استجابة الدماغ لفهم القصص تتغير كلما تقدمنا في العمر من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرشد
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
كشف باحثون عن تغييرات في نشاط الدماغ تكمن وراء كيف تدرك / تتصور أدمغتنا السرديات / القصص وتستجيب لها ونحن نتقدم في السن من مرحلة الطفولة المبكرة إلى مرحلة الرشد (20 سنة وأكبر).
أثبت باحثون كيف تتغير استجابات أدمغتنا عند مشاهدة مثيرات عاطفية / انفعالية واجتماعية في أحد الأفلام بين مرحلة الطفولة ومرحلة البلوغ، وفقًا لتقرير في مجلة eLife.
النتائج النظرية القائلة بأن ادراكات / تصورات الأطفال هي ببساطة نسخة مشوشة من فهم الراشدين، وتقترح كبديل لذلك أن لدى الأطفال طريقتهم الفريدة في فهم وتفسير العالم من حولهم.
تتغير القدرة على تصور / ادراك العالم من حولنا وتذكُره بشكل جذري خلال العشرين سنة الأولى من العمر. من المقبول أن الأطفال المراهقين [14 سنة وأصغر من 18 سنة في العمر] والراشدين [20 سنة وأكبر] أكثر قدرة على فهم وتفسير العالم من حولهم والتنبؤ بالأوضاع القادمة، لكن التغييرات في نشاط الدماغ التي تكمن وراء هذه الفترة من اكتساب المعرفة ليست مفهومة تمامًا.
بالنسبة للراشدين، مشاهدتهم للفيلم أدت إلى استجابات دماغية متزامنة بين ناس مختلفين، مما يعكس مدى تصورهم / ادراكهم وفهمهم وتذكرهم لأحداث الفيلم،” كما توضح المؤلفة الرئيسة سامانثا إس كوهين Samantha S. Cohen،
باحثة ما بعد الدكتوراه، قسم علم النفس، جامعة كولومبيا، الولايات المتحدة الأمريكية. “على الرغم من أن العديد من الدراسات قد درست التغيرات في المعرفة أثناء تطور ونمو الأشخاص، إلّا أن هناك فهمًا محدودًا لكيف تجسدت التمثيلات الداخلية [في شكل صورة أو فكرة للدماغ / للعقل] للمثيرات السردية المعقدة مع التقدم في العمر من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرشد، مما يسمح لنا بفهم الأحداث الطبيعية والمتوقعة في المحيط، مثل حبكة / سردية فيلم هوليوودي. [الحبكة هي “مصطلح أدبي يقصد به الأحداث المتتابعة والمتسلسلة التي تتكون منها قصة ما، مع التأكيد على علاقة الأحداث ببعضها، وذلك من أجل توليد أثر عاطفي أو فني لدى المتابع”].
يعد تحليل استجابات الدماغ للقصص / للسرديات أو الأفلام المعقدة أمرًا صعبًا لأنه لا توجد نماذج تتنبأ باستجابات الدماغ بأكمله لهذه الأنواع من المنبهات / المثيرات. هناك طريقة بديلة لا تستخدم النماذج وتتمثل في استخدام التلازم بين نشاط أدمغة المشاركين (ISC)، والتي تقيس مدى تشابه استجابات الدماغ في منطقة من الدماغ في مشاهدي الأفلام.
استخدم الباحثون مجموعة كبيرة متاحة للجمهور من مسوحات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) للدماغ التي سجلت حينما كان الأطفال والشباب يشاهدون مقطع فيديو قصيرًا لرسوم متحركة يحتوي على مواضيع اجتماعية وعاطفية. بالنسبة للفئات العمرية الأصغر سنًا (5 -8 سنوات) والأكبر سنًا (16 – 19 عامًا)، قاموا بقياس هذا التلازم ISC لأطفال من نفس العمر وبين أطفال من مختلف الأعمار. ووجدوا أن استجابات الدماغ لمحتوى الفيلم كانت متسقة في أوساط الأطفال من نفس العمر، لكن هذه الاستجابات تتغير مع نمو الأطفال حتى يصبحوا شبابًا راشدين [بعمر 18- 25 سنة]. على وجه التحديد، مناطق الدماغ الموظفة للتعرف الداخلي على الأحداث ضمن السردية تحولت من مناطق دماغ تتعقب المعلومات السردية غير المفصلة إلى تلك التي تتعقب التفاصيل الحسية والحالات العقلية لشخصيات السردية.
تتمثل إحدى طرق دراسة الاختلافات في كيف يستجيب الأطفال والراشدون للسرديات في مقارنة كيف يلاحظون ويتصورون / يدركون الأحداث الرئيسة المكوِّنة للسردية في الفيلم. طلب فريق البحث من كل من الأطفال والراشدين الإبلاغ عن أين يعتقدون أن تغييرات ذات مغزىً في المشهد حدثت في السردية. ووجدوا أن الأطفال في سن السابعة يقسمون السردية بنفس طريقة الراشدين الشباب، لكن المراهقين (16 – 19 عامًا) كانوا أكثر قدرة على التنبؤ بالأحداث القادمة في الفيلم.
من المثير للدهشة، أنه في منطقة الحُصين، وهي منطقة مهمة لتكوين الذاكرة، كانت استجابات الأطفال الصغار (5 -8 سنوات) أقوى عند حدوث تحولات / انتقالات بين أحداث السردية، ربما لأنهم ما زالوا يصيغون فهمًا لأحداث العالم المحيط.
“تكشف نتائجنا أن استجابات الدماغ للسرديات لا تصبح ببساطة أكثر تزامنًا بين الأطفال مع تقدمهم في العمر، ولكنها في الواقع تغير ديناميكية هذه الاستجابات وتوقيتها لتصبح استجابات أكثر شبهاً باستجابات الراشدين” ، كما يستنتج كريستوفر بالداسانو Christopher Baldassano، أستاذ مساعد في علم النفس، جامعة كولومبيا. “علاوة على ذلك، توفر الدراسة الأساس لتقييم كيف يكتسب الأطفال المعرفة القبْلية بالموضوع schematic knowledge [التي تساعد على فهم السردية أو النص] في المحيط وتعلُم كيف يستخدم تلك المعرفة في الوقت المناسب.”