لمحات عن ديوان «مداد الحب» للشاعر محمد الحمود
د. جواد المرهون
صدر للمهندس الشاعر محمد إبراهيم الحمود في هذا العام 1445للهجرة ديوانه الثالث «مداد الحب», بعد ديوانيه خواطر من الماضي إلى الحاضر، وسعيدة، اللذان أصدرهما عام 1414 للهجرة. وديوان «مداد الحب» هو الإصدار السابع من إصدارت منتدى سيهات الأدبي «عرش البيان».
جاء في مستهل الديوان مقدمة للشاعر وكلمة منتدى سيهات الأدبي عرش البيان للشاعر علي المادح. وشكر وعرفان سطره الشاعر عقيل المسكين للوجيه المهندس عبد الله السيهاتي الذي يدعم المنتدى لإيمانه بأهمية مسيرة المنتدى والأدب الأصيل والكلمة الجميلة، وتكفله بالتمويل اللازم لإصدارات المنتدى، وقراءة قصيرة وجميلة من الدكتور نايف آل دبيس أثنى فيها على إبداع الشاعر في ديوانه الذي جسد فيه معاني الحب والعشق.
وسأسطر هنا بعض اللمحات من قراءة الديوان بشكل سريع، وقد تكون لي وقفة أخرى، أو وقفة لغيري أكثر تعمقًا في دواوين الشاعر الواعد محمد إبراهيم الحمود في المستقبل. وتركز هذه اللمحات في اختيار بعض ما سطره الشاعر في ديوانه وأبدى فيه إحساسه المرهف ومشاعره الجياشة في معاني الحب ونعيم القرب، ولواعج البعد والصور المعبرة التي تصل معانيها لقارئ الديوان دون عناء. وقد جمع الشاعر في ديوانه قصائد كتبها في تسع سنوات.
يقول الشاعر في قصيدة «بقايا الحب» في معنى الحب الجميل والمودة الصادقة:
فالحب أمطرني بغيث مودة فاعشوشبت صحرائي الجرداء
شوقي إليها قد توزع في الحشا كي تستديم بحبها الأحشاء
وقال في وقفة إبداعية وهو يلوم حبيبته في قصيدة «ماذا أقول»:
ألا ترين لهيب النار في كبدي وحر نار الجوى يعلو ويستعر
وهذه الوقفات تكررت في الديوان بصور أخرى تفنن الحمود في رسمها للقارئ ليبين هيامه بمن يحب، ففي قصيدة «اعتراف» يقول:
لو تستبق حبي إليك ظواهر فالقلب فيه من الهوى بركان
والشوق في قلبي بدا كوثيقة لم يبده بوح ولا تبيان
ويقول عن هذا الحب الجميل الذي يطرب له المحبوب ويسعد به:
قلبي سكبت في هواك قصيدة والنبض قافية لها أوزان
وأنظر له وهو يخاطب محبوبته بعفوية وانسجام في قصيدة «ليتني حبا»:
إن عطفي لا لحب فهو بالله اهتدى
لا أريد الحب إلا باقيا طول المدى
فاستفيقي… ليس بالنوم ننال المقصدا
ويقول في قصيدة «شوقي إلى الحبيب» ذاكرا أن سبب سهاده ومعاناته والآمة بعده عن حبيبته:
أقضي الدجى دون المنام مسهّدا ما كان حالي هكذا لولاه
إلى أن يقول:
يا لآئمي في حبه كف أنني أغفو واصحو حاملا رؤياه
وغياب الحبيب في قصيرة «غياهب الحب» يلهب قريحة الشاعر, وترتطم مشاعره الصادقة بعيدا ووحيدا عن من يحب ويخلص الحب له, فيسكب تلك المشاعر بكلمات معبرة, وفي أبيات تشبه الحكمة, أن حالة الإنسان بعيدا عن أحبابه حالة من يعيش البؤس:
فما أحوج الدنيا إلى حب صادق يمد الأيادي بالدعاء ويُنْسِك
إلى أن يقول:
فمـا حال إنسـان يعيش بنفسه يجول سقيما في الحياة ويهلك
وتُروَي حياة البؤس في الذكر باسمه ويمحي لذكر في الأنام ويؤفك
فعوِّل على ألأحباب ما دمت عاشــقا فؤادك يهوى ذي الخصال ويدرك
ويواصل محمد الحمود إبداعه في وصف لوعة البعد ولهفته للقاء محبوبته, حتى كأنه يذرف كل ما في مآقيه في بعده، رغبة وصبرًا للقاء ولو بعد مدة طويلة، حتى يصل إلى نوع من الإيمان العميق.
أن الإنسان يتحمل من أجل تحقيق أهدافه قدرًا كبيرًا من الصبر ويتحمل من معاناة البعد ما يفوق طاقته المعتادة، حتى أنه لتتملكه الخيالات التي تعينه في مسيره الطويل المضني، وكل ذلك في ثوب من الإيمان بالعودة لينعم بالحياة مع من يحب. وتتمثل تلك المظاهر في قصيدة الشاعر «لهفة عاشق» حيث يقول فيها:
إني وقد عز اللقـاء فإنني أبقى أسيرا للحبيب ومغرما
قد أرَّق العين السهاد فكيف للطرف المؤرَّق بالكرى أن يحلُما
ويقول:
ما فارقت عيناي طيفك فارحمي جفنا بحبك كاد أن يتكلما
إني لأحلم بالوصال واكتفي إن الوصال يُحيل جرحي بلسما
هذا نشيدي بالدموع كتبته وحنين قـلبي نحـو قد يَمَّما
ويختتم الشاعر قصيدته بتواصل مشاعره نحو من يحب، وإن دفنت في التراب لطول المدة وكثرة المعاناة، فهي كما يقول: «تنمو المشاعر فيَّ». ويسلي العشاق الذين لا يصلون إلى مستوى تحمل عشقه بأنه باق في محراب حبه. ويرى أن طول معاناته وآلامه تنمو أزهارًا بعد أن يرويها بدموعه الغزار، يقول:
إني وإن ضم التراب مشاعري تنموا المشاعر فيَّ لا لن تعدما
أزهارها كانت تحيط بمسجدي صلَّى الغرام بزائريه وسلما
يأتي له العشاق كل فريضة كم جاءه من عاشق فتألما
وهكذا يسترسل الشاعر في نثر قصائده الثلاثة والستين قصيدة على صفحات ديوانه، علمًا أن قصائد ديوان «مداد الحب» جميعها مقفاة، وقد خاض كتابة القصائد الجميلة على أكثر بحور الشعر، وذيل كل قصيدة بمكان كتابتها: أمريكا، سيهات، كندا، أوكلاهوما، المغرب. وتفرقت كتابة هذه القصائد بين عام 2013 إلى عام 2021م. كما أن «أبا مالك» الشاعر محمد الحمود يعمل جادًا في إعداد ديوانه الرابع، ودواوين أخرى.