أمير الصالح
قال تعالى: (قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) (سورة هود، آية 46
الأهل هم الحضن الدافء والسند والجناح الذي به يطير الإنسان والظهر الذي يستند عليه والمغيث له إن أصابه شي من كروب الدهر. ودرج الناس والعرف والقانون عبر العصور على تمييز علامات من هو من أهلك بالعلامات الوراثية والانتساب والسكن تحت سقف واحد وتطابق الاسماء مع قيود السجل المدني الرسمي. فيما درج أهل القلب النابض بتعريف من هو من أهلك من ناحية نفسية بعلامات تزيد عن تلكم الأنفة وتقوم على أسس رباط الوفاء والإخلاص والإيثار والحب، وصلة الرحم، والدعاء بالخير، وعدم الافتراء، وتجنب الخصومة، وتفادي الفحش في الأقوال والأعمال. في عالم اليوم ومع تزايد منسوب سلوك المقارنات المثيرة للسلبية بين الأفراد، وجد البعض أن هناك أصدقاء سوء ينتحلون صفة الصداقة fake friends ، وهناك أصدقاء أوفياء بحق real 𝐟𝐫𝐢𝐞𝐧𝐝𝐬 . كذلك هناك أفراد من العائلة هم منفصلين عنهم ويلطخون سمعة أهلهم fake family members ، وهناك في المقابل نِعم الأفراد الأوفياء لعوائلهم Faithful family member .
وللتمييز بين الأصيل والفاسد ممن يُطلق عليهم ” من أهلك “، نورد بعض تلكم العلامات لتمحيص من يستحق كلمة ” جزء من أهلك “، ممن لا يستحقها. فمن العلامات الواضحة، تجد أن من ينتسب لك ومن أهلك حقيقة:
١- يفرح لما أحرزت من نعمة ويحزن لما يصيبك من ابتلاء،
٢- لا يعتقد بأنه أفضل منك ويرى ما تنجزه استحقاقًا لجهودك.
٣- لا يرى أنك لا تستحق ما أنت فيه ويتمنى لك الافضل من الخير والصحة والعافية والرزق الواسع
٣- لا يتمنى زوال النعمة من يديك ويدعو الله لك بالمزيد من الخير.
٤- يساهم معك بفعالية في صنع النجاح ولا يكتفي بحضور حفل التتويج ليأكل من كعكة النجاح.
٥-لا يُفرغ بنك معلوماتك الشخصية لصالح ذاته.
٦- لا يفتعل أحداثًا ودراما تثير الغبار من حولك ليظهر هو بمنظر الرجل المثالي الأنيق أو بمظهر الضحية لما أنت عليه من مجد.
٧- لا يحمل راية القطيعة بل يتفنن في اختلاق سُبل صلة الرحم معك ومن أجل سعادتك وإن قل عدد اللقاءات.
٨- لا يضحى بك إطلاقًا ويضحي لأجلك دون من منه
٩- لا يتطفل على حياتك الشخصية من خلال كثرة الأسئلة التنقيبية عنك وعن أفراد أسرتك.
١٠- لا يرسم خريطة عنك ويعقد حسابات لكل شاردة وواردة عنك من خلال مناورات أسئلة مختلفة بأوقات متفاوته لمعرفة أمور انت لا تحب أن تشارك بها أحدًا.
١١- لا يبخس قيمتك حيثما كنت في حضورك أو غيابك.
١٢- لا يفخم ما أهداك ولا يقلل قدر ما أهديته.
١٣- لا يتبع جميل عمله إن صدر منه بالمن والأذى.
١٤- لا يجعل منك مطية لتحقيق هدف أو عتبة سلم يطؤها.
١٥- لا يستطيل في أمد الخصومة حد الفحش
١٦- يترك الأثر الجميل في حياتك
١٧- حسن التواضع وإن تباين الدخل المالي بين الأنساب والأصهار والإخوان فالرزق من الله ولكل نفس سعيها.
١٨-إلغاء أية مقارنات بين أبناء العمومة والأقارب حتى لا تُستزرع الضغائن على الناجح ولا تُستوطن الإحباطات في أنفس الخافق منهم.
١٩- لا ينقل معارك الآخرين داخل أسرته أو مجتمعه أو وطنه
٢٠- يبادر بالخيرات وإصلاح ذات البين وردم الفجوات.
٢١- يكون حضوره حضور خير وشعاع كلماته بركة وأفعاله ومواقفه مُلهمة للأجيال من بعده لحسن السبيل.
٢٢- تجاهل صاحب التصرفات الحمقى ومن يسيئ إلى نفسه، وابذل للآخرين المشورة إن طلبوها منك فإن عملوا بها فنعم هي، وإن لم فلا ضير.
٢٣- قد يعز عليك أن تدعو البعض فلا يستجيبون لك، وتبادر مكالمتهم هاتفيًّا فلا يردون عليك، وتجل قدرهم ويزهدون فيك، وتطرح المبادرات تترا فلا يكترثون بك، وهذا شي جميل لأنه دل على حسن معدنك وعزيز مقامك، وتذكر أن هذه الدنيا دار عمل والاخرة دار حساب فازرع هنا واحصد هناك.
٢٤- يشاطرونك بقدر المستطاع ما تهدف النجاح فيه سواء صغيرًا أو كبيرًا من الأهداف ويرفعون معنوياتك بالكلم الطيب.
يُفعل أهل الوفاء مصاديق جملة ” أهلك أهلك حتى المهلك “، بينما يُفعل أصحاب النقيض من ذلك مقولة: ” الأقارب عقارب “. فكن مع أهلك حتى المهلك، وكن بشوش الوجه، لين العريكة، كريم العطاء، جميل الثناء ، …إلخ.
ومضات
تذكر القوانين الأدبية التالية:
١- من جحد صنع معروف أهله فيه، فإنه حتمًا سيجحد صنع معروف الآخرين له، والأولى الابتعاد عن هذا الشخص لكونه ناكرًا للجميل.
٢- من نقل لك كلام استأمنه الآخرون عليه، فيقينًا سينقل كلامك وما تأمنه من أسرارك للآخرين. فاحفظ لسانك في حضوره، ولا تبوح بما في قلبك له، وأن تلون واقسم باليمين
٣- تأكد أن شجرة الأهل تُسقى بجميل الصنائع، ومحمود العواقب، ولطيف الوفاء، ودوام صلة الرحم، وحفظ آداب المجالس، وتحصين الحقوق، ولين الجانب لتضل مورقة ويستظل تحتها الجميع.
