الشيخ الصفار يدعو لحرية البحث المنهجي في قضايا التاريخ الإسلامي
بشائر:القطيف
دعا سماحة الشيخ حسن الصفار إلى فسح المجال للباحثين في قضايا التاريخ الإسلامي لعرض نتائج بحوثهم العلمية ومناقشتها، بعيداً عن التهريج والتشهير واتهام النيات والتشكيك في الدوافع.
وتابع: إن “القضايا النظرية ظنية وليست قطعية، وقد يكون الرأي الآخر هو الصحيح، وقد يكون خطأً”، فلماذا نحجر على الرأي الآخر؟
جاء ذلك في خطبة الجمعة بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: القراءة الموضوعية في السيرة الحسينية.
وقال سماحته: نحن الآن أمام كمٍّ كبير من المعلومات والروايات التاريخية لواقعة كربلاء، وسير شخصياتها، وأمام ألوان من التحليلات والتفسيرات لطبيعة الحادثة وأغراضها ومقاصدها.
وتابع: هذا أمر طبيعي متوقع لكلّ حدث تاريخي، خاصة إذا كان ذا أهمية كبيرة، فبحجم أهمية الحدث تتعدد الأسباب والبواعث للاختلاف فيه.
وأضاف: مع مرور الزمن تراكمت المعلومات والروايات عن تلك الحادثة، وكأيّ حادثة تاريخية تتعرّض مروياتها للزيادة والنقص، والمبالغة والتشويه، ويحصل تضارب واختلاف بين المرويات.
وعن كيفية التعامل مع الأحداث التاريخية قال سماحته: هناك اتجاه تقليدي يرى ضرورة المحافظة على الرواية المألوفة المتداولة في كلّ مجتمع شيعي، وإن اختلفت تلك الرواية في تفاصيلها بين مجتمع وآخر.
وأضاف: يقف أصحاب هذا الاتجاه في وجه كلّ من يمارس التحقيق والبحث في وقائع كربلاء، ويعتبرون ذلك إضعافًا للمناسبة، وتقليلًا من قدسية الذكرى، وتهوينًا لشأنها.
وأبان أن الاتجاه الثاني هو الاتجاه الناقد للحالة الدينية في المجتمع، الذي يتبنّى كلّ رأي يضعف تفاعل الجمهور مع القضايا الدينية، ومع الأحداث التاريخية المرتبطة بها، ويترصد كلّ نقد أو وجهة نظر معارضة، للتدليل على أسطورية الموروثات الدينية وعدم عقلانيتها.
وتابع: هذا الاتجاه يرفض المرويات التي لا تناسب توجهه، دون الاحتكام إلى ضوابط علمية، ودون أن يُكلّفوا أنفسهم عناء البحث والدراسة العلمية.
وعن الاتجاه الثالث قال سماحته: هو اتجاه يدعو إلى البحث والتحقيق العلمي الموضوعي، في أحداث السيرة الحسينية، لمعرفة الحقائق والمعلومات التي قد تكون مجهولة أو مهملة، ولفرز الروايات التاريخية المعتبرة من غيرها.
وعن السبب وراء البحث والتحقيق في السيرة الحسينية قال سماحته: إنّ روايات وأخبار السيرة الحسينية لها انعكاس كبير على تكوين قناعات الجمهور الشيعي وسلوكياته، فلها بُعْدٌ عقدي فكري، وبُعْدٌ تشريعي فقهي، وبُعْدٌ أخلاقي سلوكي، فلا يصح أن تترك دون بحث وتمحيص.
وتابع: ولقد أصبح المجتمع الشيعي اليوم تحت المجهر، حيث تسلط عليه الأضواء، فعلينا أن نظهر صورة مشرقة لفكرنا ومذهبنا، وذلك بأن يكون الطرح علميًّا قابلًا للبرهنة والاستدلال، ولا يصح عرض روايات لا مصدر لها، ولا يكون لها تفسير مناسب، وإذا لم نقم بالنقد الذاتي فسنتعرض لتشهير الآخرين ونقدهم.
وأضاف: ومع اتساع رقعة التعليم، وارتفاع مستوى الثقافة والمعرفة، والانفتاح على العالم وثقافاته، برزت لدى أبنائنا وجمهورنا تساؤلات، على ما يسمعونه من مرويات، فلا بُدّ من تقديم السيرة الحسينية بالطريقة اللائقة المقنعة، حتى لا يحصل لهم نفور ورد فعل.
واستشهد بجهود علماء وباحثين سجلوا ملاحظات على ما هو متداول من السيرة الحسينية، وسعوا في مجال التحقيق والتنقيح.
وذكر منهم السيد عبدالرزاق المقرّم، والشيخ محمد مهدي شمس الدين، والشيخ مرتضى المطهري.
وبيّن أن هناك مؤسسات أيضًا بذلت جهودًا في بحث ودراسة الثورة الحسينية، كدائرة المعارف الحسينية، وموسوعة (مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة)، ودار الحديث في قم التي أصدرت الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء وأصحابه (ع) بإشراف الشيخ محمدي الريشهري.