أقلام

لونٌ إلهي … “فَأَنّى تُؤفَكونَ”!!

أحمد الزيلعي

يبدو أن الله تبارك وتعالى لم يخلق أبونا آدم عليه السلام من تراب ليمتحن إبليس فقط، بل لكي يزرع في الإنسان نقطة لا تجعله يرفع أنفه متكبرًا بما سيفجره من قدرات جبارة وهبه إياها وذلك إذا علم أنه مخلوقٌ من تراب.

عمار بن ياسر وبلال بن رباح رضوان الله عليهما وغيرهما تعرضا لاضطهاد بسبب لونهما حتى أن في التاريخ ينقل أن عمار رضوان الله عليه يكنى بابن السوداء. لا عجب فأولئك كانوا كفارًا بهدي محمد صلى الله عليه وآله وشريعته المقدسة التي أعطت عمارًا وبلالًا أعلى الأوسمة.

• فعمار رضوان الله عليه هو خامس خمسة تشتاق إليهم الجنة “علي وسلمان والمقداد وأبو ذر وعمار” وإن اختلفت الروايات في التعداد إلا أنه في مقامٍ سامٍ لا تناله الحشائش من البشر فهو بن أول شهيدين في الإسلام ماتا صبرًا وثباتًا على حب المصطفى صلى الله عليه وآله الطاهرين نعم لقد فازوا ببشرتهم السمراء التي أبدعها خير الخالقين وكان الختام لعمار على لسان رسول الله: “ويح عمار تقتله الفئة الباغية” حيث ارتقى شهيدًا من حواري أمير المؤمنين عليه السلام.

• وأما بلال وما أدراك من بلال.. إن سينه عند الله شينًا بل هو مؤذن خير الخلق قاطبة وهذا مقام يجب التأمل فيه والوقوف عنده مطولًا من حيث أنه مؤذن صاحب هذه الرسالة المعجزة والنبي الأعظم الذي أذهل الدنيا والأخرة بكنهه “يا علي لا يعرفني إلا الله وأنت” نعم مؤذنه بلال فياله من مقامٍ سامٍ … كان جديرًا به “ببشرته السمراء”. حتى أنه كُلف من النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين وسلم أن يؤذن على سطح الكعبة يوم فتح مكة ليكسر جبروت قريش في تعاليها على هذه البشرة الذهبية.

إلا أن جذور قريش لم تستأصل من بعض النفوس من الذين يستحقون أن تقول لهم “والتراب” إذا عرَّف بنفسه متكبرًا. قسمًا لو لم يكن عمار وبلال رضوان الله عليهما بهذه المكانة من رسول الله صلى الله عليه وآله لأرسلوا كفر ألسنتهم لينهشوا منهم فـ”ما في الجنان يظهره اللسان” في الحالات المشابهة في الحكم. أن تتعدى على أحد لاختلاف عقدي وفكري بحت مقبول إذا كان علميًا، ولكن التعدي بالتهريج والتنمر والعنصرية هذا ليس من الدين والعقيدة والفقه والأخلاق المحمدية في شيء بل هي ضربٌ من العرق الدساس الذي يصل إلى جاهلية قريش. فما بالك إذا كان المتنمر عليه يملك حجة كحجة وعقيدة عمار وبلال رحمهما الله.

صرخة روائية

قال صلى الله عليه وآله في خطبة في الحج الأكبر: “أيها الناس! إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى، ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد. قالوا: نعم. قال: فليبلغ الشاهد الغائب”.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى