الشيخ اليوسف يحذر من الغفلة وآثارها السيئة في الدنيا والآخرة
بشائر: الدمام
تحدث فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة عيد الأضحى المبارك، عن أهمية التحلي بفضيلة الاعتذار عن الخطأ؛ لأنها من أنبل الفضائل الأخلاقية، وأجمل المكارم الإنسانية، وأحسن الصفات الحميدة، وأرقى الخصال النبيلة.
وأضاف: إن الاعتذار عن الخطأ من شيم الكبار، ويعبر عن قوة داخلية وشخصية واثقة من نفسها، وليس صحيحاً أن الاعتذار تعبير عن ضعف النفس، أو إهانة للذات، أو جرح لكبرياء الشخص كما يتصور بعض الناس؛ بل إن الاعتذار يدل على قوة الشخصية ورجاحة العقل وحكمة التصرف والسلوك.
واعتبر أن الاعتذار ثقافة راقية، وهو يعكس خُلُقاً إنسانياً نبيلاً، وسلوكاً حضارياً، وضميراً ينبض بالحياة والإحساس، ويرمز إلى شخصية قوية محترمة.
وتابع: لأن الاعتذار من أخلاق أصحاب النفوس الكبيرة، فلا يجد المخطئ ضيراً من الاعتذار لمن أخطأ بحقه أو أساء إليه، فالزوج لو أخطأ بحق زوجته عليه أن يعتذر منها، وكذا حال الزوجة لو أخطأت بحق زوجها بكلمة أو تصرف غير لائق أن تعتذر منه.
واستطرد قائلاً: لو أخطأ الرئيس بحق مرؤوسيه في العمل فعليه ألا يتعالى أو يترفع عن الاعتذار إليهم، وكذا لو أخطأ أحد المرظفين بحق رئيسه فعليه الاعتذار منه، أو أخطأ أحد الأصدقاء بحق أصدقائه ومعارفه وأصحابه، وعلى هذا قس بقية الأمثلة.
وأوضح أن ثقافة الاعتذار ليست محصورة بجهة معينة أو أشخاص معينين، بل ينبغي على كل من أخطأ بحق أحد أن يبادر بالاعتذار ممن أخطأ بحقهم، وألا يتردد في قول كلمة (أنا آسف) أو (أنا أعتذر إليك مما بدر مني) ومثل هذه العبائر التي تعبر عن لغة الاعتذار تؤدي إلى إزالة ما قد علق في القلوب من شحناء أو أحقاد، وامتصاص ما قد يترتب على الأخطاء والإساءات من مشاحنات ومناكفات وضغائن، وعودة العلاقات معهم إلى وضعها الطبيعي.
ودعا إلى قبول اعتذار من قدّم اعتذاره، فإذا كان من أخلاق الكبار وشيم الرجال الاعتذار لمن أخطأوا بحقهم، فإن من أخلاقهم الجميلة أيضاً قبول الاعتذار، والصفح والعفو عمن اعتذر إليهم.
وأبدى أسفه لأن هناك صنفاً من الناس الذين لا يقبلون بأي اعتذار، ولا يصفحون عن أي خطأ، وقد تستمر العداوات والمناكفات لسنوات طويلة حتى بين بعض الأقارب والأرحام – فضلاً عن الأباعد – لكلمة صدرت من غير قصد، أو بقصد في حالة غضب وانفعال، وقد تستمر البغضاء والشحناء والعداوة بينهم لسنوات وسنوات من دون تسامح ولا صفح حتى لو قدّم المخطئ اعتذاره لمن أخطأ بحقهم.
وقال: إن هذا ليس من الأخلاق الحميدة التي يجب الاتصاف بها في شيء، إذ أن من يتخلق بأخلاق الإسلام عليه قبول اعتذار من اعتذر إليه، والعفو والصفح عمن أخطأ بحقه كما نصّت الوصايا الدينية على ذلك.
وفي الخطبة الأولى تحدث الشيخ اليوسف عن داء الغفلة وآثارها السيئة، معتبراً إياها من أعظم الرذائل الأخلاقية، وأسوأ الصفات النفسية، وأشد الأسقام القلبية التي تؤدي إلى الوقوع في المنزلقات الخطيرة والمهلكات العظيمة.
وأضاف: إن مفهوم الغفلة واسع ويتسع إلى مجالات كثيرة، وأنواعها عديدة، فقد يكون المرء غافلاً عن أمور دنياه ومعاشه، وقد يكون غافلاً عن ربه وآخرته، وقد يكون غافلاً عن أداء العبادات والواجبات التي عليه في أوقاتها وبصورة صحيحة، وقد يكون غافلاً عن الاستفادة من حياته وغير ذلك من أنواع الغفلة.
وبيّن أنه في مقابل الغفلة اليقظة والانتباه، ولذا على المؤمن أن يكون يقظاً، ويحذر من الوقوع في داء الغفلة، وعليه أن يكون دائم اليقطة والانتباه إلى نفسه وآخرته، وعلى الغافل عن دينه وآخرته أن يعلم أنه ليس بمغفول عنه.
وذكر آثار الغفلة السيئة على الغافل في الدنيا والآخرة، ومنها: قساوة القلب وموته، وعمى البصيرة، وفساد الأعمال، والوقوع في الهلكة، وعدم ربح الدنيا وخسران الآخرة.
وعن علامات الغافل، قال الشيخ اليوسف: للغافل علامات يعرف بها، ومنها: السهو والنسيان واللهو واللعب، والتساهل في أداء العبادات بشروطها الصحيحة وفي أوقاتها، وعدم ارتياد أماكن العبادة كالمساجد، وتبديد العمر فيما لا فائدة منه ولا منفعة، وعدم الاكتراث بالنُذُر والعبر.
وختم الخطبة بالحديث عما يمنع من الوقوع في الغفلة، ومنها: ذكر الله في كل وقت، وأداء الصلوات في أوقاتها، والتفكر في عواقب الأمور، واستذكار الموت، والتفكير في الآخرة.