المرجعية العليا الشيعية تعمر المناطق السنية (أموال الخمس)
كمال الدوخي
لطالما يسألون عن أموال الخمس، أين تذهب؟، وأين الشفافية؟، وشعارات رنانة للتشكيك في ذمم المرجعيات الدينية ورجال الدين، ونحن على يقين أن تلك الأموال ولو تم الإعلان عن كل إيراداتها ومصاريفها سيبقى التشكيك وربما ستزداد الاتهامات، فهم من دون أرقام، وتخميناتهم وخيالاتهم تعصف بين الحين والآخر. وهي ليست أصوات من طائفة أخرى، بل هي من بيننا تخرج.
يوم أمس الأحد 16 شعبان 1443هجري، افتتحت المرجعية الدينية احدى مستشفياتها العديدة، في مدينة الموصل السنية بالعراق، المدينة التي اتخذتها (داعش) لإقامة مشروعها المشبوه، وانطلقت من خلالها عمليات إجرامية هزت الشرق الأوسط، ولم يخرج من المدينة هذا الكيان المسخ حتى دمر كل مستشفياتها وخدماتها ليسلمها أرض محروقة، ليأتي أعلى مرجع للشيعة ويعالج آلام هذه المدينة التي سقطت ضحية يد الغدر والخيانة، بمستشفى البتول التعليمي للنسائية والتوليد الذي أهدته العتبة الحسينية عبر ممثل المرجعية العليا آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني لأهالي هذه المدينة المنكوبة.
أموال الخمس الشيعية شيدت أكثر من 18 مستشفى، وبعض المستشفيات التي شيدتها المرجعية الدينية بالعراق تعتبر من أهم المستشفيات بالشرق الأوسط نظير خدماتها وقدرات طاقمها، وهذا المستشفى ليس الأول في المناطق السنية، بل شيدت المرجعية عدد من المستشفيات في مدن سنية دون تمييز، وتوظيف أبناء تلك المناطق في هذه المستشفيات بالتعاون مع وزارة الصحة العراقية.
لم تكن المستشفيات هي الوسيلة الوحيدة التي وظفت فيها المرجعية العليا أموال الخمس، بل انشاء جمعيات ومؤسسات خيرية لكفالة الأيتام وأسر شهداء العراق والمصابين شيعة وسنة، ولعل أهم تلك المؤسسات مؤسسة العين والتي أضافت لمسؤولياتها المذكورة، مسؤولية رعاية النازحين من أهالي المناطق السنية من ويلات الإرهاب، وأمنت لهم كافة الخدمات من مسكن وأساسيات الحياة الكريمة إلى التعليم والعمل.
وأنشأت المرجعية عدد من المشاريع السكنية ومن أهمها مشروع (الديار الطيبة) التي خصصت للفقراء، وعدد من المشاريع السكنية التي رعتها مؤسسة الإمام الرضا الخيرية التابعة للمرجعية وخصصت لأسر شهداء العراق بكافة طوائفهم وأديانهم دون تفرقة، ومشاريع خصصت للنازحين من الشيعة والسنة والمسيحين وغيرهم من مناطق الصراع، لتثبت المرجعية بأنها لكل الإنسانية مستمدة أخلاقياتها من أخلاق أجدادها أئمة أهل البيت، ولم تبتز انسان في لقمة عيشه كي يغير دينه أو مذهبه مقابل مأوى ومأكل وعلاج.
كما أشرت بشكل سريع للنزر اليسير من مشاريع المرجعية لرعاية الانسان من خلال تلبية أساسيات الحياة الكريمة من خلال أموال الخمس. كذلك، لم تغفل المرجعية بأموال الخمس التي لديها عن إنشاء المدارس والأكاديميات والمكتبات التي يعتبر بعضها من أهم المكتبات في الوطن العربي. كذلك اهتمت بإنشاء المصانع والمتاجر لتوظيف العراقيين خاصة من ترعاهم مؤسسات المرجعية بعد تدريبهم، وهنا أشير على عجالة إلى مصنع الوارث للتكييف وهو مصنع عراقي وطني بأيادي عراقية لإنتاج وتصنيع مكيفات محلية تلائم التغيرات المناخية وصعوباتها في العراق، وبأعلى المعايير العالمية.
ليس هذا المصنع وحسب بل أنشأت المرجعية مدينة صناعية في كربلاء، وشيدت أول مصنع فيه لتصنيع المواد الإنشائية، فأصبحت المرجعية تستفيد من انتاج هذه المصانع لتشييد مشاريعها الأخرى، ولتقضي على شيء من البطالة التي لم تستطع مؤسسات الدولة أن تغير من واقعها شيء.
وفي وقت أزمة كورونا عملت المرجعية بشكل سريع على دعم وزارة الصحة بإنشاء المباني والمستشفيات ومد الوزارة بما تحتاجه لمواجهة الجائحة في ظل انخفاض إيرادات الدولة نتيجة الانخفاض الحاد في أسعار النفط، وظروف الحجر الصحي والحظر. وفي كل هذا لم تفرق المرجعية بين العراقيين بل لم تفرق بين المسلمين في العالم بتوجيهاتها لمقلديها في العالم الإسلامي.
هذا شيء من قصة أموال الخمس لدى مرجعية واحدة المتمثلة بالسيد السيستاني، وما خفي أعظم. هذه براهيننا فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.