الشيخ الأحمد يشدد على ضرورة التربية العقائدية
بشائر: الأحساء
ابتدأ الشيخ أمجد الأحمد محاضرته (التنشئة الدينية للطفل) بحسينية المنتظر بقرية التويثير بالآية الكريمة {وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُيَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}.
وجاء حديثه بمحورين رئيسيين أولها اهمية التنشئة الدينية للطفل، ملفتاً إلى أن النصوص الإسلامية تركز في القرآن الكريم وفي أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكذلك في أحاديث أهل البيت عليهم السلام على أهمية التنشئة الدينية، وأهمية ربط الطفل بالله وغرس حب الدين وحب الرموز الدينية المقدسة في الطفل، والتي لها ثمار عظيمة وكبيرة على حياة الإنسان والمجتمع.
وطرح الشيخ الأحمد تساؤلا حول دواعي عناية الدين وصب اهتمامه في التنشئة الدينية للطفل في مراحله الأولى، مشيراً إلى المستحبات التي شرعها الدين عند ولادة الطفل بحيث يؤذن في اذنه اليمنى ويقام في أذنه اليسرى، مشيراً إلى أنه أول صوت يسمعه (ذكر الله تبارك وتعالى) والصلاة و الشهادة للرسول بالنبوة و للإمام علي بالولاية.
وبرهن ذلك بعدة أسباب منها: أن الإسلام أحب أن يستثمر في الطفولة استثماراً إيجابيًا طالما أن الطفل يحمل الإدراكات والإستقبال، ولهذاأُختيرَ أن يستقبل قيم الخير والفضيلة. وكذا وصية الأنبياء لأبنائهم الإلتزام بالدين.
وقال كبرهان ثانٍ: ” أن التنشئة الدينية تحفظ هوية المجتمع الايماني وتبقي هذه العلاقة بالدين مستمرة عبر الاجيال، فإذا قصر الأبوين في التربية الدينية يعني أن الجيل الجديد لن يتمسك بالهدى والصلاح الذي كان قد تمسك به آباؤه والنتيجة هي الانحراف والضياع لهذا يقول القرآن الكريم: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}”.
وأضاف: “وكذلك التنشئة الدينية تساعد في تحصين الجيل فكرياً وأخلاقيًا و نفسياً لأنها تغرس الوازع الديني والاخلاقي فالدين صمامأمان للقيم و الفضائل“.
وتابع: “كما أن الطفل يعيش أسئلة طبيعية فطرية من بداية تفتح عقله وإدراكه فيسأل الاسئلة الثلاثة الطبيعية مِن أينَ أتيتُ ومن الذي خلقني؟ في أين ولماذا أنا هنا؟ وإلى أينَ سيكون مصيري؟ واذا لم يحصل على ايجابة لهذه الاسئلة فسيكون في حيرة وغموض واضطراب“.
واستنكر الشيخ الأحمد إدعاءات بعضهم “أن من العنف تنشئة ابنك تنشئة دينية لأنك تصادر حريته وتفرض عليه مناخ فكري وعقدي، بل دعه للمستقبل حتى يكبر ويعقل و يختار إما الدين او اللادين فهو حر“.
وأجاب الشيخ جوابا نقضيا للادعاءات: “نقول إذا أردت أن لا تفرض على هذا الطفل شيئاً وتجعله بطبيعته فهناك أمور كثيرة ينبغي أن تتجنبها في تربيتك لطفلك، فإذا كنت تريده على طبيعته كما خلقه الله، فالله خلقه عرياناً فاتركه عارياً فلا تفرض عليه اللباس فيمكن أن يختار اللباس أو اللالباس“.
وتابع: “كذلك لا تفرض عليه لباساً معيناً كالثوب أو القميص، ولا تعلمه اللغة فيمكنه أن يختار اللغة التي يريدها، ولا تفرض عليه التعليم الأكاديمي و غيرها، فلماذا يكون في التعليم الديني مصادرة للحريات ولا يكون مع غيرها!”.
وأضاف: “إذا كان الدين يخالف الفطرة فتعليمه الدين إيذاءً له لأنك علمته شي يخالف فطرته وتكوينه، وأما إذا كان الدين يتوافق مع الفطرة فتعليمك إياه الدين هو بمثابة ترسيخ للفطرة وتكامل لشخصيته، والدين أمر فطري كما يقره الجميع“.
وعبر عن أن الدين ملازمًا للإنسان وتعليم الطفل للدين ليس إيذاءً له أو خلاف طبيعته فهو مفطور على الدين والإيمان بالخالق و كالمعاد والقرآن يؤكد هذه الحقيقة {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ}.
وبيّن الشيخ الفرق بين التذكير والتعليم: إذ أن التذكير بما تنادي به الفطرة، لأن هناك مفاهيم فطرية عند الإنسان (الله، الامانة، الصدق، العدل…) ولهذا النبي يذكر الإنسان بما تنادي به الفطرة، أما التعليم فهو متعلق بالمفاهيم غير الفطرية التي لا يدركها الإنسان بفطرته.
وقال الشيخ أمجد: “اذا سلمنا أنّ المبادئ الدينية ليست فطرية فالعقل يقول من حق الأبوين صيانة شخصية الطفل عن كل ما يؤذيه بحيث لاتكون شخصية مشوهة أو معتدية وغيرها، ومن نفس المنطلق نقول إذن انّه من حق الأبوين أن يعلما الطفل المبادئ الدينية لأنها تحفظه من الإنحراف والإجرام لأن الدين رادع عن الظلم والغش والخيانة والاغتصاب والفساد ولا يستطيع شي أن يضبط الانسان غير الدين“.
وأضاف: “أنت أيها المسلم (الشاب المسلم الذي وقف على المقولة المادية) أنت مقتنع بالإسلام وتطبقه وترى أنه حق، إذا لماذا لا تبتغي لابنك أن يسير في طريق النجاة الذي تسير أنت فيه إلا إذا كنت غير مقتنع بالدين فهذا شي آخر“.
وتابع: “إذا لم تعلم ابنك الدين فسيعلمه غيرك عقيدة وثقافة أخرى “بادروا ابناءكم بالحديث قبل ان يسبقكم إليهم المرجئة” “.
وفي المحور الثاني (مجالات التنشئة الدينية وأساليبها) أكد على الوالدين بوجوب تعليم أبناءهم العقيدة الصحيحة من مصادرها الأصيلة، وذلك مما جاء في وصية لسيد الساجدين (ع) في رسالة الحقوق “وأما حق ولدك أن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وأنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب والدلالة له على ربه عز وجل، والمعونة له على طاعته“.
وتناول الشيخ عدة أساليب تمكن المربي من إنتاجها منها: الأسلوب القصصي، والأسلوب المباشر بحديث المربي عن كرم الله وعفوه ورحمته لعباده وإحسان الله له، وكذلك عن طريق الأناشيد لتفاعل الطفل معها بشكل كبير.
وأوصى الوالدين في هذا المجال أن يعلموا الأبناء القرآن الكريم، فتعليم الطفل في طفولته يجعل القرآن يختلط بلحمه و دمه، مشيداً بالآباء والأمهات الذين يعملون من أجل نشر الثقافة القرآنية من تعليم القرآن وتجويده و تدبره وتلاوته، موصياً المجتمع بأن يقف معهم و يساندهم.
وفي المجال العبادي تطرق الشيخ الأحمد بأن يعلم الوالدان للطفل الصلاة والصيام والالتزام بأوامر الله كما حث القرآن على ذلك.
وذكر سماحة الشيخ عدة أساليب لتربية الأبناء على الصلاة منها: التربية بالقدوة، علّم طفلك ان يردد فقرات الاذان مع المؤذن، وأن تضع برنامجًا مع أبنائك وفق أوقات الصلاة، تدريب الطفل على الصلاة من عمر ٧ أو قبل ذلك، والرفق به في تعليمه وتدريبه على الصلاة، وتوعيته أهمية الصلاة وفلسفتها وآثارها.
وفي المجال الأخلاقي قال: “على الأبوين تعليم الطفل الأخلاق والآداب الإجتماعية كالمحبة والكلام مع الآخرين بلطف واحترام الناس واحترام الكبير وقضاء حوائج الناس وهذه هي التربية التي تصنع انساناً فاضلاً وتخرج لنا إنسانًا حسينياً يسير على هذا الهدي الطاهر”.