صوت الحسين..خاتمة مشرفة في أرض العراق
عيسى الربيح
هذه الأيام فقدت بلدتي الطرف رادودًا حسينيًّا خدم المنبر قرابة الأربعين عامًا وربما تجاوزها؛ وهو الحاج حسن بن الملا عبد الله بن غانم الخلف.
يشدك في هذا الرادود أخلاقه الطيبة وبساطته وتواضعه الجم، وابتسامته التي لا تفارق وجهه.
لم يبحث عن شهرة ولم يسع لها.. كانت مشاركاته من الطراز التقليدي المحبوب.. يمتلك صوتًا جميلًا.. وخامة صوته أقرب لحنجرة الملا عبد الجليل الكربلائي.. كان متمكنًا في الأداء المعبر الحزين، وكان يحافظ في أدائه على طبقة واحدة من الصوت، وهي طبقة محبوبة. فلم يكلف نفسه في أن ينوع في الطبقات على حساب المضمون والأداء البسيط.. وهو على قناعة أن هذه الخامة ذات الطبقة الواحدة كفيلة بالتاثير والجمال على الرغم من أن جل ألحانه واحدة تقريبًا.
وكانت المستهلات من الرداديات سهلة الحفظ (النمط العراقي المألوف).. كما كان يجيد النعي قبل الدخول في القصائد، لذا فهو أنموذج ينبغي أن يحتذي به رواديدنا الشباب في الأداء والاختيار والأخلاق.
وبالإمكان أن يستمع الراغب لقصائده من موقع الجواد ميديا بالطرف، وسيجد أن القصائد تأسره حيث تسير على وتيرة واحدة محببة، فيجعل المستمع يركز على الكلمات واللحن والأداء الشجي دون الدخول في مشتتات فنية أخرى أو تأثيرات مصطنعة لقصائد العزاء.
ومن الألطاف الإلهية أنه فارق هذه الحياة الزائلة في أرض العراق، وهو يزور الأضرحة الشريفة، وهو توفيق وتكريم يتناسب مع ما تميز به. وهو حري بهذا الاختيار، حيث القرب من الأضرحة لينال البركات والثواب والشفاعة.
إن أفضل توفيق حظي به أن فارق الحياة وهو يسبغ الوضوء في رحاب زيارة أهل البيت عليهم السلام حيث شيع ودفن بالقرب من ضريح الإمام الحسين عليه السلام.
فرحمه الله رحمة الأبرار وأخلف على ذويه الصبر والسلوان ..
فهو صوت الحسين، ومن اتخذ الحسين وسيلة وانتماء. فسيهبه الحسين من مكانته وخلوده.