجواب: الشكر لله سبحانه وتعالى، وأشكرك على حسن ظنك الذي لا أستحقه والحمد لله رب العالمين.

المصادر:

(١)نهج البلاغة – خطب الإمام علي (ع) – ج ١ – الصفحة ١٨٣.
(٢)بحار الأنوار، ج ٤٠ ص ١٢٨.
(٣) الكافي – الشيخ الكليني – ج ١ – الصفحة ٣٣
(٤)ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى