مؤسسة الوقف
مصطفى العلي
عَنى الإسلام بالجانب الاقتصادي لما له من أهمية قصوى لاستمرار حياة الإنسان الكريمة الذي يفتقد أحيانًا للمصدر المالي الكافي الذي يُقوم به حياته الفردية والأسرية، وقد شُرعت العبادات المالية لتساهم بأحد مصارفها في سد العوز والحاجة لدى الإنسان المسلم المُحتاج، وتوسعت أحيانًا لتشمل الإنسان بما هو إنسان. وقد حثت الكثير من الآيات الكريمة والروايات الشريفة الإنسان المسلم المُقتدر على البذل والعطاء لسد حاجة أخيه المسلم، ومن أجلى وأوضح الروايات، الحديث النبوي “إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: علم ينتفع به، أو صدقة تجري له، أو ولد صالح يدعو له”، فالرواية تؤكد على أهمية الصدقة الجارية وفضلها للإنسان بعد موته، ومن مصاديق الصدقة الجارية “الوقف”.
ومع تطور الحياة ونموها تنوعت وتعددت مصاديق الحاجات الإنسانية التي اقتصرت سابقًا على المأكل والملبس والمسكن لتشمل حاجات تعد ضرورية في حياة الإنسان المعاصر كالجانب الصحي والتعليمي وغيره من الجوانب التي تمس حاجة الفرد والمجتمع، وقد عُرف الوقف بين المسلمين منذ تأسيس الدولة الإسلامية إلى يومنا الحاضر، وغالبًا ما يتم ذلك عن طريق إيقاف الفرد أمر ما كمسجد أو مزرعة أو بناء أوغير ذلك من الأوقاف. وبسبب محدودية إيرادات الأوقاف أو قصر نظر بعض الواقفين، يتم صرف تلك الإيرادات على جهات محدودة تركزت على الصدقات أو المشاريع الدينية كالمساجد والحسينيات. وللأسف فإن سوء إدارة بعض الأقاف الناتج عن تضييق كتابة الوقفية (صك الوقفية) أو إهمال الوصي على الوقف يؤول بمصير الوقف إلى الإهمال وربما الاندثار والتلف، مما يؤدي لنقص إيراداته أو انعدامها، ومن أجل الحفاظ على فائدة الوقف واستدامته تولدت فكرة مؤسسة الأوقاف التي ستساهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في:
– رفع منسوب الوعي لدى أبناء المجتع بأهمية الوقف ومردوده الإيجابي على الفرد والمجتمع.
-المساهمة في تثقيف الراغبين في عمل الوقف بالأسلوب الأمثل لصياغة الوقفية وتحديد مصارف الوقف
– التعريف بالمصارف المتاحة والممكنة لإيرادات ومنافع الوقف التي تلبي الحاجات المطلوبة التي تصب تحت العنوان العام “صدقة جارية” أو “أوجه البر والإحسان”
-توثيق الأوقاف بطريقة ممنهجة مما يساهم في حفظها من التلف أو الانعدام مما يساهم في استدامة الاستفادة منها
صيانة أو إعادة تأهيل الموقوفات سواء كانت مباني أو مزارع ليمكن استخدامها للمستفيدين، وتنمية إنتاجها لتحقيق مصدر مالي مستدام يخدم مشاريع مؤسسة الوقف.
-الاستثمار الأمثل والمتوازن للموارد المالية العائدة من الأوقاف في دعم المقاصد الدينية والفردية والاجتماعية التي تقع ضمن العنوان الديني العام.
-تأهيل كادر بشري متمكن وقادر على إدارة الأوقاف إدارة مؤسسية منظمة تضمن استدامة المشروع ابتعادًا عن العمل الفردي غير الكفوء بعض الأحيان.
– إبرار الصورة الحقيقية لأهداف ومقاصد الدين الإسلامي الحنيف في إدارة الوقف والاستفادة من الجانب المالي والاقتصادي التي ستشجع المسلم في دعم مشاريع الوقف التي ستعود عليه بالفائدة الدنيوية والأخروية.
وبالطبع فإن مؤسسة الأوقاف لا تعني بالضرورة القضاء أو إنهاء إدارة الأوقاف الفردية، بل ستساهم في ترشيدها وتطويرها. فكل من العمل الفردي والمؤسسي مكمل للآخر.
نسأل الله الكريم أن يوفقنا لما فيه خير ديننا الإسلامي والمسلمين الراجين رضوان الله تعالى.