خسف تاريخي برحيل المؤرخ الجنبي القديحي
طالب المطاوعة
مثّل أسطورة لحقائب وعهود ومماليك استوطنت شرق الجزيرة العربية، فهو بحق من أساطين التاريخ الحديث والقديم. فقد جسد بتنقيبه وتتبعه مالم يجسده غيره من المؤرخين ممن سبقه، بهذا الكم العريق والدقيق. أبا طاهر ما إن تجالسه وتبادله أطراف الحديث حتى تشعر بأنك أمام جبل من المعلومات التاريخية والثرية، والأمواج المتلاطمة كالجبال الرواسي، كل ذلك ما كان لأن يكون لولا قناعته التامة بأن يحفر وينبش بطون أمهات الكتب والوثائق الروائية والتاريخية، ويعرض على بساط البحث العلمي مادته بكل تجرد، فكان لمشرطه وأدواته البحثية وتحليله وربطه خيوط البحث التي شكّلت أنسجة ودعامة قوية لكل باحث ومهتم ومتتبع، فبات مصدراً أساسياً لكل الباحثين والمهتمين من بعده. فكان بحق أسطورة تاريخية لمعت وتلألت وأضاءت سماء المملكة والخليج عموماً والمنطقة الشرقية خصوصاً، أسفاراً ما كانت أن تكون لولا أن وضع يده ومشرطه عليها.
حبيبنا وعزيزنا وأخينا الكبير الراحل.. إذ نعزيك ونعزي أخوتك وأبناؤك وأحبتك ووطنك ومجتمعك بهذا الفقد، نعزي أنفسنا بما فقدناه وخسرناه من عطاء ثري، وغزارة بحث، ودقة تأمل، وصدق معانيك وأخلاقك العالية، وروحك المتألقة، وملاطفاتك وابتساماتك الجميلة والكبيرة.
فمات قوم وما مــاتت فضائلهم
وعاش قوم وهم في الناس أموات
فسلام عليك حياً وميتا، وسلام على روحك الطاهرة.