عباد الشمس
وفاء بو خمسين
هناك علاقة قوية بين المكان والإنسان، إنها علاقة أثر وتأثر، فللمكان دور مهم في الكشف عن شخصية صاحبه، لأنه هو من يعطي للمكان قيمة، من خلال تفاعله مع الجماليات المختلفة، والتنقل والحركة ورؤية أماكن جديدة. عمل يسبر أغوار النفس ويملؤها بالمتعة والأنس. في هذا التقرير سوف نتعرف على الأستاذ زكي السالم من خلال التعرف على قصة مزرعته. لأنها من القصص والتجارب الناجحة التي تبين لنا قدرة الإنسان وإصراره لتحويل مكان صحراوي رملي جاف إلى بقعة خضراء تعطي أشهى الثمار.
المزرعة مخصصة لزراعة الرز الحساوي المشهور والبامية “والحب الشمسي” دوار الشمس. تقع المزرعة على الخط المؤدي للرياض خلف جامعة الملك فيصل.
سأتكلم عن زراعة دوار الشمس “الحب الشمسي “لأنه خلال زيارتنا كان موسم زراعته الذي يستمر لمدة ثلاثة أشهر تقريبًا. يزرع دوار الشمس على مساحة عشرين ألف كيلو متر مربع، ويكون الري عن طريق التنقيط ليوفر استهلاك وهدر المياه. اقتربنا من المدخل، البوابة مفتوحة للزائرين والدخول مجاني. لقد قام صاحب المزرعة مشكورًا بتهيئة الطرق من الأخشاب المرصوصة للمشي عليها والتنقل في الأرجاء، وفي وسط المكان توجد مساحة خضراء جميلة منبسطة، بها بحيرة صغيرة يسبح فيها البط والإوز، وحولها توجد الأقفاص المليئة بالحيوانات الأليفة من الغزلان والماعز وغيرها، وكذلك تنتشر في أرجاء المكان الجلسات الشعبية والتعريشات وألعاب الأطفال وغيرها من الخدمات المختلفة.
عندما خفت حرارة الشمس في العصر امتلأ المكان بالعوائل وأطفالهم من شتى الجنسيات، وانتشروا في المكان للاطلاع على المكان وأسرار وجود هذه الأزهار، وأخذ الصور التذكارية. جلت ببصري في الأرجاء، إنها مساحات شاسعة من اللون الأخضر والأزهار الخلابة، إنها زهرة دوار الشمس، لقد كانت مزروعة على شكل صفوف مرتبة وجميعها مزهرة بالأزهار الكبيرة والصغيرة بلونها الأصفر الزاهي الذي يبعث في النفس الدفء والتفاؤل والبهجة، وهي بحق من اللوحات الطبيعية التي حبانا بها الخالق عز وجل، حيث الجمال يبدأ ولا ينتهي، جمال يلهم الناظرين وينطلق بالخيال إلى عوالم ساحرة خلابة مع وجود تيارات هوائية لطفت الجو، وعند اقتراب غروب الشمس تحولت أقراص الزهرة الصفراء إلى ناحية الغرب لكي تودع شمس ذلك اليوم الجميل، وتهمس لها وتخبرها إنها تنتظر شروقها من الغد، لكي تبدأ قصة الحب من جديد.