أقلام

البروفيسور رضي المبيوق شمس مشرقة، تغيب عن مكان لتشرق في آخر

د. حجي إبراهيم الزويد

الدكتور البروفيسور رضي حسن المبيوق أحد أبرز نجوم العلم بوطننا الغالي يغادر ساحات التعليم بالولايات المتحدة الأمريكية

” فرحتي اليوم تساوي أو تزيد على فرحة اليوم الأول الذي بدأت فيه مشوار العمل في الجامعة خريف عام ١٩٩٠

شعور المغادرة جميل وليس فيه اي تردد. اللحظة والوقت مناسبان لبدء الفصل الجديد من حياتي.

إن استيعاب الحرية التي تمنحها مرحلة التقاعد ستأخذ بعض الوقت للتعود، وأنا متأكد بأنني سأكون مشغولا أكثر باهتمامات أخرى، والفارق هو أنني من سيحدد الوقت لأي انشغالات مستقبلية”

بهذه الكلمات، عبر البروفيسور رضي المبيوق عن انتقاله إلى مرحلة التقاعد بعد حياة علمية حافلة بالعطاء امتدت قرابة ٣٥ عاما قدم فيها عطاءً قيما ومتميزا، و أعطى فيها صورة مشرقة ووضاءة عن أبناء المملكة العربية السعودية في الخارج و تميزهم علميا و أخلاقيا.

د رضي المبيوق، أبو حسن أحد النماذج المشرقة المتألقة علميا، وقد عمل أستاذا بجامعة شمال ولاية أيوا، بالولايات المتحدة الأمريكية.

‎الدكتور أبو حسن هو أحد الكفاءات الوطنية المتميزة، أستاذا غزير العلم و مربيا قديرا، و موجها تربويا عظيما، وهو يمتلك تجربة تربوية عالية.

‎ حياة البروفيسور رضي ملأى بسلسلة نجاحات متواصلة و محفوفة بنشاط لا ينضب ينبوعه وعطاءً يتدفق غزارة.

‎
البروفيسور رضي المبيوق من مواليد العوامية حي كربلاء عام 1954م.

‎بدأ حياته بتعلم القرآن الكريم قبل الدراسة ويدين بالفضل في تعلمه للقرآن لخالته السيدة “تقية” أم عبد المحسن علي حسن اللباد.

‎
ثم ‏بدأ دراسته في مدرسة الواحة الابتدائية، وأكمل الدراسة

‎المتوسطة في أول مدرسة افتتحت في العوامية (العوامية المتوسطة) وتخرج منها عام 1972.
‏
‏ التحق بعد ذلك بنظام التدرج بشركة أرامكو ودرس اللغة الإنجليزية وعمل في شركة أرامكو لمدة 4 سنوات حتى عام 1976.

‎هاجر بعد ذلك إلى الولايات المتحدة الأمريكية في شهر فبراير 1976م لإكمال دراسته الأكاديمية وأقام فيها لأكثر من 48 عاماً.

‎في مشواره الأكاديمي حصل الأستاذ رضي على درجة البكالوريوس في التدريس عام 1981م من جامعة سينت ميريز بمدينة وينونا بولاية مينسوتا، وكذلك على شهادة الماجستير في عام 1983م في مجال الإرشاد الاجتماعي من جامعة سينت ميريز بولاية مينسوتا.

‎ثم تخرج عام 1990م من جامعة ماديسون ويسكانسون بمرتبة الشرف الأولى ونال شهادة الدكتوراه وكانت رسالة الدكتوراه بعنوان “العفو كعلاج لحالة الحرمان العاطفي الأبوي في علم النفس”.

‎وفي الجانب العملي التحق البرفيسور بجامعة شمال ولاية أيوا وترأس قسم علم النفس التربوي لمدة أربع سنوات، وقام بتدريس عدة مواد وأشرف على أكثر من 250 رسالة ماجستير ودكتوراه.

‎أصبح عضوا بجمعية التربية الأخلاقية والجمعية الأمريكية لكلية المعلمين، و كذلك استلم إدارة معهد المستقبل للبحوث والدراسات في شيكاغو.

‎ألقى العشرات من المحاضرات والندوات في مجال تخصصه علم النفس التربوي في عدة محافل عالمية ومنها مقر الأمم المتحدة.

‎صدر للبرفيسور رضي المبيوق (6) كتب باللغة الإنكليزية

‎وكتاب واحد ترجم باللغة العربية بعنوان (الاعتبارات النمائية في علاج إساءة معاملة الأطفال وإهمالهم).
وباقي هذه الكتب هي ما يلي:

‎1- التصحيح ونمو الإنسان من السنة الثانية -18 سنة،
2-سبع طرق إلى العفو
3- سيكولوجية الانتقام
4-نظريات التعلم
5- سيكولوجية العفو

‎ويعكف حالياً على البحث لكتابة سلسة تتكون من ثلاثة

‎كتب كل واحد منها يتناول جزء من منهج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في التربية

نسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق الإلهي المتواصل للدكتور العزيز رضي المبيوق في حياته الجديدة، ولا شك لدينا أن عطاءه الإنساني لن يتوقف بتقاعده.

قال في حقه الدكتور عبد الله الربح :

” أستاذنا الكبير البروفيسور أبا حسن

مسيرة حافلة بالعطاء التعليمي والإنجاز البحثي. في كل جزئية من مسيرتك، كنتَ تمنح كل ما تيسر لك من أجل تحقيق الهدف الإنساني للأستاذ والباحث.

لعل النقطة التي لم تأخذ حقها من تسليط الضوء هي مساعدتك لكثير من الأكاديميين في بداية مسيرتهم العلمية. فأنت الأستاذ الموجه في الجانب العلمي، والأخ الكبر أو الأب عندما يشعر الشخص بالإحباط.

ثمة كثير من الباحثين الذين وفقهم الله للقائك والتزود من علمك وخبرتك وإنسانيتك. هؤلاء ينتمون لبلدان وأديان وأعراق مختلفة، وكنت دائما الناصح الأمين لهم.

أنا أحد من وُفقوا للتعلم منك، ليس فقط على المستوى المعرفي، بل حتى على المستوى الإنساني.

أتذكر عندما طلبت منك أن تعدني أن ننشر ٣ أبحاث مشتركة قبل تقاعدك، وأجبت بابتسامتك المعهودة “مايهمك”. واليوم لدينا ٥ أبحاث مشتركة هي مدعاة فخر واعتزاز لي.

كلي ثقة أن عطاءك العلمي والإنساني سيزداد بعد التقاعد، خصوصاً وأن وقتك سيكون تحت تصرفك بالكامل.

حفظك الله ووفقك في مرحلتك القادمة يا صاحب القلب الكبير. ”

وقال الدكتور عبد الواحد خلفان في حقه:

” البرفيسور رضى هو أحد الأصدقاء والإخوة الذين تشرفت بمعرفتهم أثناء الدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية في أواخر الثمانيات في إحدى الملتقيات العلمية، وقد بقيت العلاقة الأخوية مستمرة معه خلال هذه السنوات الطويلة. د. رضي قامة علمية متميزة وأستاذ جامعي من الطراز الأول، له إسهامات علمية كبيرة بارك الله به وجزاه خيرا.”

وقال الأستاذ محمد الفرج:

” البروفيسور رضي المبيوق أبو حسن كان لي الأب الروحي في مرحلة دراستي في جامعة شمال أبوا. كان يفتح لنا بيته ويغمرنا بكرمه وحسن ضيافته، وفي كل مرة كان يعطينا درساً يفيدنا في دراستنا وحياتنا. كان يزرع فينا الشغف وحب الدراسة ونيل أعلى الدرجات العلمية. تقاعد مبارك دكتورنا العزيز أبا حسن”

وقال الأستاذ ‏ عبدالرزاق بن عبد العظيم الفرج

” عرفت عن هذا الرجل أنه قمة في التواضع و الأخلاق والنبل وقد حصل لي شرف اللقاء بشخصه الكريم مرتين

‏المرة الأولى في ولاية أيوا

‏والأخرى في العوامية

‏هنيئا لهذا الأخ الفذ

‏وفقه الله وحفظه من كل سوء”

وقال الأستاذ عبد الله سلمان العوامي:

” ما شاء الله وتبارك الرحمن..

الف الف مبارك عزيزنا أبا حسن بتتويج الإنجازات السابقة والرائعة بهذا الانجاز المميز.. ولمن يعرفك هو ليس آخر الانجازات..

الإنسان يمر بعدة محطات وأكثرها محطات ترقية من محطة صغيرة محطة أخرى أكبر، من الولادة إلى الرضاعة ثم الفطام ثم الصبا، وبعدها المرور إلى مرحلة الشباب ثم مرحلة الكهولة وبعدها مرحلة الشيخوخة، ثم المشيب في آخر العمر..

وهي مراحل ترقية ايضاً من مرحلة الابتدائية، ومرورا بعدة مراحل وحتى المرحلة الجامعية بتفرعاتها وصولا إلى درجة الأستاذية (البروفسور)..

والجميل أنك مررت بكل هذه المحطات العمرية والمراحل الأكاديمية.. ولكنها ليست آخر المحطات وليست أيضا آخر المراحل..

أنت لازلت أستاذاً ومربيا وموجها حتى بعد أن قطعت الكثير من المحطات ومررت بالكثير من المراحل..

لازلت أستاذنا أبا حسن تسطر أروع الأمثلة في العطاء الإنساني بقلبك النابض، حبا للناس وبعطائك الفكري بعقلك والذي يفيض معرفة تغدقها دون حساب لمن حولك..

وحسب حديثك السابق، فإن محطتك بعد التقاعد سوف تكون ترقية أخرى وزاخرة بالكثير من البرامج التي سوف تكون علامة فارقة ومميزة في رصيدك الإنساني والمعرفي..

ونحن والجميع بالانتظار لما تجود به زوايا شخصيتك المتعددة من عطاءات و إنجازات..”

وقال المهندس عدنان أحمد الحاجي:

” لا يملك الانسان نفسه الا ان يرفع القبعة احترامًا وتقديرًا لهذه النفسية العالية وذهنية الإنجاز والمحبة للخير لأستاذنا البرفسور أبي حسن رضي حسن المبيوق⁩. أنا متأكد أن ذهنية البحث العلمي لا تزال متوقدة لديه وسيواصل أبحاثه حتى ولو من على ظهر القارب في بحيرات شمال أمريكا.

وقد وجه إليه سؤال عما إذا شعر ولو شيئ من مشاعر حزن الفراق لوظيفة ارتبط بها عضويا لفترة طويلة. ؟

الجواب القصير: نعم، وبشكل كبير أيضا!

سأفتقد وجوه الطلبة والطالبات البريئة المتطلعة للمستقبل وهي واضعة كل ثقتها في مدرسها لتوجهها وتعلمها في مسيرتها. وهذه مسؤولية ثقيلة وكبيرة لمن له وعي بعمقها وأثر أي شيئ نقوله أو نفعله في مسيرة هؤلاء الطلبة والطالبات في مراحلهم المختلفة (البكالوريوس، الماجستير والدكتوراة).

وسأفتقد ابتسامات سكرتيرات القسم اللاتي كن يتمتعن بمرونة التعامل مع أعضاء هيئة التدريس والطلبة والطالبات ومع بعض أمزجة صعبة.

وسأفتقد المحادثات مع بعض الزملاء والذي كان لي شرف توجيههم وتوصيلهم لمرتبة الأستاذية.

وسأفتقد أروقة المبنى الذي أصبح بيتي الثاني. ولن أنسى مكتبي التي تزدان جدرانه وأركانه بهدايا من طالبات وطلبة عبر السنين.

الوقت أضحى مناسبا للمغادرة ولكن مع الإصرار على المضي في العطاء والكتابة والبحوث والمحاضرات، ولا أنسى إشباع شغفي بالهوايات التي اكتسبتها وارغب في تعزيزها وتقويتها.”

هذه الصورة، تجمعني بالبروفيسور رضي المبيوق في إحدى اللقاءات الأخوية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى