من الناحية الطبية ماذا يعني أن تكون ذا تنوع عصبي؟
المترجم : عدنان احمد الحاجي
بقلم إميلي موسكال
ذوو التنوع العصبي، الذين لديهم اختلافات في القدرات المعرفية (الادراكية(1)) القابلة للتشخيص في كثير من الأحيان ، يشكلون واحدة من أكبرالأقليات في العالم – حوالي 20 ٪ من سكان العالم ، وفقًا لجمعية التوحد الوطنية(2). يدخل تحت التنوع العصبي(3) المصابين باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (ADHD) وعسر القراءة والتوحد.
جميع الممارسين الصحيين تقريبًا يفحصون ذوي التنوع العصبي في عياداتهم ، لكن الدراسات بينت أن العديد من الأطباء يفتقرون إلى المعرفة العملية بهذا التنوع العصبي المطلوبة لدعم احتياجات هؤلاء المصابين بشكل أفضل. في المؤتمر الافتراضي السنوي الرابع لكلية الطب في جامعة ستانفورد حول الإعاقة وتدريب الأطباء على تقديم رعاية أفضل لذوي الإعاقات الذي انعقد هذه السنة في 22 أبريل 2023، ناقش المشاركون في هذا المؤتمر طرق دعم الممارسين الصحيين وطلاب الطب الذين يعانون من أنواع مختلفة من الإعاقات والحالات المرضية المزمنة وتدريب الممارسين الصحيين على رعاية ذوي الإعاقات وعلى إجراء أبحاث حول الإعاقات(4).
تحدث لورانس فونغ Lawrence Fung، أستاذ مساعد في الطب النفسي والعلوم السلوكية والخبير في التوحد، عن معنى أن يكون الشخص شخصًا من ذوي التنوع العصبي من الناحية الطبية، مع التركيز بشكل خاص علي اضطراب التوحد، مؤكداً على أنه يمكن أن يكون للتوحد ميزة تنافسية. على سبيل المثال ، تتمثل إحدى الخصائص الأساسية للمصاب بالتوحد في الاهتمام بالتفاصيل، والتي يمكن أن يستفيد الطبيب المصاب بالتوحد منها في البحث عن أدلة دقيقة (غير واضحة لغيره) في صور الدماغ أو عينات من أنسجة الدماغ أو التفاصيل السريرية الأخرى التي يمكن أن تفيد في التشخيص.
كان فونغ متحمسًا لتركيز أبحاثه وجهوده السريرية على التنوع العصبي بعد أن شُخص ولده بالتوحد. الآن، هو مدير مشروع ستانفورد للتنوع العصبي(5) ويقود مختبرًا يستخدم التصوير العصبي (تصوير الدماغ)(6) لدراسة التوحد.
ناقش فونغ نقاط القوة والتحديات التي يواجهها ذوو التنوع العصبي ومقدمو الرعاية الصحية [الممارسون الصحيون أو / والعيادات الصحية والمستشفيات]، مع التركيز على المصابين بالتوحد ، والمشاريع التي يعمل عليها.
ماذا يعني نموذج التنوع العصبي القائم على نقاط القوة؟
يستخدم الممارسون الصحيون النموذج القائم على نقاط القوة لفهم طبيعة ومتطلبات الرعاية الصحية التي يحتاجها ذوو التنوع العصبي بشكل أفضل. ينصب التركيز على ما يمكن أن يفعله ذو التنوع العصبي، لا التركيز على ما لا يستطيعوا أن يفعلوه. بينما، في المقابل، يركز النموذج الطبي التقليدي على التشخيص فقط.
نحن نسخر علم النفس الإيجابي والطب النفسي الإيجابي والتكتيكات لتحقيق الرفاه الفردي والمجتمعي، لفهم نقاط القوة التي يتمتع بها ذوو التنوع العصبي واهتماماتهم. يساعدنا ذلك على فهم كيف يمكننا مساعدتهم خلال سنوات نمائهم التكويني. نحن نقوم بتعليمهم الإشارات الاجتماعية(7، 8) التي يجب أن يتعلمها الصغار المصابون بالتوحد ، مثل التواصل مع الناس من خلال الوسائل التي تناسبهم. ونحن نتبنى نظرية الذكاءات المتعددة (9)، وهي تعتبر نظرة أكثر شمولية من الذكاء، لا مجرد التركيز فقط على معدل الذكاء(10) IQ.
ما هي الصعوبات التي يواجهها ذوو التنوع العصبي؟
يعاني المصابون بالتوحد من شيء يسمى فرط الحساسية الحسية – حيث تُضخم المدخلات الحسية من الضوء أو الصوت أو اللمس ، على سبيل المثال. قد تكون مصابيح الفلوريسنت مزعجة بشكل خاص لهم ، وقد يشعر المصابون بالتوحد بعدم الراحة عندما يلمسهم آخرون.
غالبًا ما يكون لدى المصابين بالتوحد أيضًا طريقة وحيدة للتواصل لا يرغبون عنها. قد يسيئون فهم ما يحاول الطبيب قوله لهم ، وقد يحتاجون إلى ممارسين صحيين للتواصل معهم بطريقة أكثر صراحة حتى يستطيعوا فهمها. على سبيل المثال، يجب على الأطباء شرح خطوات الفحص البدني وطلب الإذن من المصاب قبل إجراء الفحص عليه. إذا كان التواصل مع المصابين بالتوحد غير واضح ، فقد يؤدي ذلك إلى انخفاض في ثقتهم بالطبيب والجهاز الطبي.
أيضًا ، يعاني المصابون باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة من صعوبات في الوظائف (المهارات) التنفيذية(11) – وهي العمليات الذهنية للتخطيط والتنقل بين المهام المتعددة. الجهاز الطبي لا يلبي دائمًا احتياجات “إمكانية الوصول”(12) لهؤلاء المصابين، وقد يؤدي ذلك إلى فوات مواعيدهم مع الأطباء ، لكن التذكيرات بالمواعيد هي خطوة كبيرة ومتقدمة.
ماذا عن مقدمي الخدمات الصحية [الممارسين الصحيين أو / ومراكز الخدمات الصحية] لذوي التنوع العصبي؟
السلوك الاجتماعي المكتسب ليس سهلاً بالنسبة للمصابين بالتوحد. ويتعرضون لما يسمى بالمنهج الدراسي الخفي(13) في المدارس حيث لا تُراعى الاختلافات في نسبة الاستيعاب والفهم بين الطلاب الطبيعيين غير المصابين بالتوحد والمصابين بالتوحد. والحال أن ما قد يبدو منهجًا تعليميًا مقبولًا بشكل عام لغير المصابين بالتوحد نقسُه يُدرس في كثير من الأحيان للمصابين بالتوحد، ولذلك يحتاج المصابون بالتوحد إلى أولًا تعلم الفروق الدقيقة في التفاعلات الاجتماعية المناسبة مباشرة وبشكل صريح وواضح، بما في ذلك معرفة ما ينبغي وما لا ينبغي مشاركته في حواراتهم مع غيرهم.
غالبًا ما يواجه ذوو التنوع العصبي صعوبة في فهم واتباع تعليمات الأطباء.و لهذا السبب قد يتناولون أدوية ليس وفقًا للجدول الزمني أو بالجرعات التي أوصى بها أطباؤهم. بإمكان الممارسين الصحيين كتابة التعليمات واضحة لا لبس فيها لمرضاهم للحد من هذه المشكلة.
مصادر من داخل وخارج النص
1- المعرفة cognition هي «الإجراء العقليّ أو عمليّة اكتساب المعرفة والفهم من خلال التّفكير والخبرة والحواس». تشمل المعرفة عمليّات مختلفة، مثل الاهتمام وتشكيل المعرفة والتذكّر والحكم والتقييم والتفكير والحوسبة، كما تشمل حلّ المشكلات واتّخاذ القرارات والفهم وتشكيل اللغة ؛ تستخدم العمليّات المعرفيّة المعرفة الموجودة عند الإنسان وتولّد معارفاً جديدةً.” مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/معرفة_(علم_النفس)
2- https://www.autism.org.uk/advice-and-guidance/professional-practice/neurodiversity-education
3- “تشير نظرية التنوع العصبي إلى أن الاختلافات بين أدمغة البشر هي مجرد اختلافات وليست صورة من صور العجز / القصور لذا فإن كلمة «مرض» لا يمكن استخدامها عن الحديث عن التوحد أو فرط الحركة، في النهاية، هي تنوعات مختلفة في أدمغة البشر. وهو مبدأ حيث يتم التعامل مع الاختلافات العصبية واحترامها كما أي تنوع بشري آخر». كانت جودي سيغنر ـ باحثة علم الاجتماع الأسترالية المصابة بالتوحد ـ هي أول من استخدم هذا المصطلح للدلالة على أن بعض اضطرابات النمو ما هي إلا اختلافات طبيعية في الدماغ، وأن أصحاب تلك الاختلافات لديهم نقاط قوة خاصة بهم. بعض الفئات التي تندرج تحت هذا المصطلح هم الذين يعانون من: التوحد وفرط الحركة وتشتت الانتباه وعسر القراءة وعسر الحساب وصعوبات التعلم الأخرى . آما أعراضه في الأطفال فتشمل: ضعف التواصل البصري وعدم التبسم وعدم الاستجابة للنداء بأسمائهم و عدم النطق بأي كلمة حتى سن الـ 16 شهرًا و عدم النطق بجمل كاملة حتى سن السنتين وصرامة في ترتيب متعلقاتهم. أما في الكبار فتشمل الأعراض عدم القدرة على بدء الحديث أو الحفاظ على استمراريته وضعف التفاعل الاجتماعي وعدم الاشتراك في ألعاب وأنشطة جماعية والتركيز الشديد المفاجئ على موضوع معبن بين الحين والآخر والإصرار على روتين معين وعدم المرونة فيه. البعض يرى إن التنوع العصبي ما هو إلا تنوع طبيعي في الجينوم البشري، إن كانت وجهة النظر هذه لم تلق قبولا عالميًت حتى الآن، لكن العلم يؤيدها بمرور الأيام, يظهر هذا في النظريات القائلة بأن معدل انتشار حالات مثل التوحد هو تقريبا معدل ثابت ولم يتغير على مر السنين، وأن تلك الحالات هي نتاج مزيج من الاستعداد الجيني والتفاعلات البيئية وليس نتيجة مرض أو إصابة. ” مقتبس ببعض التصرف من نص ورد على هذا العنوان:
https://www.qallwdall.com/التنوع-العصبي-ماذا-يعني-وكيف-يمكن-مواج/
4- https://med.stanford.edu/smadie/events/4th-annual-disability-conference.html#:~:text=Join%20us%20for%20the%20Fourth,livestream%20and%20Zoom%20breakout%20groups!
5- https://med.stanford.edu/neurodiversity.html
6- https://ar.wikipedia.org/wiki/تصوير_عصبي
7- “الإشارات الاجتماعية (social cues) هي إشارات لفظية أو غير لفظية يُعبر عنها من خلال الوجه والجسم والصوت والحركة (وغيرها)، وتوجه هذه الإشارات الحوار والتفاعلات الاجتماعية الأخرى من خلال التأثير في انطباعاتنا واستجاباتنا للآخرين. تُعد هذه الإشارات أدوات تواصل مهمة لأنها تنقل معلومات اجتماعية وسياقية وبالتالي تسهل الفهم الاجتماعي تتضمن بعض الأمثلة على الإشارات الاجتماعية ما يلي: التقاء العيون وتعابير الوجه والنغمة الصوتية / حدة الصوت ولغة الجسد. تعد الإشارات الاجتماعية جزءًا من الادراك الاجتماعي(8) وتخدم أغراضًا متعددة في التنقل في العالم الاجتماعي، ونظرًا لطبيعة البشر الاجتماعية، فهم يعتمدون اعتمادًا كبيرًا على القدرة على فهم الحالات العقلية للآخرين والتنبؤ بسلوكهم.” مقتبس من نص ورد علي هذا العنوان٬
https://ar.wikipedia.org/wiki/إشارة_اجتماعية
8- https://ar.wikipedia.org/wiki/استعراف_اجتماعي
9- “نظرية الذكاءات المتعددة (multiple intelligence) هي نظرية وضعها عالم النفس هارد غاردنار عام 1983 وتقول بوجود العديد من الذكاءات وليست مقتصرة فقط على قدرتين فقط هما التواصل اللغوي والتفكير المنطقي واللتين اعتبرتا تقليديًا مؤشري الذكاء الوحيدين المعتمدين في اختبارات الذكاء (IQ). أضاف غاردنر في عام 1990 خمس قدرات وهي، بالإضافة الى التواصل اللغوي والتفكير المنطقي، الذكاء البصري / المكاني ، الذكاء الموسيقي / النغمي والذكاء الجسمي / العضلي وذكاء المعرفة الذاتية / معرفة النفس وذكاء معرفة الاخرين ولاحقا، اعترف غاردنر بإمكانية وجود ذكاءات أخرى على العلم اكتشافها. وحتى عام 2016، أضاف غاردنر ذكاءين على النظرية وهما: ذكاء عالم الطبيعة وذكاء التعليم. وكان قد ذكر عن إمكانية اعتبار المعرفة الوجودية كذكاء منفصل، إلا أنه لم يبت بالأمر بشكل حاسم. تعتبر نظريته من النظريات المفيدة في معرفة أساليب التعلم وأساليب التدريس فإنها تكتشف مواطن القوة والضعف عند المتعلم.” مقتبس ببعض التصرف من نص ورد على عذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/نظرية_الذكاءات_المتعددة
10- https://ar.wikipedia.org/wiki/نسبة_الذكاء
11- ” الوظائف التنفيذية executive function (يُشار لهذه الوظائف مجتمعة باسم الوظيفة التنفيذية executive functionوالتحكم المعرفي cognitive control)، هي مجموعة من العمليات المعرفية الضرورية للتحكم المعرفي بالسلوك عن طريق اختيار ورصد السلوكيات التي تيسر تحقيق الأهداف المطلوبة. تتضمن الوظائف التنفيذية مجموعةً من العمليات المعرفية الأساسية مثل التحكم الانتباهي والكف / المنع inhibition المعرفي والتحكم التثبيطي والذاكرة العاملة والمرونة المعرفية. تتطلب الوظائف التنفيذية العليا استخدام عدة وظائف تنفيذية أساسية في آنٍ واحد وتتضمن التخطيط والذكاء السائل (مثل الاستدلال وحل المشكلات).” مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/وظائف_تنفيذية
12- “الإتاحة أو سهولة التناول أو إمكانية / سهولة الوصول (accessibility) مصطلحٌ حديث يٌستخدم عامة في تصنيف الأنظمة / الأجهزة التقنية ويحدد مدى قدرة أكبر عدد ممكن من المستخدمين بغض النظر عن قدراتهم من الاستخدام. تمكين أكبر عدد من الناس من استعمال أنظمة البنية التحتية كالشوارع والعمارات والأجهزة. له علاقة بحقوق الانسان الفردية وخاصة ذوي الإحتياجات الخاصة في المجتمع وحقهم في استخدام الأجهزة والأنظمة التي يستعملها بقية الناس. وغالبًا ما يقصد بها توفير أدوات كالكرسي المتحرك أو قارئ صفحات الويب الآلي وغيرها.” مقتبس ببعض التصرف من نص ورد على عذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/إتاحة
13- https://ar.wikipedia.org/wiki/منهج_دراسي_خفي
المصدر الرئيس