أقلام

ما هي بودرة التالك وما علاقتها بالسرطان؟

المترجم: عدنان احمد الحاجي

مصدر الصورة: The Guardian

بودرة التلك(1) هي معدن يتكون بشكل رئيس من المغنيسيوم والسيليكون والأكسجين [أو سيليكات المغنيسيوم المهدرجة] . كمسحوق (بودرة)، تمتص بودرة التالك الرطوبة جيدًا وتساعد على تقليل الاحتكاك، مما يجعلها ودرة مفيدةً للحفاظ على البشرة جافة وتساعد على منع تكوّن الطفح الجلدي. وتستخدم على نطاق واسع في مستحضرات التجميل. مثل بودرة الأطفال [بودرة جونسون آند جونسون المشهورة) ومساحيق الجسم والوجه للكبار، وكذلك في عدد من المنتجات الاستهلاكية الأخرى.

يٍستخرج التالك من الأرض. في شكله هذا الطبيعي، يحتوي بعض التالك على مادة الأسبستوس(2)، وهي مادة معروفة بأنها مسببة لسرطان الرئتين وما حولها بعد استنشاقها.

في عام 1976، رابطة شركات مستحضرات التجميل وأدوات الزينة والعطور (CTFA)، وهي الرابطة التجارية التي تمثل الشركات المصنعة لمستحضرات التجميل ومنتجات العناية الشخصية، أصدرت ارشادات طوعية (غير ملزمة) تنص على أن جميع بودرة التالك المستخدمة في مستحضرات التجميل في الولايات المتحدة يجب أن تكون خالية من مادة الأسبستوس بكميات قابلة للإكتشاف لو جرى فحصها تحليليًا. وفقا لمعايير وضعته الرابطة.

معظم المخاوف حول احتمال وجود علاقة بين بودرة التالك والسرطان تركزت على ما يلي:

– إذا كان المتعرضون لجسيمات بودرة التالك أثناء العمل لمدة طويلة، مثل العمال الذين يعملون في مناجم استخراج مادة التالك، أكثر احتمالًا للإصابة بسرطان الرئة من استنشاق تلك الجسيمات.

– إذا وُضعت بودرة التالك بانتظام على المنطقة التناسلية فإن ذلك يزيد من احتمال الإصابة بسرطان المبيض.

هل تسبب بودرة التلك السرطان؟

حين الحديث عما إذا كانت بودرة التالك لها علاقة بالسرطان، من المهم التمييز بين بودرة التالك التي تحتوي على الأسبستوس وبودرة التالك الخالية من الأسبستوس. من المعروف أن بودرة التالك التي تحتوي على الأسبستوس تسبب السرطان إذا استُنشقت. الأدلة على احتمال تسبيب بودرة التالك الخالية من الأسبستوس للسرطان ليست أدلة قاطعة.

استخدم الباحثون نوعين رئيسيين من الدراسات لمحاولة معرفة ما إذا كانت بودرة التالك أو التعرض لها يسبب السرطان.

الدراسات المخبرية: في الدراسات التي أجريت في المختبرات، عُرضت الحيوانات لـ بودرة التالك (غالبًا بجرعات كبيرة جدًا) لمعرفة ما إذا كانت تسبب أورامًا سرطانية أو مشكلات صحية أخرى. قد يُعرِّض الباحثون أيضًا خلايا طبيعية في طبق مختبر لبودرة التالك لمعرفة ما إذا كانت تسبب أنواع التغيرات الجينية التي شوهدت في الخلايا السرطانية. انسحاب نتائج هذه الدراسات المخبرية على البشر ليس واضحًا دائمًا، ولكنها طريقة جيدة لمعرفة ما إذا كانت بودرة التالك قد تسبب السرطان.

دراسات على البشر: تناولت دراسات أخرى احتمال الإصابة بالسرطان بين مجموعات مختلفة من الناس. قد تقارن مثل هذه الدراسات احتمال الإصابة بالسرطان في مجموعة تعرضت لبودرة التالك باحتمال الاصابة بالسرطان في مجموعة من الناس لم تتعرض لها، أو مقارنتها بما هو متوقع في عموم السكان. لكن في بعض الأحيان قد يكون من الصعب معرفة ما تعنيه نتائج هذه الدراسات، لأن العديد من العوامل الأخرى قد تؤثر في النتائج أيضًا.

في معظم الحالات، لم يقدم أي نوع من هذه الدراسات لوحده وبمعزل عن غيره ما يكفي من الأدلة، لذلك يأخذ الباحثون عادة في الاعتبار الدراسات المخبرية والدراسات التي جرت على البشر عند محاولة معرفتهم ما إذا كانت مادة التالك مسببة للسرطان.

دراسات جرت في المختبر

الدراسات التي عرضت حيوانات المختبر (الجرذان والفئران والهامستر) لبودرة التالك الخالية من الأسبستوس بطرق مختلفة كانت لها نتائج غير قاطعة، حيث أثبتت بعض الدراسات تكوِّن أورام سرطانية والبعض الآخر منها لم يجد أيًا من هذه الأورام.

دراسات على الناس: سرطان المبيض

لقد أفادت الأبحاث أن بودرة التالك قد تسبب سرطان المبيض إذا كانت جسيماتها (الموضوعة على المنطقة التناسلية أو على الفوط الصحية أو العازل المهبلي المانع للحمل(3) أو الواقي الذكري) تنتقل عبر المهبل والرحم وقناتي فالوب إلى المبيضين.

وقد تناولت الكثير من الدراسات التي أجريت على النساء العلاقة السببية المحتملة بين بودرة التالك وسرطان المبيض. وكانت النتائج غير حاسمة، حيث أفادت بعض الدراسات عن زيادة طفيفة في نسبة احتمال الاصابة بالسرطان وبعضها لم يفد عن أي زيادة في نسبة احتمال الإصابة بالسرطان.

– وجدت الكثير من دراسات الحالات والشواهد (4) زيادة طفيفة في نسبة احتمال الإصابة. لكن هذه الأنواع من الدراسات يمكن أن تكون متحيزة لأنها غالبًا ما تعتمد على ذاكرة الشخص ما إذا كان قد استخدم بودرة التالك قبل سنوات مديدة.

– دراسات الأتراب الطولية (5)، التي تتميز بمستوى منخفض من التحيز، لم تجد زيادة كبيرة في نتائج فحص إصابة المبيض بالسرطان بشكل عام. فقد أفات بعض الدراسات بارتفاع في نسبة احتمال الإصابة بالسرطان في مجموعات معينة من النساء أو في أنواع معينة من سرطان المبيض.

إحدى المشكلات في دراسة هذه المشكلة هي أن سرطان المبيض ليس شائعا. ولهذا السبب، حتى أكبر الدراسات التي أجريت حتى الآن ربما لم تكن كبيرة بما يكفي حتى تكتشف ارتفاعًا طفيفًا جدًا في نسبة احتمال الإصابة، إن وجد هذا الاحتمال.

وقد حاول الباحثون التعرض لهذه المشكلة وذلك بالجمع بين نتائج دراسات مختلفة (المعروفة باسم التحليل التلوي)، ولكن حتى هذا النوع من الأبحاث كان له نتائج غير حاسمة. على سبيل المثال، في تحليل تلوي يجمع نتائج دراسات الأتراب الطولية الرئيسة، لم يكن هناك زيادة عامة في نسبة احتمال الإصابة بسرطان المبيض، بينما في تحليل كل من دراسات الحالات والشواهد ودراسات الأتراب الطولية، الاستخدام المتكرر لبودرة التالك (والذي حدد بمرتين على الأقل في الأسبوع) كانت له علاقة بزيادة احتمال الإصابة بسرطان المبيض.

بالنسبة لأي امرأة، إذا كان هناك نسبة احتمال مرتفعة، فمن المرجح أن تكون الزيادة الإجمالية بسيطة جدًا. ومع ذلك، تستخدم بودرة التالك على نطاق واسع في العديد من مستحضرات التجميل ومنتجات العناية الشخصية، لذلك من المهم معرفة ما إذا كان احتمال الإصابة المرتفع احتمالًا حقيقيًا. ولا تزال الأبحاث في هذا المجال قائمة.

سرطان الرئة

أشارت بعض الدراسات التي أجريت على عمال مناجم مادة التالك وعمال مطاحن التالك إلى ارتفاع في نسبة احتمال الإصابة بسرطان الرئة وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى، في حين لم تجد دراسات أخرى أي ارتفاع في نسبة احتمال الإصابة بسرطان الرئة. وقد شهدت هذه الدراسات بعض التعقيدات بسبب حقيقة أن بودرة التالك في شكلها الطبيعي يمكن أن تحتوي على كميات متفاوتة من الأسبستوس والمعادن الأخرى، بعكس بودرة التالك المنقاة المضافة إلى المنتجات الاستهلاكية الأخرى. عند العمل تحت الأرض في مناجم مادة التالك، يمكن أن يتعرض عمال المناجم أيضًا لمواد أخرى قد تؤثر في احتمال الإصابة بسرطان الرئة، مثل غاز الرادون المسبب لسرطان الرئة. ولابد أيضًا من أخذ عوامل احتمال الإصابة بسرطان الرئة الأخرى، مثل التدخين، في الاعتبار.

لم يُبلغ عن ارتفاع في نسبة احتمال الإصابة بسرطان الرئة عند استخدام بودرة التالك المستخدمة في مستحضرات التجميل ومنتجات العناية الشخصية.

سرطانات أخرى

لم يوجد دليل قوي على أن استخدام بودرة التالك له علاقة بسرطانات أخرى، على الرغم من أن جميع احتمالات علاقة بودرة التالك بالإصابة بأنواع سرطانات أخرى لم تخضع إلى دراسات مفصلة.

أفادت إحدى الدراسات بأن استخدام بودرة التالك على المواضع التناسلية قد يرفع بشكل طفيف من احتمال الإصابة بسرطان بطانة الرحم لدى النساء اللاتي تجاوزن سن اليأس [تعتبر المرأة في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث لو مر 12 شهرًا متتاليًا بلا دورة شهرية (6)]. لكن دراسات أخرى لم تجد مثل هذه العلاقة السببية. هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لاستكشاف هذه العلاقة السببية بشكل أكثر تفصيلًا.

وقد تناولت بعض الأبحاث المحدودة أيضًا في وجود علاقة سببية محتملة بين استنشاق غبار بودرة التلك في العمل وأنواع السرطانات الأخرى، مثل سرطان المعدة وسرطان الظهارة المتوسطة (7) الجنبي (أي سرطان البطانة المحيطة بالرئتين). لكن لا يوجد هناك دليل قوي على مثل هذه العلاقات السببية في الوقت الحالي.

مادا تقول الوكالات المتخصصة

تقوم الكثير من الوكالات الوطنية والدولية بدراسة المواد المنتشرة في البيئة لمعرفة ما إذا هي من مسببات السرطان. (المادة المسرطنة هي المادة التي تسبب السرطان أو تساعد على نمو الأورام السرطانية). وتتطلع جمعية السرطان الأمريكية إلى هذه الوكالات لتقييم الإحتمالات بناءً على أدلة من دراسات بحثية مختبرية وحيوانية وبشرية.

الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC)(8) هي جزء من منظمة الصحة العالمية (WHO). أحد أهدافها الرئيسة هو التعرف على مسببات السرطان.

– تصنف الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC) بودرة التالك التي تحتوي على مادة الأسبستوس على أنها مادة مسرطنة للبشر.

– تصنف الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC) بودرة التالك على أنها “من المحتمل أن تكون مادة مسرطنة للبشر”، بناءً على أدلة “محدودة” على سرطان (المبيض) الذي يصيب النساء، وأدلة “كافية” على أنها مسببة للسرطان في حيوانات المختبر، وأدلة مخبرية “قوية” على أنها تحتوي على بعض الخصائص الرئيسة لـ المادة المسرطنة.

– برنامج علم السموم الوطني الأمريكي (NTP) هو برنامج مشترك بين عدة وكالات حكومية مختلفة، بما فيها المعاهد الوطنية للصحة (NIH)، ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، وإدارة الغذاء والدواء (FDA). لم يقم هذا البرنامج بمراجعة بودرة التالك بشكل كامل (سواء أكانت البودرة المختلطة بمادة الأسبستوس أو الخالية منها) باعتبارها مادة مسرطنة محتملة.

(لمزيد من المعلومات حول أنظمة التصنيف التي تستخدمها هذه الوكالات، راجع موقع الجمعية الأمريكية للسرطان لتتعرف على ما إذا كانت مادة من المواد مسرطنة ومسرطنة للبشر سواء أكانت معروفة بأنها كذلك أو محتملة أن تكون كذلك (9)).

هل يمكنني تجنب أو الحد من تعرضي لبودرة التالك؟

نتائج الدراسات التي أجريت على الاستخدام الشخصي لبودرة التالك لم تكن نتائج قاطعة، على الرغم من وجود بعض الاقتراحات التي تشير إلى نسبة احتمال مرتفعة للإصابة بسرطان المبيض. هناك بعض الأدلة القليلة جدًا حاليًا على أن هناك أي من الأشكال الأخرى من السرطانات له علاقة سببية باستخدام بودرة التالك.

وإلى أن تتوفر معلومات كافية، الذين يشعرون بالقلق إزاء العلاقة السببية المحتملة بين استخدام بودرة التالك والإصابة بالسرطان قد يختارون تجنب استخدام المنتجات الاستهلاكية التي تحتوي على هذه البودرة أو الحد من استخدامها.

مصادر من داخل وخارج النص

1- https://ar.wikipedia.org/wiki/طلق_(معدن)

2- https://ar.wikipedia.org/wiki/أسبست

3- https://ar.wikipedia.org/wiki/عازل_أنثوي

4- https://ar.wikipedia.org/wiki/دراسة_الحالات_والشواهد

5- https://ar.wikipedia.org/wiki/دراسة_التعرض

6- https://www.healthdirect.gov.au/post-menopause

7- https://ar.wikipedia.org/wiki/ورم_المتوسطة

8- https://ar.wikipedia.org/wiki/الوكالة_الدولية_لبحوث_السرطان

9- https://www.cancer.org/cancer/risk-prevention/understanding-cancer-risk/known-and-probable-human-carcinogens.html

المصدر الرئيس

https://www.cancer.org/cancer/risk-prevention/chemicals/talcum-powder-and-cancer.html

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى