ظواهر القرآن حجة على المسلمين
صالح المرهون
إن الظاهر القرآني حجة على الإنسان المسلم، وهذه النقطة من الأهمية بمكان، فقد أعطي الإنسان القرآن الكريم لكي يكون دستورًا له، وحتي يكون دستورًا فلابد يكون مفهومًا بالنسبة إليه، ولا يمكن أن تعطي دليل استعمال الجهاز مثلًا ويكون غير مفهوم لصاحبه، لذلك قال الله سبحانه وتعالى:(ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر)
هناك بحث أو عدة أسئلة عند علمائنا الأفاضل حول القرآن الكريم، وهو هل أن ظواهر القرآن الكريم حجة للفقيه يستطيع أن يستنبط منها الأحكام الشرعية، فإذا رأى مثلًا(يا أيها الذين أمنوا إذاقمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم) يقول لك لفظة اغسلوا تدل على الإلزام والوجوب، فإذن غسل الوجه واجب شرعي بنص القرآن الكريم، هذا لايتيسر إلا إذا قلنا أن ظاهر القرآن الكريم حجة وهذا ما التزم به غالبية المسلمين من مدرسة أهل البيت(ع)ومن المدارس الإسلامية الأخرى، ولذلك فإنهم يجعلون ظواهر القرآن من الأدلة على الحكم الشرعي.
إن بعض أتباع أهل البيت(ع) من أخواننا في المدرسة الإخبارية وهي مدرسة رديفة للمدرسة الأصولية، وفيها علماء كبار بل إن أصحاب المجاميع الحديثية الكبرى هم محسوبون على هذه المدرسة.. هؤلاء قالوا لا نستطيع أن نفهم القرآن الكريم، وإنما يفهمه من نزل عليهم وهم محمد وآل محمد صلى الله عليهم أجمعين، فلابد -ونحن نريد فهم القرآن الكريم- أن ننظر إلى أخبار وروايات أهل البيت(ع)، وهذا الكلام حسب رأي علمائنا جزء منه صحيح وجزء منه غير صحيح.
الجزء الصحيح منه دون شك ولا ريب أن العلم بكل القرآن والإحاطة بكل مافيه هذا محصور في محمد وأهل بيته فلايستطيع أحد من المسلمين كائنًا من كان، علمًا وفهمًا، أن يقول أنا أفهم وأحيط بعلوم القرآن الكريم ولو ادعى ذلك يمتحن ويسقط في الامتحان إلا رسول الله(صلى)، وأهل بيته الطيبين الطاهرين، الذين ورثوا هذا العلم من جدهم رسول الله(صلى)، وهذا المقدار من الكلام صحيح وهو أن الإحاطة بعلم القرآن من أوله إلى آخره منحصر في أهل البيت، باقي العلماء يعلمون شيئًا كثيرًا من القرآن الكريم و لكن لا يحيطون بعلم القرآن كله، والقسم الآخر الصحيح أيضًا أن أعماق القرآن الكريم وكل بطونه المختلفة إنما يعلمها النبي(صلى) والأئمة المعصومون(ع)، أما سائر الناس ومنهم العلماء المتبحرين في العلم ليسوا بهذا المقدار، هذا المقدار الصحيح من كلام إخواننا علماء المدرسة الاخبارية من الإمامية،
وأما القسم الآخر غير صحيح فإننا نجد في القرآن الكريم آيات كثيرة منه آيات محكمات هن أم الكتاب وهذه الآيات المحكمات ميسرة للناس على اختلاف منازلهم ودرجاتهم وقد أمروا أن يتدبروا فيها(أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)(ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر) هذا المقدار من البحث والتشجيع والدعوة إلى الانفتاح على القرآن يعني أنه بإمكان الناس على اختلاف درجاتهم العلمية أن يتناولوا من القرآن الكريم بحسب مستوياتهم، فالفقيه يقدر على مائدة القرآن ما يشبع نهمة، وكذلك يستفيد الإنسان العامي عندما تقول له (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) هذه واضحة بالنسبة له يفهم عندما تقول له
(ولا تقربوا الزنا) وأمثال ذلك،
فإذا تقصد الإحاطة بالقرآن من أوله إلى أخره وبأعماقه فهذا من اختصاص أهل البيت(ع) وفي طليعتهم سيدهم وسيدنا محمد(صلى) وإذا كان المقصود أننا لانفهم شيئًا من القرآن الكريم فهذا يخالف الوجدان، بل نجد مفسرين من مختلف المدارس الفقهية يفسرون القرآن الكريم وفي كثير من الآيات يكون تفسيرهم صائبًا، وذلك أن من يعرف اللغة العربية عندما يقرأ القرآن لا يقرأ الغازًا وإنما يقرأ آيات يعرف معانيها بحسب تعقله وقدرته الذهنية، فإذن ظواهر القرآن الكريم بهذا المعنى حجة لذلك على المسلمين
قالت سيدتنا الزهراء(ع)
بعد ما وصفت القرآن الكريم كتاب الله الناطق، والقرآن الصادق، والنور الساطع، والضياء اللامع، تقول: بينة بصائر متجلية ظواهره، هذه الظواهر والبصائر واضحة للناس يستطيع الإنسان أن يصل إليها، اللهم أعننا على قراءة كتابك الكريم في هذا الشهر الشريف والتمعن في آياته المحكمات.