لماذا نصرخ؟
الدكتور فيليبي جيلكريست ، كلية الطب والصحة والعلوم الإنسانية
المترجم:عدنان أحمد الحاجي
غالبًا ما يكون الصراخ فعلًا غريزيًا أو لاإراديًا.
الصراخ [الصياح الشديد] قد يرتبط بالعديد من المشاعر أو الوظائف. قد نصرخ عندما نُفاجأ أو حينما نشعر بالفرح أو بالسرور أو بالإثارة وقد نصرخ أيضًا عندما نحزن أو نخاف أو نتفجع / نتظلم أيضا قد نصرخ حين نشجع فريقنا الرياضي المفضل أو حتى أثناء العلاقة الحميمة(1).
في بعض النواحي، هناك أوجه تشابه بين لماذا نبكي(2) ولماذا نصرخ غالبًا ما يُعتبر الصراخ تعبيرًا عن ،مشاعر جياشة يمكن أن يكون لا إراديًا.
الصراخ هو تعبير عالمي وربما كان أحد أكثر طرق التواصل بدائيةً لبقاء الإنسان على قيد الحياة. نحن مجبولون على الصراخ من اللحظة التي ولدنا فيها، وهناك بعض الأبحاث الممتعة في هذا المجال.
نحن مجبولون على الصراخ من اللحظة التي ولدنا فيها.
على سبيل المثال، نعلم أن الأطفال يستخدمون أنواعًا من البكاء (وأحيانًا الصراخ) للإشارة إلى احتياجاتهم، لكن دراسة منشورة في دورية البيولوجيا المعاصرة Current Biology(3) تفيد بأن الأطفال حديثي الولادة يولولون بمولديا (صوت فيه تنغيم)(4) أو بنبرات مختلفة. يبدو أن هذا يعتمد على الأصوات التي سمعوها من العالم الخارجي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من مرحلة الحمل. مجموعة أطفال رضع فرنسيين بكت وصرخت بملوديا متصاعدة بينما بكت مجموعة أطفال ألمانية بنغمات متغيرة النبرات، مما يعكس الاختلافات في اللغات / اللهجات التي تعرضوا لها سابقًا وهم في ارحام أمهاتهم.
الصراخ من أجل البقاء
هناك بعض الأبحاث التي تشير إلى أن الصراخ يمكن أن يخدم بعض الوظائف المهمة في الحيوانات غير البشرية والرئيسيات عندما تكون على وشك أن يصطادها مفترس. في هذه الحالة، قد يكون للصراخ وظيفة مهمة للحيوان للتواصل مع بني جلدتها من الرئيسيات لتنبيهها ومساعدتها لكي تفلت من الإفتراس. يمكن أيضًا أن يكون الصياح مفتعلًا لإلهاء المفترس حتي تهرب منه الضحية وتتجنب الافتراس. أخيرًا، قد يكون الصراخ أيضًا وسيلة يمكن للحيوان من خلالها طلب المساعدة من بني جلدته. إنه مبدأ البقاء للأصلح.
الصرخة الصامتة: صرخة حيون الرسغيات / الأبخصيات(5) بتردد يفوق سرعة الصوت، كما يقول عالم النفس فيليبي جيلكريست من جامعة ماكواري.
هناك دراسة نشرت في دورية Biology Letters(6) تناولت حيوان الأبخصيات، وهو من الرئيسيات الصغيرة في الفلبين. هذه الحيوانات تصرخ بتردد يفوق سرعة الصوت. لا يمكننا سماع صراخها لكن يمكنها سماع بعضها البعض. ونتيجة لذلك، يمكنها التواصل بطريقة لا يمكن أن تسمعها الحيوانات المفترسة أو الحيوانات المنافسة المحتملة لها، مما يعني أن لها وظيفة دق ناقوس الخطر لبني جلدتها، على الرغم من أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث.
الصراخ جرس انذار على وجود خطر
هناك دراسة رائعة قرأتها أيضًا إلى أن الصراخ ليس مجرد صوت عالٍ. يبدو أنه يتعلق بخاصية صوتيةظ وهي خاصية الصوت الخشن أو المزعج الذي يُوصف بالخشونة. نطاق تردد موجته تُحدث نوعًا خاصًا من خاصية صوت يبدو أنها تؤدي إلى خاصية تنبيهية مسموعة. إذا كانت تتمتع بهذه الخاصية الصوتية، يبدو أنها تشير إلى مستوى خطر مرتفع . حتى أن الباحثين استخدموا التصوير بالرنين المغناطيسي لإثبات أن هذه الخشونة الصوتية التي تؤدي في الواقع إلى تنشيط أجزاء من الدماغ التي تدق جرس الخطر [تنبه على الخطر].
الصراخ من الناحية العلمية: قد يثير الصراخ المشاعر، كما يقول باحث علم النفس فيليبي جيلكريست Philippe Gilchrist من جامعة ماكواري Macquarie.
البحث مقتبس من ورقة نشرت في دورية بلوس البيولوجيا Plos Biology سنة 2021(7) التي خلصت إلى أن الصراخ له نوع خاص من الخاصية الصوتية. لهذا السبب، يُعتبر مفيدًا في تمييزه عن الأصوات الأخرى. عندما يكون صوتًا فريدًا من نوعه، فقد يضمن عندئذٍ أنه فعال من الناحيتين الاجتماعية والبيولوجية، بحيث لا تُفقد هذه الإشارة أو يُساء تفسيرها. هذا شيء مهم عندما تكون الحالة حالة حياة أو موت!
ماذا يحدث عندما نصرخ؟
من حيث الفسيلوجيا، يبدأ الصراخ في جزء الدماغ المعروف بالجهاز الحوفي، والذي يتكون من بنيويات مختلفة مسؤولة عن المشاعر والذاكرة. يشتمل الجهاز الحوفي على الحُصين واللوزة الدماغية والمهاد. ينتقل الصراخ بعد ذلك عبر الأجزاء الأخرى من جذع الدماغ إلى المخيخ، مما يؤدي إلى توليف صوت الصرخة. من هذه النقطة، تُرسل الإشارات عبر الحبل الشوكي إلى العضلات المرتبطة بالنطق مثل الحنجرة والأحبال الصوتية والصدر والمعدة.
مرر الفشار: شاهد فيلمًا مرعبًا لزيادة إثارة الجهاز العصبي الودي.
أحداث بيولوجية كبيرة متسقة تؤدي إلى الصراخ. لذلك عندما نسمع صراخًا، يقوم الصراخ بتنشيط الجزء المسؤول عن المشاعر في دماغنا وينشط استجابة الكر أو الفر للجهاز العصبي الودي، بما في ذلك زيادة معدل ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم. يبدو أن هناك بعض الاستجابات المعقدة التي يمكن أن تكون مرتبطة بعملية الصراخ.
استجابة الكر أو الفر
بالنسبة لبعض الحيوانات والبشر أيضًا، قد يستمر الصراخ بعد رحيل المفترس بفترة طويلة. هذا يدعو إلى التساؤل عما إذا كان تخويف المفترس هو السبب الوحيد الكامن وراء الصراخ . هل كانت الصرخة فقط للتأكد من انتهاء التهديد؟ ربما يكون الصراخ أيضًا دعوة للمساعدة أو لتحذير الحيوانات الأخرى من وجود المفترس في الجوار. بغض النظر، بمجرد تنشيط استجابة الكر أو الفر في الدماغ ، فقد يكون إيقاف حالة الصراخ صعبًا جدًا. دراسة الوظائف التكيفية المحتملة للصراخ لا تزال قيد التنفيذ.
تعطيني حلوى أو أسبب لك أذية؟ يقول باحث علم النفس الدكتور فيليبي جيلكريست
إن الخوف يمكن أن يشبه اثارة المشاعر.
كان استاذي في مادة علم النفس في مرحلة البكالريوس يستمتع كثيرًا بالحديث عن العزو الخاطئ لعملية الإثارة [أي عزو كل اثارة إلى سبب واحد](9). كانت نصيحته هي أن يذهب الشخص لمشاهدة فيلم رعب أو ركوب قطار الموت في مواعدته الأولى لأنه سيزيد من إثارة جهازه العصبي الودي العامة [ غير المتعلقة بمثير معين]، والذي يمكن أن يهيء الإثارة الإيجابية أو الإثارة بشكل عام. بعبارة أخرى، قد يؤدي الشعور باندفاع الأدرينالين في لعبة قطار الموت المخيفة أو فيلم الرعب إلى إثارة الجهاز العصبي الودي (مثل زيادة معدل ضربات القلب، وما إلى ذلك) والذي يمكننا بعد ذلك أن ننسبه إلى شيء إيجابي، مثلُا، حين نسببه إلى شخص أو حالة معينة من الحالات.
الخبير: الدكتور فيليبي جيلكريست، باحث في علم النفس بجامعة ماكواري،
يقول إن الصراخ يثير الجهاز العصبي الودي.
يقع عيد الهالوين ضمن هذا التصنيف أيضًا. يتعلق الأمر بتنشيط الجهاز العصبي الودي. عندما نشعر بالخوف أو الإثارة، قد نشعر بمزيد من الإثارة والقوة والحياة. يمكن أن تكون استجابة الكر والفر مثيرة ومحركة للمشاعر. قد يرتفع معدل ضربات القلب، وقد تبدأ راحة اليد بالتعرق وهذه الحالة تُعتبر استراحة صغيرة لطيفة آتية من الطبيعة الدنيوية للحياة.
الدكتور فيليبي جيلكريست هو استاذ مشارك في قسم علم النفس وزميل باحث في مركز جامعة ماكواري للصحة الانفعالية.
مصادر من داخل وخارج النص
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/علاقة_حميمة
2- https://lighthouse.mq.edu.au/article/please-explain/july-2021/Please-explain-Why-do-we-cry
3-
https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0960982209018247
4- اللحن / النغمة / التنغيم / اتساق الأصوات / المولديا melody هو تعاقب خطي من النغمات الموسيقية التي تدرك حسيًا ككيان واحد. بمعناها الحرفي اللحن هو تسلسل اهتزازت ومدد زمنية، في حين أنه على سبيل المجاز يمتد المصطلح أحيانا ليشمل تعاقب العناصر الموسيقية الأخرى مثل نبرة الصوت” مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:
https://ar.m.wikipedia.org/wiki/لحن_(موسيقى)
5- https://ar.wikipedia.org/wiki/رسغيات
6- https://royalsocietypublishing.org/doi/full/10.1098/rsbl.2011.1149
7- https://journals.plos.org/plosbiology/article?id=10.1371/journal.pbio.3000751
8- https://en.wikipedia.org/wiki/Misattribution_of_arousal
9- https://en.wikipedia.org/wiki/Misattribution_of_arousal
المصدر الرئيس
https://lighthouse.mq.edu.au/article/please-explain/october-2023/please-explain-why-do-we-scream